لابد من تطوير تكنولوجى للتعليم والتوقف عن «زرع وحصد»
الأحكام القضائية بعودة الشركات كارثة والخصخصة «جريمة» شاركت فيها
سوق المال يحتاج قانوناً جديداً وإدارة متفرغة لاستحداث المنتجات
شركات الفوركس فى مصر تحولت لشركات توظيف أموال
مصر أقل بلاد العالم فى سعر البنزين ولابديل عن إلغاء الدعم
بنظرة شبه ثورية طالب هانى توفيق، رئيس الاتحاد العربى للاستثمار المباشر، رئيس شركة المستثمرون الدوليون للاستثمار المباشر بالتعامل مع مشكلات مصر الملحة وطويلة الأجل، مؤكداً ضرورة إلغاء الدعم بجميع أنواعه وتحويله إلى نقدى بشكل سريع لمواجهة عجز الموازنة وعدم تحميل الأجيال القادمة أعباء إضافية.
وقال: إن هناك مشاكل ملحة تحتاج حلولاً سريعة وأخرى تحتاج حلولاً طويلة المدى مثل التعليم والصحة.
وأضاف فى حوار لـ «البورصة» أن أولى المشكلات العاجلة هى عجز الموازنة العامة الذى وصل إلى 1.8 تريليون جنيه وهو رقم فلكى يفوق الناتج المحلى الإجمالى ويقابل ذلك استمرار الاستدانة وتحميل الأجيال القادمة أعباء مالية، ويتسبب ذلك فى مزاحمة بين الحكومة والقطاع الخاص على أموال البنوك، وأنه وفقاً لتصريحات هشام رامز، محافظ البنك المركزى تمت طباعة 264 مليار جنيه العام الحالى فقط والآثار التضخمية لذلك واضحة جداً.
وقال إن المشكلة الثانية هى البطالة التى تحتاج إلى معدلات استثمار مرتفعة مع معدلات الادخار المنخفضة فى مصر وتتمثل المشكلة الثالثة فى تدهور سعر الصرف المنضبط الآن بفعل المساعدات الخليجية والمشكلة الرابعة هى انخفاض مصادر الطاقة وذلك بعدم وجود مياه ولا غاز ولا بترول بما يكفى لمعدلات نمو مرتفعة وبالتالى فالأزمة ليست فى التمويل فقط، ولكن للطاقة، لذلك من الغريب أن هناك من يطالب بنمو %8 فى ظل تلك الأوضاع وتلك المشكلات يضاف إليها الانفلات الامنى وعدم الاستقرار السياسى.
ولفت إلى «تشوه» هيكل الوظائف فى الدولة لصالح العاملين غير المنتجين فى الحكومة وقطاع الأعمال.
وقال توفيق إن مصادر الموازنة العامة تنقسم إلى 4 أجزاء هى الدعم والأجور وخدمة الدين والاستثمارات وبالتالى يأتى العجز على حساب الاستثمارات، ويمكن التحرك فى الربع الخاص بالدعم ومصر هى أرخص بلد فى العالم يباع فيها البنزين، حيث يقل سعر لتر البنزين عن زجاجة المياه، ومن الغريب تصريحات وزير البترول بأنه لا تفكير فى إلغاء الدعم ومن مظاهر رخص سعر البنزين ازدحام الشوارع الآن.
وأكد أهمية تحويل الدعم إلى نقدى لترشيد الاستهلاك وتقليل عجز الموازنة بدلاً من الحصول على البنزين بسعر مدعم وحرق مليارات الدعم.
وأضاف أن رغيف الخبز لو تم رفع سعره سيحافظ عليه الجميع بدلاً من الاستهلاك الكبير وغير الآدمى له، وكل الحكومات لديها خطط للدعم ولكن لابد من حكومة شعبية جداً ومنتخبة لتأخذ قرارات غير شعبية.
وقال إن تخفيض سعر الفائدة ضرورى لتحفيز الاستثمار، خاصة أن الحكومة هى أكبر مدين لتخفيف الضغط على خدمة الدين، فالتخفيض %1 يؤدى لنحو 13 مليار جنيه انخفاضاً وهناك قوانين مثل الرهن العقارى لا تعمل بسبب زيادة الفائدة وسيخفض ذلك من عجز الموازنة.
وأشار إلى أن هيكل الوظائف والعمالة فى مصر يحتاج إلى تعديل وذلك بإيقاف التعيينات الجديدة وعمل معاهد للحرفيين بجميع الأنواع وهو ما تحتاجه مصر بدلاً من خريجى الجامعات وذلك سيؤدى إلى تصدير العمالة إلى الدول العربية مثل الماضى وحكومة الصين الشعبية يبلغ عددها 5.5 مليون موظف وانجلترا 500 ألف ومصر يبلغ عدد الموظفين الحكوميين نحو 7 ملايين موظف وعدد سكان مصر أقل من 1 على 10 من سكان الصين ولابد من تخفيض العدد بنسبة %70.
وأضاف أن سعر الصرف سيتحسن بعد تشغيل السياحة بتوفير الأمن وجذب الاستثمارات.
