«الدواء» الصناعة الرائدة الوحيدة فى مصر.. وقطاع الأعمال «مات» لعدم قدرته على التطوير
%60 من الأدوية تكبد الشركات خسائر.. وعلى الحكومة دعمها بالتأمين الصحى
%17 زيادة فى أسعار الخامات المستوردة بعد ارتفاع الدولار.. و%50 ارتفاعاً فى تكاليف الإنتاج
جدد أحمد كيلانى، العضو المنتدب لشركة المهن الطبية، وعضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء، مطالبته بضرورة تحريك أسعار الدواء، موضحاً ان صناعة الدواء بشكل خاص تعانى زيادة فى جميع تكاليف الإنتاج رغم ثبات أسعار البيع للجمهور منذ أكثر من 10 سنوات.
قال كيلانى إن قرار تحريك أسعار الدواء اقتصادي بحت، وإن محاولات الزج به داخل دائرة السياسة أمر مصطنع، محذراً من أن إصرار الحكومة الحالية على عدم إتخاذ قرار برفع الأسعار سيذهب بالقطاع إلى مصير صناعات الغزل والنسيج.
أكد أن الدواء هو الصناعة الوحيدة الرائدة فى مصر فى الوقت الحالي، وان الحفاظ عليها ضرورى حتى تستمر فى النهوض والتطوير، قائلاً إن شركات قطاع الأعمال الدوائى «ماتت» لعدم قدرتها على التطوير.
أضاف أن شركات قطاع الأعمال ينقصها الاهتمام لتصبح قاطرة تقدم الصناعات الدوائية، وأن تحريك أسعار الدواء بات قراراً ملحاً من الجميع، مطالباً الحكومة الحالية بمواجهة الواقع والتوقف عن سياسات الأيدى المرتعشة.
أشار إلى أن الصناعات الدوائية تتطور باستمرار وأن الشركات لزاما عليها مواكبة التطور العالمى فى هذا المجال وتقديم المنتجات المبتكرة وتطبيق أعلى مستويات الجودة فى السلعة الاستراتيجية التى تنتجها دون مساعدة من الدولة التى تلقى على كاهل الشركات مسئولية دعم سعر الدواء للجمهور.
أوضح كيلانى أن %60 من الأدوية المتداولة فى السوق المصرية تكبد الشركات خسائر، نظراً لارتفاع تكلفة إنتاجها عن سعر بيعها للجمهور، مشيراًً إلى زيادة جميع مدخلات الإنتاج بداية من المواد الخام المستوردة التى زادت بنسبة تصل إلى %17 بعد ارتفاع الدولار أمام الجنيه، وكذلك المياه والكهرباء، إضافة إلى ارتفاع الأجور بنسبة %50 عقب ثورة 25 يناير حتى الأن.
قال إن سياسة تسعير الدواء لابد ان تتغير إذا ارادت الحكومة الإبقاء على قدرة الصناعة الدوائية المحلية على المنافسة مع الدول المحيطة، خاصة إن دول المنطقة باتت تتفوق على الدواء المصرى من حيث الصادرات، مستشهداً بالأردن التى تمثل صادراتها 3 أضعاف المصرية.
أكد كيلانى أنه لا يطالب بمعادلة سعر الدواء فى مصر مع الدول المجاورة، ولكن بزيادة السعر بناء على ارتفاع تكاليف الإنتاج ومستوى دخل الفرد.
أشار إلى أن هناك زيادة فى مستوى دخل الفرد المصرى بالرغم من الفقر الشديد الذى يعانى منه عدد كبير من المواطنين، وأن هذه الزيادة لابد ان تنعكس على زيادة أسعار الدواء، مطالباً بتحريكها بنسبة %20 فقط من نسبة زيادة دخل الفرد.
قال إن وضع آلية لتحريك أسعار الدواء لابد أن يسبقها تغيير فكر المسئولين، وتحويل الأمر إلى الشق الاقتصادى وليس مزايدات سياسية، لافتاً إلى أن عدداً كبيراً من الدول الخارجية تولى مسئولية صناعة الدواء إلى وزارة التجارة والصناعة وليس الصحة لإيمانها أنها صناعة تهدف للربح كغيرها من الصناعات الأخرى، مضيفاً أن الإصرار على عدم تحريك السعر بات يؤثر على اقتصادات الشركات ودورها الاجتماعى.
رفض كيلانى موقف الحكومة من التعامل مع الدواء كسلعة استراتيجية مسعرة جبرياً فيما تطبق عليه ضريبة مبيعات تصل إلى %10 فى المكملات الغذائية، و%5 فى معظم الأدوية الأخري، مع إعفاء عدد قليل فقط من الأدوية من تلك الضريبة.
فى سياق متصل قال كيلاني، أن الصناعات الدوائية تعانى بطء إجراءات تسجيل مستحضراتها بوزارة الصحة، وإن القرار الذى وعدت وزيرة الصحة الدكتورة مها الرباط بتطبيقه خلال شهربات غير معلوم توقيت إصداره فى ظل التغيرات المتكررة فى قيادات الوزارة.
وفيما يرى عضو غرفة صناعة الدواء، أن القطاع يعانى مشكلات تعرقل نموه بشكل طبيعي، لكنه يؤكد أن القطاع مازال جاذباً للاستثمار الداخلية والخارجية، موضحاً أن السوق المصرية كبيرة وتتمتع بقوة شرائية واستهلاك مرتفع، وانه يحوى فرص استثمارية كبيرة لكنها تسير بخطوات بطيئة.
