ضعف الإنتاج جراء التنقيب فى الحقول البعيدة واضطرابات الشرق الأوسط
تعانى شركات البترول الكبرى أكسون موبيل وشيفرون وشل وتوتال انخفاضاً فى أرباحها على أساس سنوي، حيث تراجع ناتج البترول والغاز لتلك الشركات عدا توتال رغم الارتفاع الهائل فى انفاق رأس المال، فالتكاليف كانت مرتفعة والعائدات منخفضة رغم أن أسعار البترول وصلت إلى 100 دولار للبرميل. فالشركات الكبرى التى هيمنت على عالم شركات البترول خلال السنوات القليلة الماضية، تبدو الآن فى مأزق حيث لا يلتفت إليها المستثمرون وينبذها العديد.
يبدو أن تلك الشركات الرائدة انحسرت فى دائرة انفاق المزيد من رأس المال لإيجاد وإنتاج القليل من البترول، حيث تخلى عنها المستثمرون واتجهوا إلى منافسين اصغر واكثر فطنة خاصة ممن هم فى طليعة الصخر الزيتى فى أمريكا الشمالية.
قال دان بيكيرينج، الرئيس المشارك فى شركة تودور بيكرينج هولت، إنه تحدٍ حقيقى بالنسبة لهذه الشركات بأن تزيد حجم إنتاجها بالرغم من أسعار البترول المرتفعة، فالشركات المستقلة تنمو بنسبة %30 سنوياً، بينما تناضل الشركات الكبرى من اجل الحفاظ على مستوى نموها.
وبحسب صحيفة الفاينانشيال تايمز، فإن كل ذلك يؤثر حتماً على تقييمات تلك الشركات حيث تراجع اداء الشركات الخمس الكبرى فى مؤشر ستاندرد آند بورز بنحو %15 من بداية هذا العام حتى الآن.
وقد كانت الأسباب وراء الأداء الضعيف للشركات الكبرى مختلفة فى كل شركة، فقد تضررت شركات شل وتوتال وانى من سرقة البترول وتدمير خطوط الانابيب فى نيجيريا، بينما كان لارتفاع الضرائب وسعر الصرف اثاره المدمرة على شركة بى بي، فى حين تأثرت شركة اكسون بتراجع هوامش ربحية التكرير وتأثرت شيفرون بتكاليف الصيانة الباهظة لمصافى التكرير فى الولايات المتحدة.
ولكن هناك سيناريو مشتركاً بين كل هذه الأسباب ألا وهو ارتفاع النفقات الرأسمالية، حيث كانت التدفقات النقدية من العمليات فى بعض الحالات غير كافية لتغطية كل من الانفاق الرأسمالى وأرباح الأسهم، ونتيجة لذلك اضطرت بعض الشركات إلى الاقتراض أو بيع الأصول من أجل سد فجوة التمويل.
شهدت شركات الطاقة الكبرى أزمة مماثلة عام 1999 واوائل عام 2009 اعقبها انخفاض حاد فى أسعار البترول، ولكن الأمر مختلف هذه المرة، حيث ظلت اسعار البترول مرتفعة وبدلاً من ازدياد التدفقات النقدية، فإن النفقات الرأسمالية هى التى اخذت فى الازدياد، لأن الشركات تتجه إلى مناطق أكثر بُعداً وتحتاج إلى تحديات تقنية أكبر ورأسمال أكثر كثافة.
ولكن هناك جانباً إيجابياً لازدياد النفقات الرأسمالية، فالشركات الكبرى ظلت لسنوات ممنوعة من دخول البلدان الغنية بالبترول فى الشرق الأوسط ومضغوطة من قبل ازدياد تأميم الموارد فى روسيا وفنزويلا ووسط آسيا، وعوضت ذلك ببناء مواقع كبيرة فى اماكن مثل بحر الشمال وألاسكا والمياه العميقة فى خليج المكسيك، ولكنها كانت مقيدة ولم تتمكن من تحقيق المزيد من النمو.
ولكن طفرة الصخر الزيتى غيرت كل ذلك، حيث فتح الحفر الأفقى والتكسير الهيدروليكى الطريق أمام أماكن غير تقليدية فى الولايات المتحدة وكندا حيث تتمتع الشركات الغربية بحرية العمل.
وتعد هذه الطفرة بالنسبة للشركات الكبرى بمثابة وليمة بعد سنوات من المجاعة.
ويقول مارتجين راتس، محلل فى مورجان ستانلى، إنه على النقيض من السنوات القليلة الماضية يقول الرؤساء التنفيذيون لشركات البترول الكبرى إن أمامهم الآن واحدة من أفضل الفرص التى لم يحصلوا على مثلها منذ فترة طويلة.