إن التوجهات التجارية تصوغ رأي المجتمع، وتعرفنا بالمسار الذي نسلكه كمجتمع عالمي واحد. ومما يثير اهتمام المعنيين بالتسويق والاتصالات، أن هذه التوجهات تحكم القرارات التي يتخذها المستهلكون بشأن عمليات الشراء. لكن ما الذي يجعل العلامة التجارية تصبح توجها عاما يواكب متطلبات العصر؟
إن (أبل) شركة عظيمة، إذ يبدو كأنها تستطيع التغلب على التهديدات التي تعترض سبيلها بكفاءة وذكاء عاليين؛ فهي تفسح المجال لمزيد من الرغبة في توافر التصميم الأنيق والجذاب في الحياة اليومية، كما تواصل تصدرها للتصنيفات العالمية المتعلقة بقيمة العلامات التجارية، وتحافظ على سمعتها بوصفها شركة خلاقة بالرغم من مجيء المنتجات المنافسة الأخرى، ونشوء عدد من المشكلات مؤخرا. فقد خرجت أبل سالمة من الجدل الذي أثير حديثا حول استراتيجية الضرائب الخاص بها، مما أدى إلى عقد جلسة استماع للجنة من مجلس الشيوخ. وحتى أشد أعضاء مجلس الشيوخ ضراوة وأكثرهم حقدا على هذه الشركة كانوا يمدحونها قائلين: “نحن نحب آيفون وآيباد” و”لقد استطاعت أبل أن تغير العالم”.
إذا ما هي الأدوات التي تمكن العلامات التجارية من أن تغدو توجهات عامة في المجتمعات، وتبقي على شعبيتها الواسعة في الوقت نفسه؟ هناك بعض النقاط المهمة التي يجب الأخذ بها:
العزف على وتر المشاعر:
كي نفهم ما يقود توجهات السوق، علينا أولا أن ننظر إلى الأفراد وما يؤثر فيهم؛ فقرارات الشراء تعد قرارات شخصية تحكمها العواطف المرتبطة بهوياتنا الخاصة، أي بما يعجبنا وبما نود أن نكون عليه. لذا فإن العلامات التجارية التي تلامس هذه العواطف تنجح في تشكيل رابطة أقوى مع المستهلك، فتراها تبرهن لك كم أن هذه المنتجات أو تلك، مفيدة لتحسين أسلوب حياتك وإرضاء طموحاتك، وهكذا يصبح المرء متعلقا بها في حياته اليومية أكثر فأكثر.
زيادة التأثير الاجتماعي:
وفقا لدراسة حديثة أعدتها (كراودتاب- Crowdtap)، فإن 92% من المستهلكين يثقون بآراء أصدقائهم وعائلاتهم وزملائهم ويتأثرون بها أكثر من أي وسيلة إعلانية، حينما يتخذون قرار الشراء. وذلك لأن هذه الفئة تفهم قيم المستهلكين الذين يؤمنون بأن نصيحتها لهم صادقة ومفيدة. وتعد (آفون- Avon) من بين الأمثلة على العلامات التجارية التي تجعل من التسوق الإلكتروني تجربة اجتماعية، من خلال استعمال تطبيق فيسبوك: (Like My Lips) الذي يسمح للمستهلكين بتجربة أحمر الشفاه رقميا، وتبادل الصور مع الأصدقاء والعائلة للتعرف إلى آرائهم.
الارتباط بالجانب الثقافي:
إن الارتباط بالجانب الثقافي والأخبار الاجتماعية الآنية، عامل حيوي في إبراز العلامة التجارية أمام المستهلكين. مثال ذلك: لاقى تحويل رواية (غاتسبي العظيم- The Great Gatsby ) إلى فيلم، استحسانا كبيرا في المجتمع الذي يحب الترفيه عموما؛ إذ تصدر الفيلم عناوين الصحف الرئيسة وحلقات النقاش في مواقع التواصل الاجتماعي. لذا قامت العديد من العلامات التجارية بإطلاق صيحات موضة مستلهمة من عقد العشرينات، بما فيها شركة (تيفاني- Tiffany) التي أصدرت مؤخرا مجموعة مجوهرات مستوحاة من “عصر الجاز”، بالإضافة إلى سلسلة متاجر (بلومينغديل- Bloomingdale) و(رو لا لا- Rue La La) اللتين سلطتا الضوء على أزياء العشرينات من القرن الماضي عبر موقعهما الإلكتروني.
يمكننا القول أخيرا: إن عمليات التواصل الجريئة والمبادرات التسويقية التي تلامس التجارب الشخصية بعمق، وتستثير ردود أفعال المجتمع، وتواكب الأحداث المهمة، قادرة على تحقيق نجاح هائل في عالم اليوم، الذي يبرز فيه نمط “التوجهات العامة” في النشاطات التجارية والاقتصادية على نحو عام.
بقلم : كاثي بلومغاردن
تنشر بالاتفاق مع فوربس الشرق الاوسط








