حمـدي رشاد : لا داعي لإصدار قانون خاص للاستثمار في محور قناة السويس
قانون الصكوك يثير الريبة.. ووجود صندوق لضمان المخاطر ضرورة
4 آلاف منشأة اقتصادية أغلقت أبوابها منذ الثورة وننتظر المزيد
إصدار قانون موحد لتخصيص الأراضي ينهي عصر «إدارة الأيدي المرتعشة»
بطء الحكومة في إجراءات التصالح مع المستثمرين يعطل تدفق الاستثمارات
قال المهندس حمدي رشاد ، رئيس لجنة الاستثمار بجمعية رجال الأعمال ، إن الاقتصاد المصري يمر بمحنة صعبة للغاية تتطلب وجود أياد قوية قادرة علي اتخاذ قرارات من شأنها تعديل مسار المنحني الاقتصادي من الهبوط إلي الارتفاع.
وأضاف أن الحكومة الحالية مطالبة بضرورة التصدي لجميع المشكلات الاقتصادية والسعي إلي حلها، وأن يحرص كل وزير علي تحقيق هذا الهدف من موقعه، خاصة في ظل تداخل المشكلات، التي تواجه نمو الأنشطة والأعمال من نقص في الطاقة والأراضي والبنية التحتية.
وكشف رشاد في حوار لـ «البورصة » أن مشروع الاستثمار في اقليم قناة السويس مطلوب وكان يجب البدء فيه من سنوات، لكنه لا يوجد ما يبرر عدم اخضاع الاستثمار في هذه المنطقة للقوانين المصرية، وان يكون له قانون منفرد، وهو أمر يثير الريبة، خاصة أن الاقليم يقع في محور عالمي مهم، ولذلك يجب ان يكون خاضعاً للقانون المصري.
وأوضح أنه اذا كان الغرض من صياغة قانون منفرد ييتح المزيد من التيسيرات والحوافز للاستثمار في هذا المشروع الضخم، فانه من الاولي ان يتم تيسير جميع قوانين الاستثمار في مصر بكاملها، ولا يكون محور قناة السويس استثناء.
واقترح رئيس لجنة الاستثمار في جمعية رجال الأعمال أنه إذا كان لابد من استثناء في قانون محور قناة السويس، فإنه من الأجدي ان يكون وضع شرط أن تكون جميع المشروعات المقامة علي محور القناة 51% منها ملكية مصرية للقطاع الخاص المصري، مؤكدا أن هذا القطاع قادراً علي الدخول في مشروعات عملاقة، وأنه له سابقة أعمال محترمة وهي المشروعات الكبيرة التي أقامها في مجال السياحة والعقارات والاتصالات واللوجيستيات.
ولفت إلي أن وضع هذه المادة تدرأ أي شكوك حول الاستثمار في هذه المنطقة الحساسة بالإضافة إلي وجود عدد من الصناعات لا يتم طرحها للأجانب مثل الإنتاج العسكري والاتصالات.
وكشف أن عدد المنشآت الاقتصادية، التي خرجت من الخدمة منذ الثورة وحتي الآن تتعدي 4 آلاف منشأة بين انتاجية وخدمية وتتنوع بين مصانع وشركات خدمات ولم تتطرق الحكومة الحالية أو الدولة إلي تشغيل هذه المنشآت ولم تقدم حلولاً حقيقية لهذة المشكلة، وأن ترك الأوضاع الحالية دون تدخل سريع من شأنه زيادة عدد المنشآت المتعطلة، ما يصعب امكانية علاج هذه الأزمة التي تتفاقم وبسرعه.
وانتقد رشاد بطء الحكومة في إجراءات التصالح مع رجال الأعمال وهو ما عطل جذب استثمارات خارجية أو توسعات داخلية للأنشطة القائمة في ظل هذا المناخ الطارد، مشيراً إلي أن التصالح مع رجال الأعمال في القضايا المرتبطة ببرنامج الخصخصة مسألة ضرورية، لأن رجل الاعمال لا يمكن ان نحمله ذنب فساد النظام السابق.
