قبل عدة أيام وصلتني رسالة من موقع (أمازون) تخبرني بأن سعر الكتاب الذي كنت قد طلبته انخفض، وأن الموقع قد أعاد إلي فرق السعر. لقد كان الفرق ضئيلا جدا، لكن هذا المبلغ الزهيد هو السبب الأساسي لولائي كعميل لهذا الموقع.
ليس من طبعي التسوق كثيرا، ولا أنتبه عادة إلى النقاط أو القسائم التي أجمعها عند شرائي لبعض الحاجيات عبر مواقع الانترنت. لم يسبق لي عرض مشكلتي مع خدمات أمازون على (تويتر) لجذب انتباه المسؤولين عن الموقع، ولست مهتما بقراءة مشاكل مشابهة. أنا لست مشتركا بصفحة أمازون على فيسبوك، كما أن أحدا لم ينصحني باللجوء لخدماته.
معظم ما اشتريته من أمازون هو الكتب، على الرغم من أن هذا الموقع يبيع كل شيء يخطر ببالك. يوفر موقع (أمازون) الشحن المجاني للسلعة التي تشتريها إذا ما اشتريت شيئا إضافيا، ما يعد عرضا مناسبا جدا بالنسبة لي. كما إن (أمازون) يقترح علي سلعا معينة بناء على ما اشتريته مسبقا، مما يجعلني عادة أشتري هذه السلع أو أعجب بها على الأقل.
إنني عميل مخلص لـ(أمازون)، والسبب الرئيسي في ذلك هو فرق السعر ذاك الذي اعادوه لي، وليس المبلغ هو المهم، بل المبدأ بحد ذاته. تلك البادرة كانت اختيارية من جانب (أمازون)، ولم يكن علي عمل أي شيء لقاءها. لقد أثبتت هذه البادرة البسيطة مدى نزاهة وشفافية الموقع، وهما سببان كافيان لجعلي عميلا مخلصا من عملائه.
في العادة، لا أحد يتطرق لولاء العملاء من هذا المنظور، فكل الطروحات في هذا الموضوع تركز على أهمية حل المشاكل التي تواجه العميل أو تزويده بمزايا إضافية. أعلم تمام العلم أن خدمة العملاء وإرضاءهم لهما الأهمية القصوى في بناء قاعدة من العملاء الأوفياء لأي مؤسسة، ولكن أليست هذه النظرة رجعية بعض الشيء؟ إن ما يهم هو الحفاظ على العملاء الذين استقطبتهم وجعلهم أوفياء لك مدى الحياة.
إن ولاء العملاء أمر لا يشترى لقاء تقديم خدمات هي أصلا من مسؤوليات المؤسسة، بل هو شعور ينبع من أشياء أهم لا يمكن الترويج لها أو عرضها كمزية تكنولوجية متطورة. وهذا بالضبط ما يمثله فرق سعر ذلك الكتاب الذي أعيد لي، فهذه البادرة منطقية جدا، ولها الأثر البالغ في جعل أسعار (أمازون) تبدو معقولة أكثر، إلا أنني لا أرى مؤسسات كثيرة تطبقها. إن هذه الخطوة البسيطة تجعل شركة (أمازون) تبدو أكثر صدقا في نظري وتشجعني على التعامل معها لأنني أشعر بأنها مؤسسة تحترمني كعميل.
أنا لا أكترث إن كانت هنالك معادلة معقدة وراء تجربة شراء كل عميل، فكسب ولاء العميل لا يتعلق بتقديم خدمات مطلوبة وضرورية بالأصل، بل يعتمد على تقديم بادرة حسنة دون أي مقابل. أتساءل لم تنفق المؤسسات الملايين سنويا لكسب ولاء العملاء في حين يمكنها تحقيق ذلك عن طريق إجراء تعاملاتها بنزاهة وصدق وشفافية، وقد أثبت موقع (أمازون) لي أنه يتمتع بهذه الصفات لقاء مبلغ زهيد للغاية، وما عدا ذلك هو عبارة عن طرق للترويج لا أكثر ولا أقل.
تنشر بالاتفاق مع فوربس الشرق الاوسط
بقلم : جوناثان باسكين