وضعت الظروف الوزير عاطف حلمى أمام خيارات صعبة.. اتخاذ القرار بدخول مشغل رابع للمحمول فى مصر.. إرضاء المساهمين الأجانب فى شركات المحمول الثلاث بالقرار خشية اللجوء للتحكيم الدولى.. قرار تخارج الشركة الوطنية من شركة فودافون مصر، أكثر شركات المحمول ربحية، حل خلافات استمرت 9 سنوات بين شركات الاتصالات، جذب استثمارات أجنبية فى قطاع يعتمد عليها بشدة وفى أوقات تهرب الاستثمارات من البلاد.
الوزير خريج الفنية العسكرية يملك قرار دخول مشغل رابع للمحمول فى مصر، ولكن هل وقتها سيتحسن قطاع الاتصالات أم يتحول إلى ساحة للنزاعات والصراعات التى تفقد الخدمات جودتها وتخسر الشركات ربحيتها.. التوافق سر نجاح المشغل الجديد والذى سيعتمد على شبكات المنافسين فى المرحلة الأولى من تقديم الخدمات.
سيتحمل الوزير الخسارة فى حالة فشل المشغل الرابع للمحمول وسيذكره التاريخ بأنه أساء للقطاع الأعلى ربحية والأفضل أداءً خلال السنوات العشر الماضية، وبحسب مصادر بشركات المحمول الثلاث وعدهم الوزير بعدم التسرع فى دخول مشغل جديد قبل إيجاد حلول للخلافات المالية لضمان تحييد القرار المرتقب، وعدم محاباة الشركة الوطنية على حساب القطاع الخاص.
يجيد حلمي، الذى قضى 10 سنوات فى خدمة القوات المسلحة المصرية، فنون السياسة والتى ظهرت فى إرضاء مشغلى شبكات المحمول الأجانب حتى الآن بالرغم من تهديدات على فترات باللجوء إلى التحكيم الدولى بعد دخول المشغل الرابع السوق، لكن الوزير يراهن على إعادة صناعة الاتصالات إلى موقعها الطبيعى من خلال توقيع اتفاقيات جديدة تضمن حقوق المشغلين الأربعة المالية والفنية، كما يتباهى أمام شركات المحمول بأن له الفضل فى منحهم خدمات تحويل الأموال عبر المحمول والتتبع الآلى للسيارات.
خرج «حلمى» من دائرة إعجاب شركات المحمول بعد الموافقة على الرخصة الموحدة التى تمنح المصرية للاتصالات مزايا تنافسية فى مواجهة الشركات الثلاث، وشككت مصادر بارزة فى قدرة وزير الاتصالات على الإعلان عن الحلول التى توصل إليها للخلافات القائمة مع المصرية للاتصالات، ما يثير الشكوك حول شفافية طرح الرخصة الموحدة والتى تتوقف على إنهاء جميع الخلافات القائمة.
حتى الشركة المصرية للاتصالات ترى أن قرار طرح الرخصة الموحدة جاء متأخراً، وتسبب فى تقليص فرصها فى المنافسة، فضلاً عن رفض تصريحات الوزير بتخارج الشركة الوطنية من «فودافون مصر» وإعلانها أنها لن تبيع حصتها إلا بعد الحصول على تردداتها الخاصة لبناء شبكتها فى سوق المحمول.
القرار الذى قد يحاسب عليه «حلمى» أمام الحكومة والشعب هو تخارج الشركة الوطنية من «فودافون مصر»، الأعلى ربحيةً بين شركات المحمول فى مصر وبيع %45 من أسهمها، ويتعين على الوزير أن يقدم براهين وأدلة تثبت أن قرار تقديم الشركة المصرية للاتصالات خدمات المحمول أفضل من الاستمرار فى امتلاك حصة ضخمة فى «فودافون مصر» سواء على المدي القصير أو البعيد، فضلاً عن توفير العملة الصعبة للحكومة لتغطية التزاماتها.
فى هذه الحالة على الوزير عاطف حلمى أن يحقق للحكومة، المساهم الرئيسى بالشركة المصرية للاتصالات، أعلى عائد مادى من بيع حصتها بشركة فودافون، فيما يواجه تحديات صعبة فى هذا القرار.. الأول إجبار الشركة على البيع مع الضغط المستمر من شركات المحمول لقبولها منافساً جديداً فى السوق، وبالتالى يفرض عليه سرعة اتخاذ القرار مع تحقيق سعر عادل لهذه الحصة.. والتحدى الثانى، هو حق الشفعة الموقع بين المصرية للاتصالات وفودافون العالمية «مساهمى فودافون مصر»، والذى يفرض عرض الحصة المباعة على الطرف الآخر، وهو ما تلعب عليه الشركة البريطانية لشراء الحصة بسعر مرضٍ بالنسبة لها.
الوزير عاطف حلمى مرشح لدخول دائرة الضوء بقوة خلال العام الجديد، فيما يقارن البعض بين دوره فى طرح رخصة الاتصالات الموحدة ودور طارق كامل، آخر وزراء الاتصالات فى عهد حسنى مبارك، عندما طرح الرخصة الثالثة للمحمول فى مصر عام 2006 التى بلغت قيمتها 17 مليار جنيه، بخلاف التراجع فى أسعار خدمات الاتصالات لصالح المستهلك فى ضوء المنافسة التى شهدها السوق فى هذه الفترة.
أحد أهم الملفات أمام عاطف حلمى.. حل الخلافات القائمة بين شركات المحمول والمصرية للاتصالات والتى استمرت لنحو 9 سنوات، وفى حالة نجاح فى هذا الملف ستُطوى بذلك صفحة سوداء فى قطاع الاتصالات المصرى، ليعيد الوزير، «الديزاينر»، تصميم السوق من جديد بعد نزاعات تاريخية وقضائية قد يكون حلها أكبر تحديات تواجهها وزارة الاتصالات فى ضوء تمسك كل شركة بمطالبها.
اختير حلمى وزيراً للاتصالات فى حكومة هشام قنديل منذ عام، واستقال صبيحة تظاهرات 30 يونيو ضد حكم الإخوان المسلمين، ليعود بعدها فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى.
التقارب السياسى بين مصر والإمارات بعد أحداث 30 يونيو ساير خطى حلمى الذى عمل 4 سنوات فى الامارات مديراً عاماً لإحدى الشركات العالمية، ولعل أبرز إنجازاته خلال العام الأول لتوليه حقيبة الاتصالات جذب 2 مليار دولار استثمارات اماراتية، ستضخها شركة اتصالات مصر فى السوق المحلي.
يحسب للوزير «الديزاينر» الحفاظ على زيادة استثمارات الشركات العالمية فى مصر وإن كانت بنسبة ضئيلة، ويراهن على علاقاته الجيدة بها سواء خلال عمله بشركة «أوراكل» أو أثناء عضويته فى مجالس إدارات هيئتى تنمية صناعة التكنولوجيا «إيتيدا» والبريد وغرفة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
إعادة تصميم قطاع الاتصالات المصرى وتخطى العقبات التى تواجه طرح الرخصة الموحدة من شأنهما أن يجعلا من عاطف حلمى أفضل وزير للاتصالات فى مصر.






