لقد فاز روحاني بالرئاسة لأنه وعد بأن يحقق قدرا من العقلانية لسياسة إيران الفوضوية
يتعين علي روحاني ايضا العمل مع المحافظين الذين سيطروا علي كل فرع من فروع الحكومة الإيرانية
يشيد المؤيدون بالرئيس روحاني المنتخب ووصفوه بأنه بطل التغيير في حين يراه منتقدوه شخصاً فطناً موالياً للنظام الهدف من وجوده هو منح إيران بعض الوقت لتصبح قوي نووية، إلا أن الحقيقة اكثر تعقيدا.
لقد فاز روحاني بالرئاسة لأنه وعد بأن يحقق قدرا من العقلانية لسياسة إيران الفوضوية كما تعهد بتحسين الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد وان يحترم حقوق الإنسان ويطلق سراح المعتقلين السياسيين واستبدال السياسة الخارجية التصادمية التي اتبعها احمدي نجاد بأخري تهدف إلي استئناف العلاقات مع العالم.
روحاني شخص واقعي بمافيه الكفاية ليدرك انه لا يوجد فصيل في نظام إيران المستقطب للغاية يستطيع أن يحقق مثل هذه الأجندة بمفرده، فخلال الست عشرة سنة الماضية، شهد روحاني كلاً من الفصيل الاصلاحي تحت رئاسة محمد خاتمي والفصيل المحافظ تحت رئاسة محمود احمدي نجاد وهما يحاولان تحقيق اجنداتهما وحدهما، وكانت النتيجة في كلتا الحالتين حدوث توتر وانشقاق بين النخبة، لذلك تعهد روحاني بتشكيل حكومة شاملة تضم غالبية التكنوقراطيين الاكفاء من جميع الفصائل.
ولكن مازال هناك من قد يعرقل اجندة روحاني وعلي رأسهم المرشد الاعلي علي خامنئي، ففترة رئاسة خاتمي علمت روحاني أن الدولة الإسلامية تقاوم الاصلاح خاصة اذا كان الرئيس والمرشد الاعلي لا يعملون بشكل تعاوني، فخاتمي لم ينشئ ابدا علاقة وطيدة مع آية الله وأهدر طاقاته في محاربة المعارضين المحافظين الذين عارضوا اصلاحاته بشدة، لذا فمن غير المرجح أن يتحدي روحاني خامنئي بشكل مباشر أو أن يشرع سياسات لا يدعمها المرشد الاعلي علي الاقل في بداية ولايته الرئاسية كما أنه كان مقربا من خامنئي لسنوات.
يتعين علي روحاني ايضا العمل مع المحافظين الذين سيطروا علي كل فرع من فروع الحكومة الإيرانية علي مدي الثمانية اعوام الماضية ومازالوا يسيطرون علي البرلمان والقضاء والاعلام، كما انه سيضطر إلي الالتفاف حول الحرس الثوري وقوات الأمن الذين بإمكانهم احباط اجندته، فببساطة يمكن القول بأنه من المرجح أن تكون وتيرة التغيير بطيئة.
خلال حملته الانتخابية، وعد روحاني بأن يتبني سياسة خارجية معتدلة، ومن المرجح أن يبدأ التغيير في السياسة الخارجية لإيران مع شن هجوم ساحر علي جيرانها وخاصة البلدان العربية ودول الخليج.
من احدي الطرق التي من المرجح أن يلجأ اليها روحاني لتغيير النظام القديم بشكل جذري والوصول إلي السعودية وبحث امكانية انهاء الحرب الباردة وايجاد طريقة لمعالجة تنافسهم حيث إن عدم الثقة بين البلدين عميق واختلافاتهم كبيرة، فقد كانوا علي طرفي النقيض من الصراعات الجارية في البحرين والعراق ولبنان وسوريا، الا أن السعودية مازالت ترحب بوعود روحاني لتحسين العلاقات والتي تعد في حد ذاتها خطوة اولي جيدة، وقد تبدأ علاقات اعمق بينهما مع مناقشات الحرب الاهلية الدامية في سوريا وكيفية الحد من التوترات الطائفية بين السنة والشيعة التي تزعزع استقرار الشرق الاوسط.
ورغم انه من غير المرجح تغيير روحاني لاستراتيجية إيران مع سوريا، فإن ادارته من المرجح أن تكون اكثر مرونة بشأن مستقبل نظام الاسد عن سابقتها.
ستكون أولويات السياسة الخارجية لروحاني بعد ذلك اقامة علاقات ودية مع اوروبا، فعندما كان كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي، وافق روحاني علي تعليق انشطة تخصيب اليورانيوم مؤقتا، وتم التفاوض علي هذا الاتفاق المهم مع فرنسا والمانيا والمملكة المتحدة، لذلك قد يستخدم علاقاته مع تلك الدول الثلاث في محاولاته لرفع العقوبات عن إيران.
وبالرغم من أن محاولته لتعليق انشطة تخصيب اليورانيوم ستكون اجراء انتحاريا، فإنه قد يوافق علي جعل برنامج إيران النووي اكثر شفافية واخضاعه للتفتيش الدولي الدقيق، كما قد يوافق حتي علي وقف عمليات تخصيب اليورانيوم مؤقتا بنسبة 20% إذا حصل علي تنازلات كافية من الغرب.
روحاني ليس ديمقراطيا أو حتي اصلاحيا، بل هو سياسي وسطي منوط بمهمة انقاذ الجمهورية الإسلامية من نفسها وتحسين الاقتصاد ومنع اندلاع حرب مع الولايات المتحدة وايجاد حل للمأزق النووي، كما أنه يجب أن يعمل في نظام جعل معاداته لامريكا الركيزة الاساسية لسياسته الخارجية.
بقلم: محسن ميلاني
المصدر: فورين افيرز