وذكر أن المستثمر تقدم لشراء مصانع أو أي منشأة بسعر معين وفقا للاشتراطات التي وضعها القانون، فارتضت الدولة السعر، الذي تم عرضه ثم دفعه بعد اتمام صفقة البيع، وبالتالي فان انهاء مشكلات ملف الخصخصة ضروري وبسرعة معتبراً التصالح هو أولي الخطوات التي من شأنها تحسين مناخ الاستثمار في مصر.
ولفت إلي أن القوانين الضريبية التي تقوم الحكومة بصياغتها واعادة تعديلها الآن لا يرفضها قطاع المنتجين ورجال الاعمال في مصر بغالبيتهم، وأنه تم توضيح هذا في اكثر من لقاء مع مسئولين حكوميين وعبرت جميع منظمات الأعمال عن استعدادها لدفع ضرائب اكثر في ظل الأزمة الراهنة، لكن بشرط أن توضح الحكومة بنود صرف الحصيلة الضريبية والتأكد من أنها تسهم في حل مشكلة العدالة الاجتماعية في مصر.
وأكد رئيس لجنة الاستثمار أن تحسين الوضع المعيشي للشعب من زيادة دخول وبنية تحتية قوية ومرافق وخدمات آدمية من شأنه تحسين البيئة المصرية ككل، مما يعود بالنفع علي الجميع وليس محدودي الدخل فقط، وأن المستثمر لا يهمه الضرائب بقدر ما يهتم بمناخ الأعمال وتوفير المرافق اللازمة لاقامة المنشآت، وأن زيادة الضرئب في مقابل توفير الامن والخدمات يعد ميزة وليس عيبا في بيئة الاستثمار.
وأوضح أن ارتباط التعديلات الضريبية الحالية بقرض صندوق النقد الدولي مسألة ضرورية حتي يضمن البنك استرداد أمواله، وأن التعديلات الضريبية والاصلاحات الاقتصادية مثل ترشيد الدعم هي قضايا اقتصادية متراكمة منذ النظام السابق، وان مصر تأخرت كثيراً في تخفيض فاتورة الدعم، مما جعله يتسع بشكل كبير، ويذهب للأغنياء قبل الفقراء، وأصبحت مسألة ترشيده مهمة صعبة خاصة في ظل الاوضاع السياسية الحالية.
وقال رشاد ان الحكومة تخشي إقرار ضريبة المبيعات، التي تعتبر احد اهم شروط النقد الدولي لاعتبارات سياسية واجتماعية، وأن قرض الصندوق حيوي جداً بالنسبة للاقتصاد، وسيكون بمثابة اعتراف دوليا بقدرة الاقتصاد المصري علي التعافي، وأن كل تأخير في المفاوضات يهدف إلي عدم تطبيق الاصلاحات لحين انتهاء موسم الانتخابات المقبلة، مما سيزيد من تعقيدات ملف التفاوض، وسيجعل الصندوق يشترط اصلاحات اكثر مما نستطيع فعله.
واضاف أن كل يوم يمر علي الاقتصاد المصري دون تطبيق برنامج اصلاح اقتصادي يزيد من تدهور الوضع الأقتصادي، مطالبا الحكومة بايجاد بدائل لزيادة الإيرادات العامة بعيداً عن فرض الضرائب ذات التأثير علي محدودي الدخل، وأنه لا مانع من إقرار ضريبة الثروة أو استكمال الخصخصة علي أسس سليمة وبقيمة عادلة للمنشآت المباعة وليست الخصخصة علي نهج النظام السابق.
وأشار إلي وجود عدد كبير من المنشآت الاقتصادية تمثل عبئاً علي الحكومة وليس لدي الحكومة خطط واضحة للاستفادة منها، وبالتالي يجب اسناد هذه المهمة للقطاع الخاص بقيمة عادلة تضمن حق الدولة، ويمكن تقديم خطط بهذه المسألة إلي البنك الدولي نظرا للآثار المجتمعية التي يمكن ان تنتج عن فرض ضرائب تزيد الاعباء علي محدودي الدخل.
وأوضح حمدي رشاد أن قضية التمويل البنكي للمشروعات تعتبر احد العوائق التي تقف كحجر عثرة أمام تحقيق معدلات نمو مرتفع، وأن البنوك تحجم عن تمويل هذه المشروعات لتخوفها من مستقبل الاقتصاد، وأنها تختار زيادة استثماراتها في أذون الخزانه، لأن هذه الأداة أقل مخاطرة وأعلي عائداً، وبالتالي فان البنوك وجدت في هذه الأداة البديل الأمثل.