وقال إن قضايا التحكيم الدولى تبلغ نحو 35 مليار دولار وهناك خطوات من الحكومة للتصالح وتتبنى وزارة الاستثمار قانوناً لاحترام التعاقدات السابقة فلابد من نظافة بيتك قبل دعوة الآخرين للحضور إليك.
وأضاف أن أحكام الخصخصة خاطئة لأنها غير قابلة للتنفيذ خاصة حكم النيل لحليج الأقطان ويجب على الدولة أن تتدارك تلك الأحكام قبل وصولها للقضاء لأنها تحمل الدولة أعباء.
قال: «لدى الشجاعة لكى أقول إننى شاركت فى جريمة اسمها الخصخصة ولا أخجل من هذا»، لافتاً إلى أن الاهتمام الأساسى كان البيع بأعلى سعر فقط وليس نجاح عملية البيع ولابد من التفكير فى بدائل أخرى مثل حق الانتفاع أو المشاركة فى الأرباح أو بيع نسبة ضئيلة وهيكلة الإدارة لأن البيع هو إهمال فى حقوق الأجيال القادمة.
وأضاف أن الدولة قامت ببيع الساحل الشمالى للشركات بما يمثل مشكلة دستورية لأن البيع هنا هو بيع حقوق آجيال أخرى.
وعن أزمة الطاقة قال: إنه لابد من النمو فى مصادر الطاقة ومع إلغاء الدعم العينى سيحدث ترشيد فى الاستهلاك وتشجيع الطاقة المتجددة والنووية والشمسية ومصر ثانى أكبر دولة فى العالم لديها فرص مبشرة بالنمو فى الطاقة الشمسية ولابد من فتح هذا المجال للاستثمارات الخارجية حتى لو ستعطى الأرض مجاناً ويجب التوسع فى إقامة محطات التحلية.
وأضاف أنه لابد أيضاً من ترشيد استهلاك الفلاحين للمياه وذلك برفع الدعم على أن يبيع بالأسعار العالمية ويمكن تركيب عدادات مياه لإجبار الفلاح على التوفير.
وأوضح أن مديونية البترول للشريك الأجنبى كارثة أخرى والاتفاق الذى تم مؤخراً بسداد 1.5 مليار دولار للشريك الأجنبى بالجنيه المصرى أدى إلى تدخله لشراء الدولار من السوق وبالتالى ارتفع سعره مؤخراً.
وقال إن دول العالم كافة نهضت بتطوير التعليم ومصر الآن ترتيبها الاخير فى التعليم ماقبل الجامعى ولابد من تطوير تكنولوجى للتعليم والانتهاء من «تعليم زرع وحصد»، ولابد من انتهاء التعليم المجانى ما بعد الأساسى ولو أثبت الطالب تفوقه تتحمل الدولة مصروفاته.
«نعيش الآن على حساب الأجيال القادمة فعندما تركب المواصلات بسعر منخفض سيتحمله أولادك فيما بعد».
وأكد أن هناك مخاضاً يحدث الآن نتج عنه زيادة فى الوعى السياسى ومن المؤكد أن مصر ستصل إلى ديمقراطية حقيقية أسوة بدول كثيرة أخذت وقتاً لكى تصل إلى ماهى عليه الآن.
وأضاف أنه لابد من تطوير منظومة الصحة وحل مشاكل التمويل والفساد، وأن رفع مستوى المعيشة والديمقراطية سيقللان الفساد.
وأوضح أن مصر أقل دول العالم فى معدلات الضرائب ونسبة سدادها ولا تستطيع الدولة حتى الآن فرض الضريبة العقارية وكذلك الجمارك تحتاج زيادة رقابة فمعدل التهرب الضريبى والجمركى مرتفع جداً.
وقال إن مصر تتعامل فى سوق المال بآليات القرن التاسع عشر رغم أن مصر ثانى أقدم بورصة فى العالم وكانت رابع أكبر بورصة فى الخمسينيات والبلدان المجاورة سبقت السوق المصرى ولابد من وجود ادارة بالرقابة المالية تتخصص فى تطوير أدوات جديدة لسوق المال لاتنشغل بأى عمل يومى.
وأضاف أنه يمكن تدعيم الرقابة المالية بخبرات دولية ويمكن نقل خبرة بورصة لندن لتطوير الآليات والمنتجات مع تعديل لائحة صناديق الاستثمار للسماح بالصناديق السلعية.
وأوضح أن قانون سوق المال لابد من استبداله بقانون جديد لأن القانون الحالى انتهى دوره فى عام 2000 بدلاً من الترقيع فيه لمواجهة مستحدثات أسواق المال فى العالم كله.
وأكد توفيق أن الفوركس صناعة محترمة وهناك صناديق استثمار محترفة تعمل فيها والمعجزة فى هذه الصناعة هى تحقيق %10 ربحاً سنوياً.
أما فى مصر، فتحولت إلى شركات توظيف أموال جديدة تضمن من 5 إلى %6 ربحاً شهرياً، فأين الجهات المسئولة من ذلك لابد من التحذير من التعامل مع تلك الشركات طالما لا يوجد قانون يمنعها.
وقال: «تلقيت تهديدات بالقتل بسبب تحذيرى من تلك الشركات وعلى الجميع محاربتها لتأثيرها السيئ على البورصة وسعر الصرف والاقتصاد».
