أزمة المرور ظهرت فى القاهرة الكبرى منذ نهاية سبعينيات القرن الماضى وتفاقمت فى النصف الأول من الثمانييات نتيجة تزايد ظاهرة الهجرة من الريف والأقاليم إلى القاهرة الكبرى ، وبالرغم من محاولة الجكومات المتتالية لوضع حلول لها منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضى متمثلة فى سلسلة من الطرق والكبارى وباكورة خطوط مترو الأنفاق إلا ان المشكلة لم تحل لأن العاصمة نفسها كانت تتضخم أفقياً نتيجة ظهور العشرات من المناطق العشوائيه عبر البناء على الأطراف الريفيه للقاهرة الكبرى وكذلك عبر ظهور عدد من الاحياء المتوسطة والراقية شرق القاهرة هذا بخلاف تضاعف عدد سكان مصر فى الفترة من 1980 إلى 2008 .
وبحلول الالفية الثالثه إزدادات المشكلة أفقياً ورأسياً .. أفقياً نتيجة أستفحال ظاهرة المناطق العشوائيه و المناطق غير المخططه من جهة ونتيجة نشوء مجتمعات عمرانية جديده حول القاهرة ومرتبطه بها أرتباط شبه كلى من جهة اخرى ونتيجة لذلك نشات ظاهرة قوافل السيارات القادمة والمغادره للقاهرة صباح ومساء كل يوم ، ورأسياً عبر إزدياد عدد المركبات بأنواعها المختلفه داخل العاصمه نتيجة الإتجاه للنمط الإستهلاك لدى فئات كثيرة من الشعب وكذلك نتيجة التحسن الأقتصادى لفئات أخرى ، وبالتالى أصبحنا بصدد مدينة يعيش بها 20 مليون نسمة وبها 5 مليون مركبة .
ونتيجة لذلك أستعصت كافة المحاولات خلال ربع القرن الماضى على حل تلك المشكلة نتيجة التهام التوسع العمرانى وازدياد عدد المركبات والسكان لأى جهد مبذول لحل الأزمة من خلال إعادة تخطيط الشوارع أو أنشاء عدد كبير من الطرق والمحاور والكبارى وخطوط مترو الأنفاق .. ألخ ، ونتج عن موجات الزحام الرهيب تلك خسائر أقتصاديه كبيرة وتعطيل للمصالح الخاصة العامة وضياع للوقت وإرهاق لأعصاب قائدى المركبات وراكبيها ويتسبب فى إزدياد معدلات تلوث البيئة وزيادة معدلات إستهلاك الوقود ، هذا بالإضافة إلى التأثير السلبى لذلك على قطاع السياحة وذلك لعزوف السائحين عن وضع القاهرة ضمن برنامج زيارتهم السياحية لمصر نتيجة ما يعانوه من الزحام الشديد .
وزادت المشكلة عاماً بعد عام وفى الأسابيع الأخيرة تحولت تلك الظاهرة إلى جحيم لا يطاق حتى كادت السيارات تزحف على الأرض زحفاً وأصبح تاجيل حل الأزمة ترف لانملكه ، ومن هنا أقترح الحلول التالية للأزمة على المدى القصير والمتوسط والطويل
اولاً : على المدى القصير ( فترة لا تزيد عن 60 يوم )
v إزالة كافة إشغالات الطريق فوراً سواء كانت باعه جائلين أو اكشاك ومحلات ومقاهى غير مرخصة أو مواقف سيارات عشوائيه أو أكوام قمامة ومخلفات بناء .
v منع اى سيارة يزيد عمرها عن 15 سنه من إستعمال كبارى وانفاق العاصمة فى الفترة من 7 صباحاً وحتى 11 مساءاً ومن يتضرر من ذلك القرار يتم إلزامه بعمل فحص شامل لسيارته بواسطة لجان فنية متخصصه – بعيداً عن الرشاوى – للتاكد من ان حالتها لا تجعلها تتعرض لأعطال متكرره ينتج عنها تعطل الطرق .
v يتم العمل بنظام تخصيص يومين فى الأسبوع بالتبادل لسير السيارات ذات الأرقام الفرديه والزوجيه داخل العاصمة وذلك للفترة من 7 صباحاً وحتى 11 مساءاً فيخصص مثلاً يومى الاحد والثلاثاء للسيارات ذات الارقام الفرديه ويومى الإثنين والأربعاء لسير الأرقام الزوجيه ويومى العطله الجمعه والسبت يكونا للجميع ، أما يوم الخميس ونظراً لانه يوم السفر والنزهه والتسوق فيسمح لكل من يريد بالسير فيه مقابل دفع رسم شهرى مقداره 100 جنيه مع منع كافة وسائل نقل البضائع من السير بشوارع العاصمة يوم الخميس .. اما من يريد استخدام سيارته طوال أيام الأسبوع فيسمح له بذلك بعد دفع رسم شهرى قدره 500 جنيه .
v زيادة أسعار البنزين والسولار إلى الحد الذى لا يجعل من قيادة السيارة هى نزهه مجانية او زهيدة الثمن ، فزيادة سعر الوقود سيجعل المرأ يفكر كثيراً قبل أتخاذ قرار إستخدام سيارته فى أمر يمكن تاجيله او إلغائه ، كما أن هذا القرار مع القرار السابق سيشجع على توصيل بعضهم البعض بالتبادل ، وبالطبع سيكون هناك معالجة للأثار الإجتماعيه لزيادة سعر الوقود .
