يهدد الصراع بين مراكز القوي الدينية المتنافسة علي المؤسسات في مصر وطبيعة هويتها الإسلامية الإقتصاد والإستقرار في أكثر الدول العربية تكدسا بالسكان.
في الوقت الذي ركز فيه المراقبين في مصر علي الصراع بين العلمانيين والإسلاميين بإعتباره واقع الحياة السياسية الذي تعيشه البلاد منذ فوز محمد مرسي بالإنتخابات الرئاسية العام الماضي، يقول بعض المحللين أن هناك صراع يجري بنفس الحدة بين الجماعات الإسلامية المتنافسة.
هذا الصراع له عواقب إقتصادية وآثار سياسية حيث تناحرت تلك الجماعات لإكتساب أرضية شعبية حيال تناولها عدد من القضايا مثل سوق جديدة لسندات الدين وحزمة المليارات الدولارية من قبل صندوق النقد الدولي وإرتفاع معدلات المواليد بالبلاد.
قال شادي حامد، باحث في مركز أبحاث بروكنجز الدوحة، أعتقد أن ما نشهده هو صراع من أجل من يمثل الإسلام في مصر، فهناك العديد من المتنافسين وكل لديه تصوره المختلف بشأن دور الإسلام في الحياة العامة.
تكاثرت الجماعات الإسلامية منذ إندلاع الثورة منذ أكثر من عامين ولكنهم إنقسموا بشكل عام بين جماعة الإخوان المسلمين المهيمنة سياسيا والسلفيين وقادة الأزهر، تري الفرق الإسلامية الثلاث أن الإسلام يلعب دورا حيويا في الحياة العامة والمؤسسات والإقتصاد في مصر بعد الثورة، إلا أنهم ينقسمون حسب ولاءاتهم السياسية وخلافاتهم المذهبية.
يؤمن السلفيون بالنسخة المتزمتة للإسلام والتفسير الدقيق للقرآن، بينما تشكلت الرؤية الدينية للإخوان المسلمين من خلال سنوات في الخنادق السياسية والخدمات الإجتماعية، أما الأزهر فيقوده رجال دين متعلمين تعليما عاليا ويميلون إلي المذهب الصوفي في الإسلام وعلي مقربة من المعارضة الليبرالية.
يقول المحللون أن تداعيات عدم الإستقرار جراء الصراع علي السلطة قد تقع في الأغلب علي الإقتصاد المصري، فبعد أن أقر مرسي مشروع قانون الصكوك، أراد علماء الازهر مراجعة هذا القانون ليتوافق مع الشريعة الإسلامية، كما إعترض بعض السلفيين علي إتفاقية قرض صندوق النقد الدولي الذي يبلغ 4.8 مليار دولار علي أساس أن الفائدة حرام شرعا.
تنعكس آثار هذا الصراع علي السلطة على كافة نواحي الحياة المصرية، حيث رفض المسئولين من جماعة الإخوان المسلمين، والقيادات بحزب الحرية والعدالة، لقاء المسئولين الدوليين لتنظيم الأسرة فى مصر خلال الشهر الماضى قبل مؤتمر السكان الذى سينعقد فى يونيو المقبل، ويقول أحد هؤلاء المسئولين الدوليين لقد كان الإخوان واضحين، حيث قالوا إنهم ليسوا ضد تنظيم الأسرة ولكنهم لا يرغبون فى إثارة المشاكل مع السلفيين، منافسيهم الإسلاميين الاكثر تشددا.
تفجر هذا الصراع واصبح علنا عندما أصيب عدد من طلاب الازهر بالتسمم وإنتهز الإخوان المسلمين والسلفيين الفرصة لإضعاف القادة المعتدلين بالازهر، فنجد أن الرئيس محمد مرسي سرعان ما ندد بسوء الإدارة في المؤسسة الازهرية كما انتقد السلفيون كبار رجال الدين بالازهر، إحتقن هذا النزاع ايضا حيال التعيينات في الأماكن الشاغرة بالهيئة المشرفة علي الأزهر.
بالإضافة الي ذلك، أشارت بعض المعارك الأخري بين الجماعات الإسلامية الي التأثيرات الجيوسياسية التي تلقي بظلالها علي السياسية المصرية وذلك عندما زار مئات السائحين الايرانيين صعيد مصر في ابريل الماضي واتهم السلفيين الحكومة بالسماح للشيعة بنشر مذهبهم في المجتمع السني، وقال زعيما بالحزب السلفي إننا لن نجني الكثير من هذا سوي تمويل الإرهاب، وقال محمد سودان، المتحدث بإسم حزب الحرية والعدالة لقد كانوا مجرد سائحين، ولكن ربما يرجع موقف السلفيين إلى الضغوط التى تمارسها المملكة العربية السعودية التى تخشى من تنامى العلاقات بين مصر وإيران.
وكيف سينتهي هذا الصراع من شأنه أن يشكل السياسة المصرية والاقتصاد والمجتمع لسنوات عديدة.
بقلم: بورزو دراغي
المصدر: فاينانشيال تايمز