استخدم الرئيس الأمريكي باراك أوباما القوة العسكرية والتهديدات المبطنة لمواجهة تهديدات كل من استخدام كوريا الشمالية صواريخها النووية وجهود إيران لتخصيب المزيد من اليورانيوم بشكل أسرع في مستهل فترة ولايته الثانية، فقد تحطم طموحه النبيل علي مدار الأربع سنوات الماضية بالحد من انتشار الاسلحة النووية من خلال الحوار الدبلوماسي.
وهو ما لا يعني أن طموحات اوباما لم تكن جديرة بالاهتمام أو أنه يتعين علينا التخلي عن الدبلوماسية، ولكن يعني أن الرئيس يجب أن يهتم بشكل أكبر بتهيئة الظروف التي يمكن فيها استخدام الدبلوماسية بشكل فعال.
يبدو أن الرئيس اعتقد أن سحبه للقوات الأمريكية من العراق وأفغانستان سريعا سوف يعزز موقفه في تناول الأزمات الخارجية الأخري، والا كيف يمكننا تفسير ثقته المتناهية في قدرته علي إنجاز أجندته الخارجية بعيدة المدي؟
ولكن التجربة الأمريكية في أعقاب فيتنام تؤكد أن ثمار الانسحاب الاستراتيجي تأتي ببطء، لذلك كان يتعين علي الرئيس اوباما إرسال قاذفات الشبح «بي 2» لتحلق فوق سول لطمأنة اليابان وكوريا الجنوبية ولن تتخلي عنهما في حالة تجاوز كيم جونج اون، رئيس كوريا الشمالية، حدود تهديداته غير المتوقعة.
وبعد الجولة الأخيرة من المحادثات الدولية مع إيران التي لم تسفر سوي عن مأزق جديد، صدق اوباما بشكل نهائي الأسبوع الماضي علي حزمة ضخمة من الأسلحة الأمريكية بقيمة 10 مليارات دولار لاسرائيل والسعودية والامارات العربية المتحدة إذ يعترض كل من هذه الدول علي امتلاك ايران لأسلحة نووية.
وأوضح وزير الدفاع الأمريكي، شاج هاجيل، أن حزمة الأسلحة إشارة واضحة لإيران،، ووصفت وسائل الإعلام الإيرانية تلك الصفقة بأنها تحريض علي النزاع الاقليمي.
وصل هيجل إلي الإمارات الأربعاء الماضي للاتفاق علي التفاصيل النهائية لصفقة الأسلحة المعقدة والتي من شأنها أن تؤدي إلي تضييق الخناق علي اوباما لاستخدام الدبلوماسية في الحد من انتشار الأسلحة النووية.
تعد هذه الحزمة غير متوازنة وغير عملية وسوف يكون من الصعب إدارتها بشكل متماسك، حيث أن منح كل دولة من البلدان الثلاثة الأسلحة يعد أمراً منطقياً، ولكن جمعهم معا في حزمة سياسية واحدة يعد امراً تكتيكياً وساخراً في نفس الوقت.
سوف تمد البنتاجون اسرائيل بطائرات «في 22 اوسبري» وطائرات حديثة للتزويد بالوقود وصواريخ مضادة للطائرات، وهذه الاسلحة من شأنها أن تزيد من قدرة اسرائيل علي شن هجوم ضد إيران بالرغم من أن اوباما ضغط بشدة علي نتنياهو لتجنب هذا الهجوم، تضعف هذه الإمدادات دون قصد استراتيجية الاحتواء التي يمارسها اوباما بصفة مستمرة في الشرق الاوسط لاحتواء نفوذ اسرائيل.
سوف يتعين علي الولايات المتحدة التعامل مع الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته من خلال تراجعها عن إمداد السعوديين والإماراتيين بالصواريخ في حين أنها تطالبهما بتطوير قدراتهما الضرورية لمواجهة التهديد الإيراني.
كما أن الإمارات خاصة تستحق معاملة أفضل من ذلك،حيث أنها دعمت سياسة الولايات المتحدة الخارجية من افغانستان حتي شمال افريقيا بالقوات والمال والطائرات والتصرف المسئول الرزين لحليف يمكن الوثوق به، ولكن وفقا لسياسة البنتاجون فإن أي سلاح يباع للامارات يجب أن يكون متاحا للسعودية والدول الأعضاء الأربعة في مجلس التعاون الخليجي،الا أن امريكا لا تثق بتلك الدول جميعا بنفس قدر ثقتها في الإمارات.
طالبت السعودية والإمارات بأحدث وأقوي الصواريخ «ايه جي إم 158»، ولكن الولايات المتحدة سوف تمدها بصواريخ أقل تطورا.
وتعتبر صواريخ «إيه جي ام» فعالة بشكل كبير في ضرب الدفاع الجوي الإيراني وأي منشآت نووية في أعماق الارض اذا نشبت الحرب،الا أن أمريكا أمدت بها لايرلندا وفنلندا فقط، فيما طورت اسرائيل الصواريخ ذات القدرة علي التخفي.
هذا هو الرد السياسي علي الأزمات المتتالية، حيث تصبح الرسائل بشأن النوايا غامضة بالنسبة لكل من الحلفاء والاعداء علي حد سواء.
بقلم: جيم هوجلاند
المصدر: واشنطن بوست