هل سيحدث انهيار اقتصادي في مصر؟ متى سيحدث انهيار اقتصادى في مصر؟ طبعا لن يحدث انهيار اقتصادي في مصر, صح؟
ثلاثة أسئلة عادة أتلقاها من أصدقاء و معارف, كل حسب مخاوفه و فهمة و توجهاته السياسية, سأحاول هنا أن ألخص بطريقة بلدي إجابة لهذا السؤال الذي يبدو أنة يدور في عقول كثيرين:
أولا: اقتصاد مصر يوجد به خلل هيكلي , باختصار مصر دوما في أزمة اقتصاد ية, مصر تنتقل من أزمة إلى أزمة مع اختلاف حدة الأزمة من وقت لأخر و من نظام سياسي إلى أخر.
ثانيا: حين تسمع أحد يتكلم عن عجز الموازنة و مشكلة الدولار و النمو و التضخم: خليك متأكد أنة هيقول هناك مشكلة لأن هذه الأرقام دوما في حالة سيئة خاصة بعد 25 يناير و كانت أكثر سوءا في 2001 و اشد سوءا في نهاية الثمانينات, مثلا المرة الوحيدة التي حققت مصر فائض في الميزانية و ليس عجز كانت في سنة 1946 نتيجة بيع القطن للحلفاء.
ثالثا: جزء كبير من اقتصاد مصر لا تدركه الأرقام أو الخبراء لأن حوالي 50% من اقتصاد مصر هو اقتصاد غير رسمي “بياع خضار, تباع, عامل بناء, ساعي, الخ الخ الخ”, صدقني معظم الخبراء لا يفهمون شيئا عن السوق غير الرسمي في مصر على الرغم إنك قد تكون تنفق نصف دخلك على الأقل في هذا السوق.
رابعا: دوما هناك فرصة في مصر, مهما كانت الأزمة فمصر سوق واسع جدا و دوما ستوجد فرصة, سواء في العقار أو التصدير أو استيراد منتج رخيص أو الدولار أو البورصة, دوما هناك فرصة مهما كانت الأزمة قاسية.
خامسا: أي مسئول في مصر بيتعلم قاعدة مهمة ” نحل مشكلة بكرة و بعدين نتكلم في مشكلة الشهر الجاى” بمعنى أن التخطيط في مصر صعب جدا و المشكلة دوما قريبة و صعبة هي ما تستحوذ على الاهتمام, لذا حين يتكلم بتوع الاقتصاد أن هناك معضلة قادمة بعد سنة لا يهتم المسئول الحكومى لأنة مشغول بالتعامل مع مشكلة بكرة, و دوما حين نصل لمشكلة السنة المقبله سيظهر حل حتى لو حل غير مثالى, الحلول محفوظة: إقترض من البنوك المصرية, إقترض من الخليج و إقترض من الغرب و أمريكا: مصر تدار بهذا الشكل منذ 40 سنة و لا يجرؤ و لا يملك أحد على تغيير هذة المعادلة في المدى القريب.
سادسا: أقصى أزمة اقتصادية مدمرة مرت على مصر كانت في نهاية الثمانينات, حيث ارتفعت الأسعار بشدة و أصبح معظم الشعب فقير بشكل واضح, اختفى الاستثمار, لا فرص عمل إلا في السفر, اختفاء الدولار حتى أن الحكومة كانت تشترى الدولار من السوق السوداء, توقفت مصر عن دفع مديونياتها مما يعنى إفلاس حقيقي: على الرغم من كل ذلك لم ينهار الاقتصاد و ظهر غزو صدام للكويت لتنهال المعونات على مصر و تتفادى الإفلاس, هذا درس أخر تعلمه أى مسئول مصرى أنة حين تأتى لحظة الإفلاس فربنا هيرسل حل لإنقاذ مصر فمصر لا تنهار أبدا !!!
سابعا: دوما في مصر حين تتفاعل أحداث سياسية سيئة مع الخلل الهيكلي بالاقتصاد تحدث مشكلة ارتفاع أسعار و أزمة دولار و إقبال على العقار, لكن لم يحدث مرة أن وصل ارتفاع الأسعار لما يسمى Hyper Inflation و هو التضخم القاتل حيث ترتفع الأسعار يوميا مما يدمر العملة ويدمر البنوك و يقتل التجارة الداخلية, هذة لم تحدث في مصر طوال 80 سنة, ظنى لن تحدث مادام هناك 90 مليون إنسان يستهلكون و يصدرون و يأتي لهم سائحون و لديهم مصانع كبيرة و يبنون بيوت كثيرة و هناك حد أدنى من الثقة في الاقتصاد.
ثامنا: طالما يستمر الخليج في إرسال معوناته لمصر, سيظل المسئول الحكومي قادر على الاستمرار في طريقة المعتاد وهو التعامل مع مشكلة اليوم و الغد و تجاهل مشكلة المستقبل, لكن يوما بعد يوم سيصبح الوضع أصعب مع استمرار القلاقل السياسية و ضعف السياحة و الاستثمار الأجنبي.
تاسعا: القلق الحقيقي سيكون لحظة توقف الخليج عن إرسال معونات لمصر مع عدم وجود دخل من السياحة و الاستثمار الأجنبي: هذه لحظة رعب و لكنها إلى الآن لم تحدث أبدا في تاريخ مصر الحديث.
عاشرا: لا أحد يعلم إلى متى سيستمر دعم الخليج و حجمه, هذه نقطة غموض هامة و لذا تحاول أي حكومة مصرية أن تنشط السياحة و الاستثمار الأجنبي تحسبا للحظة يتوقف فيها دعم الخليج أو يقل.