مشروعات بـ75 تريليون دولار حول العالم تبحث عن ممولين وسط تردد المصارف وصناديق الاستثمار
2.78 تريليون دولار استثمارات عالمية فى البنية التحتية سنوياً
عندما تختفى فرص الاستثمار، يصبح اقراض المال لمجموعة من الشركات لبناء ثلاثة سجون فى المناطق الريفية فى فرنسا لا يتمتع بنفس جاذبية دعم أحدث اكتتابات وادى السيليكون، فربما تبدو استثمارات البنية التحتية غير جذابة ولكنها تعد حيوية بالنسبة للنمو الاقتصادي، وعلى الرغم من ذلك، فلم يعد يلقى تمويل مشروعات البنية التحتية استحسانا من البنوك، ولكن هل يتمكن مستثمرون آخرون من سد هذه الفجوة؟
وينشغل ـ حاليا ـ المقرضون الأوروبيون، الذين كانوا يهيمنون على تمويل البنية التحتية، باصلاح اختلالات ميزانياتهم العمومية، وفى الوقت ذاته، فان قواعد “بازل 3” الجديدة تقود البنوك بعيدا عن القروض طويلة الأجل التى تمتد أحيانا إلى أكثر من 20 عاما ويطلبها داعمو مشروعات البنية التحتية.
لا تحتاط البنوك من تقديم العروض طويلة الأجل فقط، ولكنها مترددة أيضا فى تحمل مخاطر كما كان من قبل، فبينما كانت تقرض بصدر رحب %90 من تكلفة بناء مشروع ضخم، لكن تلك النسبة تراجعت الآن إلى %70، كما تباطأت وتيرة بناء المنازل عندما أوقفت البنوك الرهون العقارية الرخيصة، وبدأت تنضب انشاءات البنية التحتية عندما أصبح التمويل أكثر تشددا.
وتساهم كل تلك العوامل فى اتساع الفجوة بين المبلغ المستثمر فى البنية التحتية والمبلغ الذى يجب أن يستثمر، ويقدر الاستشارون فى شركة ماكينزى تكلفة بناء وصيانة الطرق ومحطات الكهرباء وخطوط الأنابيب وغيرها فى العالم بنحو 57 تريليون دولار من الآن حتى 2030، ويبلغ حاليا الانفاق على البنية التحتية حوالى 2.78 تريليون دولار سنويا، أى ما يعادل %4 من الناتج العالمي، لكن الانفاق على البنية التحتية يجب ألا يقل عن 3.7 تريليون دولار.
مع تعسر الانفاق الحكومي، باتت الحكومات غير قادرة على تعويض هذا النقص، فبعض الحكومات، ولاسيما الصين، تستطيع تمويل ما يحتاج بناءه، ولكن غالبية الحكومات الأخرى ومستثمرى القطاع الخاص مثل شركات الاتصالات يعتمدوا على تمويل نوع من المشروعات التى لم تعد متاحة بسهولة منذ الأزمة المالية.
وكل ذلك يتطلب دخول مستثمرين جدد لتمويل مِشروعات البنية التحتية، اذ يحرص المستثمرون الذين يستثمرون فى الاستثمارات طويلة الأجل، مثل شركات التأمين وصناديق المعاشات، على استثمار أموالهم فى مشاريع البنية التحتية، وكذا صندوق الهبات وصناديق الثروة السيادية.
ويمتلك حيتان الصناديق ما يزيد على 50 تريليون دولار للاستثمار، ولا يقترح أحداً أن يتم استثمار جميع أموالها لسد الفجوة فى استثمارات البنية التحتية التى تبلغ 57 تريليون دولار، ولكنها لا تستثمر سوى %0.8 من أصولها فى مشروعات البنية التحتية، وتبدو تلك النسبة قليلة جدا، خاصة مع التناغم الطبيعى بين الخصوم طويلة الأجل لمثل هؤلاء المستثمرين والتدفقات النقدية طويلة الأجل الناجمة عن تلك المشروعات.
ويقول مايك ويلكينز، لدى وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، ان الأدوات المالية المرتبطة بالبنية التحتية تتحوط بطبيعتها ضد التضخم وتوفر عائدات ثابتة وقليلا ما تتعرض للتقلبات، وعندما تسوء الأمور، يكون لدى المستثمرون فرصة أفضل لاستعادة جزء كبير من أموالهم.
ومع ذلك فان الانتقال من البنوك إلى مستثمرين آخرين لن يكون سلسا، فالمشروعات التى تناسب البنوك غالبا لا تجذب المستثمرين الجدد، فشركات التأمين وصناديق المعاشات لا تميل فى كثير من الأحيان إلى الاستثمار فى المشروعات الجديدة.