v وضع مادة فى قانون التظاهر الجديد تقصر المظاهرات التى ينتج عنها شغل وتعطيل الطرق والكبارى والميادين لتكون فقط يومى الجمعه والسبت ، ويقتصر تنظيم المظاهرات فى باقى أيام الأسبوع على المظاهرات غير المعطله للطرق والكبارى والميادين .
v قيام الأجهزة التنفيذيه بالفتح الإجبارى لكل الجراجات المغلقة فى العاصمة والتاكد من إستخدامها كجراجات بالفعل .
v إنهاء فرض حظر التجوال وتوفير جهد رجال الشرطة لتنظيم المرور بدلاً من السهر فى الكمائن الليلية لمراقبة تطبيق حظر التجوال ، ويتم التشدد فى تطبيق قواعد قانون المرور الصادر عام 2008 .
ثانياً : على المدى المتوسط ( فترة من عام إلى عامين )
v إستبدال عساكر المرور المجندين التابعين للداخلية بشباب مدنى من حملة المؤهلات المتوسطه يتمتعون بالمظهر الحسن والقوام الرياضى ويتم تدريهم لمدة 3 شهور على أعمال ضبط وتنظيم المرور ويرتدون زى موحد لائق ويحدد لهم راتب لا يقل عن الحد الأدنى للأجور الحالى وهو 1200 جنيه شهرياً لفترة عمل 8 ساعات يومياً وتعطى لهم صلاحية الضبطيه المروريه ويعملون تحت قيادة ضباط المرور .
v منع اى سيارة يزيد عمرها عن 20 سنه من السير بشوارع العاصمه .
v سرعة إستكمال جميع خطط انشاء الكبارى والطرق والمحاور وخطوط مترو الأنفاق التى جرى التخطيط لها طوال السنوات الماضيه او التى بدا العمل بها ثم توقف العمل لأسباب متنوعه وجعلها ذات أولوية فى الخطط الإستثماريه للدولة .
v سرعة تطوير مشروع الاتوبيس النهرى والذى تم الشروع فيه منذ عام 2007 وتواجهه عراقيل كثيرة منها المتعلق بالمجرى الملاحى للنيل ومنها المتعلق بمحطات الاتوبيس على جانبى النهر ومنها المتعلق بأسلوب إدارة المرفق .
v حل مشاكل إختتناقات الطرق والكبارى والمحاور .. على سبيل المثال محور 26 يوليو يوجد به نقطتى اختناق الأولى عند تقاطعه مع الطريق الصحراوى والثانية بجوار منطقتى ارض اللواء وشارع السودان ويتم حل المشكلة عن طريق عمل محور بطىء لهاتان النقطتان ملاصق للمحور الأصلى وبطول 200 متر حتى تتمكن سيارات الاجرة من تحميل وتنزيل الركاب بدن تعطيل المحور الأصلى .
v تطوير منظومة نقل الركاب بانواعها المختلفة داخل العاصمة ( عام وخاص ) وعمل إعفاء ضريبى للشركات العاملة فى ذلك المجال وتنظيم خطوط السير .
v إشتراط عمل دورين جراج بدل من دور واحد فى كل رخصة بناء جديده داخل العاصمة .
v إشتراط تحديد مكان ركن كل سيارة بالجراج لكل شقة على حده فى رخص البناء الجديده وكذلك يتم تخصيص حصص للوحدات التجارية والإداريه .
v إستقدام لجان فنيه متخصصه من أفضل 10 دول فى العالم فى مجال المرور ويتم تكليفهم بامران .. الأول : الإشراف على إصدار التراخيص الجديده لقيادة السيارات وفقاً للقواعد الدولية ، الامر الثانى : إعادة إختبار حاملى الرخص القديمة وفقاً للقواعد الدولية .
v السيطرة على البناء العشوائى داخل العاصمة .
v نزع ملكية اى قطعة أرض فضاء تصلح لبناء جراج عليها ويكون هناك ضرورة لوجوده ويتم تعويض أصحابها التعويض الملائم .
ثالثا : على المدى الطويل ( فترة أكثر من عامين )
v تسريع إستكمال خطط نقل المبانى الحكومية الرئيسيه خارج العاصمة ، وقد تم بالفعل نقل هيئة التنمية الصناعية وهيئة التنمية السياحية وهيئة المجتمعات العمرانية الجديده وغيرها .
v وقف أى توسع للمنشآت التعليمية داخل العاصمة .
v شق طرق ومحاور داخل المناطق غير المخططه بالعاصمه .
v عمل رسوم لأى سيارة تريد السير داخل العاصمة وذلك من خلال إشتراك شهرى أو سنوى أو من خلال تصريح اليوم الواحد .
v تشجيع إنشاء مناطق ومراكز إداريه خارج القاهرة الكبرى لنقل فرص العمل المتعلقة بالطبقة الوسطى والعليا خارج العاصمة .
المقال بقلم محمد مليجي أخصائي تقييم أصول بإحدى شركات الاستشارات