بقلم: الكسندر سوفوكليس بييري
إن الدكتورة عائشة نتو ليست مجرد رئيسة تنفيذية لشركة « العين للعين للبصريات – Eye 2 Eye Optics »، بل هي قائدة ناجحة لأعمال شركة العائلة، ورائدة في مجال دعم المرأة في القطاع الخاص السعودي.
بعد أن كانت حكراً علي مصممي الملابس والخياطين البارعين وصانعي الأحذية المهرة، أصبحت الموضة اليوم لا تعرف حدوداً، وصارت تغطي احتياجات عشاق التسوق جميعها من الرأس إلي القدم. ومع تزايد الطلب علي الاكسسوارات كي تتناسب مع كل قطعة ملابس، باتت تجارة النظارات عملاً ضخماً، إذ تقوم «العين للعين للبصريات» بالمزج بين الرؤية وبين الأناقة. وتحت شعار «غير مظهرك»، تتخصص سلسلة البيع بالتجزئة التي ترأسها عائلة نتو، الرئيسة التنفيذية لـ «العين للعين للبصريات» والشخصية اللامعة في قطاع الأعمال في المملكة – تشهد شركة العائلة نجاحات متواصلة، بالإضافة إلي طموح الدكتورة نتو في تعزيز دور المرأة ضمن القطاع الخاص في بلادها.
وبالنسبة إلي رئيسة هذه الشركة العائلة، فإن معركة الفجوة بين الجنسين قد حُسمت نتيجتها بالفعل وانتصرت فيها، وتركز استراتيجية شركة الدكتورة نتو – حالياً – علي تقديم أفضل خدمة للزبائن وعلي تحقيق أعلي الأرباح أيضاً «وكلاهما معتمد علي الآخر»، تقول الرئيسة التنفيذية: «إنها ليست شركة للبصريات أو مجرد شركة للنظارات الطبية أو الشمسية أو للعدسات اللاصقة، فالعملاء بحاجة إلي الحصول علي الخدمات اللائقة أيضاً»، وحتي تنجز هذا الأمر، فهي تصر علي أن يخضع موظفو المبيعات للتدريب المكثف، ليس كاختصاصيي بصريات فقط بل لكي يتعلموا المهارات الأساسية لخدمة العملاء ويحسنوها أيضاً، بالإضافة إلي الاهتمام بجوانب الموضة، فهؤلاء الموظفون يقومون بإدارة عدد من المتاجر في أنحاء المملكة، ويقدمون النصح للزبائن حول اختيار النظارات المناسبة ويرسخون لفلسفة مفادها:
ان النظارات كالملابس، تتغير وفقاً للمناسبة، سواء أكانت رسمية أم غير ذلك.
وتمتد رؤية نتو إلي ما هو أبعد من حدود وطنها السعودية، إذ حصلت « العين للعين للبصريات » علي ترخيص لتقديم خدمات التدريب خارج المملكة، ففي العام الماضي، جلب الفريق خبراته إلي دولة الإمارات، وتعاون مع جمارك دبي وبعض مؤسسات الرعاية الصحية لتدريب الموظفين علي لغة الإشارة وخدمة العملاء، لاسيما ضمن صناعة البصريات.
إن صناعة النظارات تتطور سريعاً في دولة الإمارات وتتحول إلي سوق مزدهرة، ما يشكل خياراً استراتيجياً صائباً لنمو الشركة. مؤسسة «يورو مونيتور الدولية» لبحوث السوق ومركزها لندن، تري في سوق النظارات واحدة من الأسواق المزدهرة للبضائع الفاخرة علي نطاق الدولة، فقد حققت 392.5 مليون دولار كصافي مبيعات في العام 2012. ووفقاً لتقرير حديث صادر عن المؤسسة: ستواصل الماركات الفاخرة هيمنتها في الوقت الذي تحصد منتجاتها ذات النسخ محدودة شعبية متزايدة.
