يدرك خامنئي أن نتائج الانتخابات سيكون لها أثر كبير علي حكمه واستقرار بلاده
أحمدي نجاد لديه الآن العديد من الاعداء يحولون دون استمراره في السلطة طويلا
ما يهم في ظل أجواء الانتخابات الرئاسية العادية هو المرشحون وبرامجهم فقط، ولكن ذلك لا ينطبق في إيران ، حيث يعد المرشد الأعلي، علي خامنئي، هو اللاعب الرئيسي في الانتخابات الرئاسية، الذي يمنعه الدستور من الترشح، يدرك خامنئي أن نتائج الانتخابات سيكون لها أثر كبير علي حكمه واستقرار بلاده، لذلك فهو يفعل كل ما في وسعه خلف الكواليس حتي يضمن أن الانتخابات تخدم مصالحه.
الجزء الأول من استراتيجية الخامنئي ذات الأربع محاور هو إدارة الانتخابات بشكل منظم، فالكابوس بالنسبة للمرشد الأعلي هو تكرار ما حدث في الانتخابات الرئاسية عام 2009 عندما أدت الادعاءات بسرقة أحمدي نجاد الفوز من منافسه حسين مسافي إلي مظاهرات حاشدة وظهور الحركة الخضراء الإصلاحية الشعبية.
لذلك بذل الخامنئي هذه المرة جهوداً متضافرة لجعل الشعب الإيراني يفقد الثقة في المحتجين الذين من المحتمل أن ينزلوا إلي الشوارع، حيث شنت قوات الحرس الثوري وقوات الأمن حملة دعائية لربط أي اضطرابات يوم الانتخابات أو بعدها بالولايات المتحدة وخططها المزعومة لزعزعة استقرار النظام، فعلي سبيل المثال، حذر جواني، رئيس الدائرة السياسية لحرس الثورة الإيرانية، بأن شعار «انتخابات حرة ونزيهة» هو رمز أمريكي يشير إلي الفتنة.
المحور الثاني من خطة الخامنئي الانتخابية هو تشجيع الناخبين علي الإقبال علي الانتخابات بشكل كبير، حيث يري المرشد الأعلي أن ذلك سوف يعيد الشرعية الانتخابية في إيران.
العنصر الثالث من الاستراتيجية هو عدول المرشحين ممن لا يثق الخامنئي بأنهم سيكونون خاضعين له في إدارة البلاد عن الترشح، وحتي يحقق هذا الهدف، نجد أن أول خط للهجوم بالنسبة له هو الاعتماد علي وسائل الإعلام وخلفائه داخل المؤسسة الدينية لتشويه سمعة المرشحين غير المرغوب بهم، وقد استخدم المرشد الأعلي تلك الاستراتيجية بنجاح ضد الرئيس السابق محمد خاتمي الذي اعلن عن نيته للترشح، حيث تم انتقاده في وسائل الإعلام لقيامه باصلاحات خلال فترة رئاسته أضعفت بلاده وانتقد ايضا لدعمه الحركة الخضراء حتي قرر خاتمي في النهاية عدم الترشح.
الخيار الآخر بالنسبة لخامنئي هو الاعتماد علي مجلس صيانة الدستور لاستبعاد أي مرشح مشكوك في التزامه الأيديولوجي للمرشد الاعلي، وقد عين خامنئي ستة أعضاء من اصل اثني عشر عضوا في هذه المؤسسة المنوطة بتفسير وحماية الدستور الإيراني والموافقة علي مرشحي الرئاسة، وسوف يلجأ الخامنئي إلي تلك الهيئة للتعامل مع المرشحين الرئاسيين.
يعد مشائي القضية الأسهل بالنسبة لخامنئي، حيث يحلم نجاد بفوز مشائي بلقب الرئيس بينما يحكم هو من وراء الكواليس ثم يدعم مشائي عودة نجادي للسلطة عندما يحين الوقت المناسب، ولكن من غير المرجح أن تسير الأمور علي هذا النحو، فأحمدي نجاد لديه الآن العديد من الاعداء يحولون دون استمراره في السلطة طويلا، فضلا عن أن مشائي غير محبوب بالنسبة للمحافظين وخامنئي، كما انه مذموم لترويجه «للتيار المنحرف» الذي يرفض الحكم المباشر لرجال الدين وأبطال القومية الإيرانية لتعارض ذلك مع الإسلام.
كان علي الخامنئي محق في قلقه من ترشح رفسنجاني للرئاسة والذي تم استبعاده والذي كان يمتلك المهارة والرؤية والدهاء والدعم الشعبي المطلوبة للفوز في الانتخابات.
يمتلك رفسنجاني شبكة متنامية من المؤيدين داخل الحكومة والحرس الثوري والمؤسسة الدينية، وقد أيده خاتمي وكان من المتوقع ان تدعمه المنظمات الإصلاحية الرئيسية، كما انه تعهد باتباع سياسة خارجية معتدلة وحل الازمة النووية، وأعلن ايضا ان إيران ليست في حالة حرب مع اسرائيل ولكنها ستنضم إلي العرب اذا اعلنوا الحرب، كما صرح بأن شرعية المرشد الأعلي لا تنبعث من الله فقط ولكن من ارادة الشعب ايضا.
بقلم: محسن ميلاني
المصدر: فورين افيرز