ولفت إلي أن مشكلة نقص الاراضي المرفقة احد اهم عوامل بطء نمو الاستثمار الصناعي في مصر خلال السنوات الخمس الاخيرة لأن مشكلة نقص الاراضي المرفقة قائمة منذ فترة، وأن المسئولين يلجأون الآن إلي آليات اسناد الأراضي للشركات بدلا من تخصيصها خوفاً من المحاكمة.
وطالب بوجود قانون موحد ذي رؤية موحدة من جانب الدولة فيما يخص تخصيص الاراضي للانشطة الاقتصادية بحيث يكون قانوناً واضح المعالم وبعيد عن الثغرات لتشجيع المسئولين علي قرارات إيجابية من شأنها عودة الروح للنشاط الاقتصادي وخاصة المشروعات الجديدة والتوسعات للمصانع القائمة.
قال رشاد إن مشكلة الطاقة، التي تعاني منها مصر من شأنها تخفيض حجم الاستثمارات الموجهة إلي قطاع الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، وأن قرار غلق المحلات التجارية الساعة العاشرة كان قراراً صائباً، ولكنه لم يفعل كما ان عودة التوقيت الصيفي مرة اخري مسألة ضرورية، لما يترتب علي ذلك من خفض لاستهلاك الطاقة.
واضاف أن حل مشكلة الطاقة تحتم علي الدولة أيضا تشجيع المشروعات، التي تستخدم الطاقة البديلة، واقرار حوافز وتيسيرات للاستثمار في مشروعات انتاج الطاقة الشمسية، والبحث عن أفضل الآليات المتوافرة لزيادة عمليات استيراد مواد الطاقة التقليدية مثل الفحم والنفط والغاز المسال لمواكبة الاحتياج المتنامي للطاقة في مصر.
وحول قانون الصكوك، قال رشاد إن لجنة الاستثمار بالجمعية تؤيد وجود مشروع الصكوك كأداة تمويلية مطلوبة من شأنها دفع حركة الاستثمار خاصة في المشروعات الكبيرة والصناعات الثقيلة، لكن هناك مجموعة من الملاحظات أوردتها اللجنة وعرضتها علي اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري، وأنه تم الأخذ ببعضها، وترك عدد منها خاصة فيما يخص اللجنة الشرعية المركزية.
وأضاف أن ما يزيد الأمور تعقيداً هو أن القانون يشترط في أعضاء هذه اللجنة المركزية، وكذلك في اللجان الفرعية أن يكون لكل عضو خبرة عملية لا تقل عن ثلاث سنوات في عضوية الهيئات الشرعية مما يغلق الباب علي دخول أي أعضاء جدد، وأن مشروع القانون يسمح بأن يكون رئيس الهيئة ونائبه من غير المصريين وهو أمر يثير الريبة أيضاً خاصة، ولأنه من المتوقع ان تصل تمويلات الصكوك إلي مليارات الدولارات، ومن ثم لابد أن يكون القرار مصريا خالصا، الا أن القانون يقيد دخول المصريين في هذه اللجنة لعدم وجود كوادر تعمل في هذا المجال تحظي بالخبرة المطلوبة.
وطالب رئيس لجنة الاستثمار بجمعية رجال الأعمال بضرورة عمل صندوق مركزي لضمان مخاطر الصكوك، لأنه لا يصح أن يكون لكل مشروع صندوق مخاطر علي حده، مؤكدا أن هناك صندوقاً مختصاً بحماية المستثمرين بالاوراق المالية رأسماله مليار و 200 مليون جنيه وغير مفعل، وأن دوره اقتصر علي تقديم دعم للمستثمرين في الأوراق المالية قدره 20 مليون جنيه فقط منذ إنشائه، فيما يتم صرف مخصصات هذا الصندوق في مرتبات ومكافآت العاملين.
وأكد رشاد أن صدور قرار يضمن قيام صندوق حماية المستثمرين بالاوراق المالية بحماية مخاطر المتعاملين بالصكوك من شأنه التشجيع علي الاستثمار في الصكوك أكثر من أن يكون هناك صندوق لكل مشروع علي حدة.








