وفقاً لنتائج دراسة نشرتها ًشركة “سيمنس” بالتعاون مع البروفيسور هورست فيلدمان من جامعة ميونيخ التقنية، فأنة من المتوقع أن يتزايد الطلب على الطاقة عالمياً بمعدل ٣٪ تقريباً سنوياً على مدى العقدين الحالي والمقبل، وبشكل متراكم يمكن أن يسهم معدل النمو المعتدل إلى ارتفاع الطلب الكلي على الطاقة بنسبة تتجاوز ٥٠٪ مقارنةً بمستواه الحالي بحلول العام ٢٠٣٠، وفي حال تم إنشاء محطات جديدة لتوليد الطاقة كما هو متوقع، فمن المرجح ارتفاع انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الصادرة عنها بمقدار الربع أو ما يعادل ٣٥٠٠ ميجاطن.
وقال البروفيسور فيلدمان أنة إذا تم استبدال محطات توليد الطاقة العاملة بالفحم على نطاق واسع بمحطات توليد تعمل بالغاز الطبيعي بحلول العام ٢٠٣٠، فسينخفض معدل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في قطاع الطاقة بنسبة ٥٪ مقارنةً مع المستويات الحالية.
وأشار إلى أن إيقاف استخدام محطات توليد الطاقة العاملة بالفحم يمكن أن يحد من الانبعاثات السنوية لغاز ثاني أكسيد الكربون عالمياً، وبالنظر إلى الوضع الراهن سيكون من المستبعد استبدال محطات طاقة جديدة تعمل بواسطة الغاز بتلك الحالية العاملة بالفحم، ولكن نسب الخفض التي ستتحقق بفضل الجهود المستقبلية تدعو للتفاؤل.
وأفادت الدراسة بإمكانية تصنيف جميع الدول وفقًا لأحد نماذج الطاقة الخمسة المطروحة في هذا السياق، وذلك على الرغم من الاختلافات الكبيرة في ظروفها الإقليمية، فالدول التي ترتفع فيها نسب الطلب على الطاقة ببطء بإمكانها اللجوء إلى “النماذج الخضراء الرائدة” (Green Pioneers) القائمة على مصادر الطاقة المتجددة، مقارنة “بالنماذج التقليدية” (Traditionalists) التي تتميز بانخفاض نسبة توليد الطاقة من المصادر الصديقة للبيئة.
أما بالنسبة للدول التي تعاني من تزايد الطلب على الطاقة الكهربائية، فهي تُعتبر “متعطشة للطاقة” (Energy Hungry) والتي حققت بالفعل مستويات عالية من توليد الكهرباء للسكان، بينما تتميز بلدان “الموجة القادمة لإمداد الطاقة الكهربائية” (Next-Wave Electrifiers) بأنها لا تزال تعاني من فجوات كبيرة في إمدادات الطاقة إلى جميع المنازل.
في حين يتم تصنيف المجموعة الخامسة وفق نموذج “مصدّري النفط بالدرجة القصوى” (Oil Export Maximizers) التي تواجه التحدي المتمثل بتعزيز كفاءة الإنتاج في مجال التنقيب عن النفط والغاز.
وفى سياق متصل قال مايكل زوس عضو مجلس إدارة والرئيس التنفيذي لقطاع الطاقة بشركة “سيمنس ألمانيا” لقد قمنا من خلال دراستنا باستقصاء الأوضاع والاحتياجات المحلية المتنوعة في مختلف مناطق العالم. وبالتالى فإن الجانب الاقتصادي يُعتبر ذو أهمية عالية إلى جانب الاستدامة والحاجة إلى إمدادات ذات اعتمادية عالية للطاقة، إذ لن تكون هناك جدوى من إغلاق محطات توليد الطاقة الجديدة العاملة بالفحم قبل انتهاء مدة تشغيلها لمجرد السعي لخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
وأوضح أن جميع الإجراءات المتخذة في سبيل التوسع بعمليات توليد الطاقة من مصادرها المتجددة غير كافية بشكل مباشر لتحسين مستوى التوازن المناخي، وذلك لأن ارتفاع نسبة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في ألمانيا وحدها مثيرة للقلق.
وأضاف زوس أن العمل على إغلاق محطات الطاقة القديمة العاملة بالفحم لن تسهم في خفض نسبة الانبعاثات بشكل كبير فحسب، وإنما سيكون لها مردود كبير من الناحية الاقتصادية كما أثبتت لنا تجربة الولايات المتحدة العملية في هذا المجال، مشيرا الى قيام الشركة من خلال الدراسة المطروحة بتحليل سيناريوهات مختلفة آخذين فى الاعتبار الحفاظ على التوازن الثلاثي ما بين الاستدامة والاعتمادية والجانب الاقتصادي.”
و كشفت الدراسة في ضوء التحليلات الإقليمية عن قدرة القارة الأوروبية ، على توفير حوالي ٤٥ مليار يورو من المصاريف في إطار سعيها لتوسيع وتطوير محطات توليد الطاقة القائمة على مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام ٢٠٣٠، وذلك في حال تم استغلال هذه المصادر في أفضل المواقع، مع تحقيق نفس نسب التوليد الناتجة عن مصادر الطاقة المتجددة من خلال مصادر الطاقة الهجينة.
وفي هذا السياق سيتم إنشاء العديد من محطات توليد الكهرباء الجديدة العاملة بالطاقة الشمسية بشكل رئيسي في منطقة الحزام الشمسي الواقعة جنوب القارة الأوروبية، فضلا عن بناء محطات توليد الكهرباء بطاقة الرياح في المناطق الشمالية من القارة الأوروبية التي تنشط بها حركة الرياح.
وعلى صعيد اخر فبإمكان الولايات المتحدة توفير ٨٠ مليار دولار قيمة الخسائر السنوية الناجمة عن التكاليف غير المباشرة من انقطاع التيار الكهربائي، وذلك في حال تم تحسين نوعية وجودة الشبكة الكهربائية. في حين سيكون بإمكان الصين، وعلى الرغم من تضاعف نسب استهلاك الطاقة فيها، تجميد انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون عند مستوياتها الحالية في حال تم استثمار مصادر الطاقة المتجددة على نطاق واسع. وعلى الرغم من ذلك، سيتطلب الأمر أيضاً رفع قيمة الاستثمارات في هذا المجال إلى الضعف تقريباً.
وأوضحت الدراسة أنة يمكن خفض حجم الانبعاثات بنفس المقدار الذي سترتفع به ودون أي تكاليف إضافية، في حال استبدال محطات طاقة جديدة تعمل بواسطة الغاز بثلث محطات الطاقة الحالية العاملة بالفحم في الصين بحلول العام ٢٠٣٠.
ويذكر أن شركة “سيمنس” قامت من خلال دراستها العالمية لقطاع الطاقة باستقصاء الأوضاع الإقليمية، مع تقدير نسب التطور والنمو المستقبلي المتوقعة في مختلف الأسواق، حيث هدفت الشركة من إجراء الدراسة لتحديد الطرق المثلى من منظور اقتصادي ومحلي وعالمي، لإنشاء أنظمة طاقة ذات اعتمادية وكفاءة عالية، فضلاً عن كونها مستدامة وفي نطاق أسعار معقولة.