وبالعودة إلي السعودية، وبالرغم من عدم توافر الإحصاءات المالية المتعلقة بالسوق المحلية للنظارات، تؤمن نتو ان النجاح يتعلق بالموضة مثلما يتعلق بالأرقام، إذ ان ما يتحكم في خط إنتاجها هو أهواء المستهلك، تقول: الأمر يعتمد علي التوجه السائد خلال العام، لا أستطيع القول ان أي ماركة تجارية تعد أكثر رواجاً اليوم أو غداً، فذلك مرهون بالطلب، كما ان التنوع السوقي يزداد تعقيداً نظراً لما تعده نتو تدفقاً لشركات المنتجات الفاخرة ذات الأسماء الكبيرة، مثل: بورش ومرسيدس واللتين تتفرعان عن صناعة منتجهما الأساسي منتجات أخري في عالم الموضة.
ووفقاً لعائشة، فإن أفراد عائلة نتو الذين يحتلون أعلي المناصب في الشركة مترابطون للغاية، وتجمع بينهم الرغبة في تحقيق النجاح وحب ما يؤدونه من أعمال.
كما ان الرئيسة التنفيذية التي تعمل إلي جانب زوجها وابنها وأختها واثقة من ان بإمكانها الاعتماد دوماً علي دعم عائلتها في الأوقات جميعها، كما انها سعيدة أيضاً بدورها كرئيسة تنفيذية، وهو منصب قد وضعها أمام تحديات جمة.
لكن المسألة الأخري التي تثير قلق نتو تكمن في مستقبل شركتها، ومعرفة من سيتولي دفة القيادة، فالرئيسة التنفيذية التي تحمل درجة الدكتوراه في إدارة الأعمال تنتقد الشركات التي تساعد أفراد العائلات علي تسلم مناصب إدارية مهمة علي أساس صلة القرابة فقط، إذ تقول:
أعتقد ان ذلك عمل خاطئ، كما تري أن الشركة العائلية تحتاج إلي التنظيم ووضع الأهداف، وشروط واضحة للأدوار الإدارية، وتشير بالقول: ينبغي ان يكون القادة مؤهلين وشغوفين بأعمالهم.. لذا لابد من الفصل بين الإدارة والمساهمين من أفراد العائلة.
وبينما تنظر إلي ابنها حلمي نتو، وهو مرشح محتمل لخلافتها، تصر نتو علي ان الشخص الملائم لهذه الوظيفة بحاجة إلي ان يثبت جدارته أولاً عبر امتلاك الخبرة والقدرات.
كذلك، فإن حلمي نتو الذي يعمل في الشركة علي صعيد العمليات التشغيلية بوصفه أحد المدراء التنفيذيين في شركة « العين للعين للبصريات » يتطلع إلي تولي دور أكثر فاعلية في توجيه الأعمال، فيقول: أود أن أسهم في نمو الشركة وجلب المستثمرين وتشكيل مجلس إدارة، وان أشارك علي صعيد وضع الاستراتيجيات. كما أود إنشاء الأعمال وافتتاح شركات جديدة وتطويرها، ويضيف نجل الدكتورة نتو – الحاصل علي الماجستير في إدارة الأعمال، والذي أدرك من خلال تعليمه ضرورة التخطيط لكل خطوة يتخذها: إنها لا تعتقد أبداً أن هناك أي شيء صعب، وهو ما يتعارض قليلاً مع طريقة تفكيري، إنها تقول دائماً: دعونا نتخذ الخطوة الأولي ثم نري كيف تسير الأمور، لكني تعلمت أن أبدأ أولاً بإجراءات بسيطة وسريعة.
كان التعاقب الوظيفي قضية مثيرة للجدل دائماً، لكن غالباً ما يغض الطرف عنها، تقول فريدة العجمي، المحامية والمديرة العامة في منتدي ثروات للشركات العائلية: تركز العائلات علي تطوير الشركة غالباً، ولا تدرك أهمية التخطيط للتعاقب الوظيفي سوي في أوقات الأزمات، وفضلاً عن تعطيل الأعمال اليومية، فهي تحذر من أن القضايا المتعلقة بالتعاقب الوظيفي يمكن أن تتسبب في عرقلة عملية صنع القرارات، والتأثير سلباً علي الاستدامة والنمو، بل تمزيق الروابط العائلية في أسوأ الحالات.