وبحسب كيلاني، فإن مصر يمكنها أن تكون رائدة فى صناعة الدواء خلال 10 سنوات فقط إذا توافرت رؤية واضحة للقطاع من قبل المسئولين، وفصل القرار السياسى عن الاقتصادي.
شركات على أخرى بما لا يضيف جديد للسوق.
يرى كيلانى أن زيادة الصادرات الدوائية المصرية، تحتاج إلى تحسين الجودة بما تتطابق مع المعاييرالعالمية، إضافة إلى التسويق الجيد للمنتج فى الخارج، وهو ما يمثل عبئاً إضافياً للشركات التى تعانى من تدنى أسعار الدواء نتيجة ربطه ببلد المنشأ.
أوضح أن الشركات المحلية تبذل جهود كبيرة لتحسين جودة الدواء من اجل المريض وليس التصدير فقط، نافياً بشكل قاطع وجود تفاوت فى مستوى الجودة بين الدواء المصدر والمحلى وأن الشركات تنتج دواء أمن وفعال.
أضاف أن الدواء المصرى يتمتع بسمعة جيدة مستشهداً بشركة المهن الطبية الذى يشغل وظيفة العضو المنتدب بها، والتى تصًدر نحو %15 من مستحضرتها، وتغزو منتاجاتها 35 سوقاً حول العالم.
وعن أزمة مرتجعات الدواء التى أثارتها «البورصة» فى تحقيق الأسبوع قبل الماضى، أكد أن اللجنة المشتركة بين الغرفة ونقابة الصيادلة أوصت فى أخر لقاء جمعهما، بـسحب الأدوية المنتهية الصلاحية وهو ما يعرف بـ«غسيل السوق»، دون الاتفاق على قرار نهائى لبدء التنفيذ.
أوضح أن منطق سحب الأدوية المنتهية الصلاحية من السوق أمر لا خلاف عليه، وأن وضع آلية لبدء التنفيذ الفعلى واستراتيجية لقبول الشركات للمرتجعات فى المستقبل هو ما سيتم الإتفاق عليه بعد الاجتماع مع اطراف المنظومة الدوائية بما تضم من غرفة الصناعة ونقابة الصيادلة والمكاتب العلمية والموزعين وشركات التصنيع لدى الغير، مشيراً إلى أن المشكلة الكبرى فى المرتجعات بين الصيدليات والمكاتب العلمية التى تمثل الأدوية المستوردة والذين يرفضون فى اغلب الاحيان قبولها.
وفيما يخص أزمة نواقص الدواء التى تتفاقم بين الحين والآخر، قال كيلانى، إن شركة المهن الطبية ملتزمة بتوفير الدواء للمريض مهما كانت الخسائر الناتجة عن زيادة تكلفة الإنتاج عن سعر البيع، مشيراً إلى أن الشركة تفصل بين الشق الاقتصادى ومسئوليتها الإجتماعية.
نفى ما تردد مؤخراً حول اتجاه بعض الشركات التوقف عن إنتاج الأدوية التى تكبدها خسائر.
وعن شركة المهن الطبية أشار كيلاني، إلى أن تراجع الأرباح بنسبة %16 لتحقق 88.5 مليون جنيه خلال التسعه أشهر الأولى من العام الحالى مقابل 105.4 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام السابق.
وعزا كيلانى تلك التراجع إلى عدم تحريك أسعار الدواء، وزياده التكاليف لارتفاع أسعار المواد الخام المستخدمة فى الإنتاج ومواد التعبئة والتغليف والتى ارتفعت بسبب أزمة الدولار لتتكبد الشركة تكاليف بـ 573.2 مليون جنيه، وارتفاع المصروفات الممثلة فى الأجور لتزيد بنسبة %20 لتتكبد الشركة مصروفات بـ 40.3 مليون جنيه نتيجه الاتجاه إلى وضع حد أدنى وتدرج مالى للأجور، فضلاً عن أعمال احلال وتجديد أحد خطوط الإنتاج فى الشركة، ما أدى إلى تراجع المبيعات بـ %3 لتحقق الشركة مبيعات بحوالى 694.9 مليون جنيه فى التسعة أشهر الأولى من عام 2013 مقارنة بـ 714.2 مليون جنيه فى الفترة المماثلة من العام الماضى.
وأشار العضو المنتدب بالشركة، إلى أن ارتفاع سعر الدولار بواقع 80-90 قرشاً ساهم إيجابياً فى تقيم فروق العملة المتمثلة بأرصدة الشركة لتصل إلى 4.1 مليون جنيه مقارنة بـ 538 ألفاً خلال التسعة الأولى من عام 2012، لكنه اثر سلبا على نتائج أعمال الشركة لاستيرادها ما يقرب من 20 إلى %25 من المواد الخام.
وفى سياق متصل قال كيلاني، إن تراجع أرباح الربع الثالث من العام الحالى منفرداً %19 ليصل إلى 27.8 مليون جنيه مقابل 34.4 مليون فى الفترة المماثلة من العام السابق لتأثر الشركة بالأحداث السياسية الناتجة عن فض اعتصامى رابعه العدوية والنهضه، وإعلان حظر التجول، ما أدى إلى تقلص عدد الورديات وانخفاض الإنتاج فى ظل ثبات المصاريف مع ارتفاع سعر الدولار.
ولفت إلى أن الشركة تمكنت فى ذلك الربع من نمو طفيف بالمبيعات لم يتعد %1 بقيمة 243.9 مليون جنيه مقارنة بـ 241.3 مليون فى الربع الثالث من العام السابق نتيجة وجود مخزون استراتيجى بالشركة.