تجاهل الإصلاح الهيكلى والاعتماد على التصدير فى تحقيق نمو مستدام
كثيرا ما كانت تنجو البرازيل خلال سنوات الازدهار الاقتصادى من اتخاذ قرارات صعبة تتعلق بإجراء إصلاحات هيكلية للاقتصاد لضمان نمو مستدام، حيث دعم الطلب الآسيوى على السلع حساباتها الخارجية فى حين ساعد نمو الائتمان المحلى وقوة سعر الصرف فى ازدياد الطلب على الواردات خاصة السلع الاستهلاكية بشكل حاد.
ولكن منذ عام 2010 أخذ الاقتصاد البرازيلى يتباطأ بشدة وتسارعت معدلات التضخم وافترست الاحتجاجات الجماهيرية ضد سوء الخدمات العامة والفساد شعبية الرئيس ديلما روسيف، ويقول البعض إنه مع عدم وجود مجال للمناورة وانخفاض قيمة العملة بنسبة %25، فقد تضطر الحكومة الى العودة لمبادئها الاقتصادية الاساسية.
يقول روبيرتو سيتوبال، الرئيس التنفيذى لبنك ايتاو، لقد كان الشعور بخيبة الأمل حيال النمو أحد اسباب الاحتجاجات الشعبية، وأضاف سيتوبال أن البرازيل تمر بمرحلة انتقالية وينبغى ان يتكيف الاقتصاد مع سعر الصرف الجديد ومستوى النمو الصينى الجديد ايضا وسوف يستغرق الأمر بضع سنوات حتى يتكيف الاقتصاد مع تلك الظروف الجديدة ولكن بمجرد ان يتأقلم مع هذه التغيرات سوف يعود النمو القوى مرة اخري. يرى المستثمرون والقطاع الخاص ان الحكومة فى هذه الاثناء فى حاجة الى القيام بصدمة ائتمانية لدعم الثقة الواهنة، ويقول مسئولو الحكومة انهم يفعلون كل ما يجب القيام به فى هذه المرحلة بالرغم من ان هناك بوادر ضئيلة على ان صانعى السياسة بالبرازيل تبنوا سياسة اقتصادية جديدة.
وأحد الامثلة على ذلك، انه بعد اثنى عشر عاما من المفاوضات فشلت ميركسور_ الكتلة التجارية لدول أمريكا اللاتينية التى تضم الأرجنتين والبرازيل وباراجواى وأوروجواى وفنزويلا- فى التوصل الى اتفاقية للتجارة الحرة مع الاتحاد الاوروبي.
وبالرغم من اهميته الجيوسياسية للبرازيل، يحمل الميركسور قيمة اقتصادية اقل بالنسبة للبلاد، حيث إن نصف صادرات البرازيل تذهب الى الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى والصين فى حين تذهب %9 من صادراتها الى الارجنتين، اهم شريك فى الميركسور.
يرى جوزيه موجيكا، رئيس اوروجواي، ان الميركسور فى حاجة لأن تكون اكثر مرونة، ففى الفترة ما بين 2000 و2010 نمت التجارة بين دول الميركسور بوتيرة ابطأ من نمو التجارة بين بلدان امريكا اللاتينية، وذلك وفقا لبيانات الامم المتحدة.
وفى الوقت ذاته تصب الحكومة تركيزها على دعم الاستثمار لدفع عجلة الاقتصاد، بعد عقد من نموذج الانفاق الاستهلاكى المفرط، حيث تستثمر البرازيل %18 من الناتج المحلى الاجمالى مقارنة مع المتوسط الاقليمى الذى يبلغ %24. وتتضمن علامات قيادة الاستثمار للنمو خصخصة المطارات وبيع المناطق البترولية بالمزاد العلنى وبرامج للبنية التحتية لبناء الطرق والسكك الحديدية. يقول المسئولون، إن تراجع الطلب وانخفاض سعر الصرف يساعدان الشركات على زيادة هوامش الربح ودعم الاستثمار.
ومن العلامات الواضحة على عودة البرازيل الى عقائدها الاقتصادية القديمة يأتى تشديد السياسة النقدية من اجل السيطرة على معدلات التضخم التى اقتربت من سقف النسبة المستهدفة وهى %6.5 وذلك من خلال رفع أسعار الفائدة.
وقد اعتمدت البرازيل العام الماضى على الرقابة على الاسعار مثل البنزين للحفاظ على معدلات منخفضة للتضخم.
قال ايلان جولدفاجن، كبير خبراء الاقتصاد فى بنك ايتاو، أنه لايزال من المبكر القول اذا ما كانت الحكومة التى لم تعرف سوى سنوات الازدهار قادرة على التكيف مع الاحتياجات السياسية فى اوقات التقشف.
ومما يزيد الشكوك بشأن تكيف الحكومة مع التغيرات الاقتصادية هو انه من المستبعد خفض الانفاق الحكومى قبيل الانتخابات المقرر انعقادها العام القادم حيث ان تراجع شعبية روسيف يعنى أنها لم تعد المرشح الأقوى بالفوز بالرئاسة.