ولا شك ان تفكير نتو في الخطوات التالية لشركتها ينم عن الحكمة، لكنها أيضاً منغمسة بشكل كامل في أداء دورها، فهي لا تظهر أي دلالة علي رغبتها في الحد من ذلك الدور في المستقبل القريب، وفي الحقيقة، تبدو خبيرة صناعة النظارات منهمكة في عملها أكثر من أي وقت مضي سواء داخل شركتها أو خارجها، وبالإضافة إلي إدارة «العين للعين للبصريات»، تلعب نتو دوراً نشطاً في المجتمع فهي تحتل مناصب إدارية في منظمات عدة داخل السعودية، منها: المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، والأكاديمية البريطانية لتطوير الموارد البشرية، وجمعية أبصار للمرأة في جدة، كما انها الرئيسة التنفيذية وعضو مجلس الإدارة في غرفة جدة. كما انها الرئيسة التنفيذية وعضو مجلس الإدارة في غرفة جدة للتجارة والصناعة منذ 4 سنوات، وهو منصب يساعدها علي نقل تصورات المرأة في القطاع الخاص، تقول نتو: أنا صوت القطاع الخاص ونظراً لوجود العديد من المشكلات في هذا القطاع، فإن النساء بحاجة إلي من يمثل وجهة نظرهن.
وفيما تثني نتو علي التقدم الحاصل خلال السنوات الـ 5 الأخيرة، فإنها تري أن ثمة قضيتين مهمتين تعوقان تقدم النساء في السعودية، الأولي هي: وسائل النقل العام التي تتسم عموماً بعدم كفايتها وقلة تنظيمها وضعف جاهزيتها. ونتيجة ذلك، فإن النساء العاملات لا يجدن الكثير من الخيارات المتاحة للتنقل، وغالباً ما يلجأن إلي بدائل مكلفة أو يبقين في منازلهن اضطراراً. وبالرغم من بدء التحرك في هذا الشأن، فإن نتو لا تتوقع إحراز نتائج ملموسة قبل 3 أو 4 سنوات أخري.
أما القضية الثانية، فهي: ندرة التواجد النسائي في القطاع الخاص في السعودية، وهي المشكلة التي تتضاعف في ظل ما تُطلق عليه نتو اسم «الحاجز الاجتماعي».
لقد تحركت الحكومة السعودية نحو دعم المرأة في القطاع الخاص، أملاً في الحد من تزايد حجم البطالة في البلاد، لكن المشكلة تكمن في الرأي العام للمجتمع، إذ تُثني المرأة عن العمل في شركات القطاع الخاص من قبل العائلة والمجتمع معاً. وبالرغم من توافر فرص عمل جمة، تلمح نتو إلي أن معظم النساء في القطاع الخاص لا يرغبن في العمل إلي جانب الرجال، وتري أن العديد منهن يسعين إلي العمل في منظمات خاصة بالمرأة فقط، وهي ببساطة ليست بالكثيرة إن الحاجز الاجتماعي عقبة رئيسية، وتري نتو وغيرها ضرورة التغلب علي هذه العقبة من أجل المساعدة في تخفيف حدة البطالة في البلاد، ودعم توجه الحكومة للتحول من العمالة الأجنبية إلي العمالة المحلية.
وبالنظر إلي المستقبل، تشعر الرئيسة التنفيذية لـ «العين للعين للبصريات» بالتفاؤل حيال الأعمال القائمة في عام 2013، لكنها متيقظة أيضاً إلي طبيعة التغير المستمر في مجال الموضة، الذي تلعب فيه صناعة النظارات دوراً متزايد الأهمية.








