ربما تلغي مصر أكبر مشتر للقمح في العالم العلاوة السعرية التي تدفعها الحكومة لشراء القمح من المزارعين المحليين في محاولة لتوفير عشرات الملايين من الدولارات التي تخسرها سنويا بسبب عمليات احتيال يتم خلالها بيع قمح أجنبي رخيص على أنه محصول محلي.
وتدفع مصر للمزارعين المحليين سعرا يفوق السعر العالمي بأكثر من 100 دولار للطن لتشجيعهم على البيع للدولة لكن ذلك مكن البعض أيضا من التربح حيث يوزع العائد بين المستوردين والمزارعين وأخرين على طول سلسلة التوريد.
وقال وزير التموين خالد حنفي لرويترز إن الحكومة تدرس تعديلات على نظام شراء القمح المحلي “لإعطاء المزارعين نفس الدعم بطريقة مختلفة لتفادي التشويه في السوق”.
وقالت وزارة التموين يوم الثلاثاء إن مصر اشترت 3.7 مليون طن من القمح المحلي في الموسم 2013-2014 الذي انتهى الأسبوع الماضي وهو رقم يماثل ما اشترته الدولة من القمح المحلي في العام السابق.
وقال تاجران يقيمان في القاهرة لرويترز إنهما يتوقعان أن تكون الحكومة اشترت 500 ألف طن على الأقل من القمح الأجنبي الذي جرى توريده باعتباره محليا خلال موسم الشراء المحلي هذا العام وذلك مقارنة مع تقديرات بشراء نحو 400 ألف طن منه في الموسم السابق.
وقال مصدر حكومي طلب عدم الكشف عن اسمه لرويترز “هذا يحدث في كل عام ووصلت تلك الكمية في أحد الأعوام إلى 800 ألف طن. والحكومة تعلم أن هذا يحدث.”
وزادت الحكومة بشكل مطرد السعر الذي تدفعه لشراء القمح المحلي في السنوات الماضية. ورفعت السعر هذا العام إلى 420 جنيها مصريا (58.74 دولار) للأردب (150 كيلو جراما) من 400 جنيه.
وقال نعماني نعماني مستشار وزير التموين إن المشكلة ستظل قائمة ما دامت الحكومة تعطي المزارعين سعرا مرتفعا بشكل مصطنع.
وقال نعماني وحنفي إن دعم المزارعين مباشرة سيكون وسيلة أكثر فاعلية لتعزيز المشتريات المحلية وتفادي عمليات الغش.
وأضاف نعماني أنه اقترح على الوزير بدلا من إعطاء المزارعين سعرا أعلى أن يتم الشراء بأسعار السوق مع زيادة دعم الأسمدة والبذور كإحدى الأفكار الممكنة.
وقال “يشكل هذا الفرق في السعر نوعا من الدعم للمزارع في نهاية الأمر.”
وأضاف “هناك سبل كثيرة يمكن من خلالها دعم مزارع القمح غير إعطائه سعرا أعلى للقمح.”
وتريد مصر شراء مزيد من القمح المحلي لخفض واردات القمح التي تستنزف مليارات الدولارات من أموال الدولة وهو ما يشكل عبئا على الحكومة التي تعاني من شح السيولة وسط تباطؤ النمو واتساع عجز الميزانية.
وبلغت فاتورة الواردات الغذائية للبلاد 32 مليار جنيه (4.48 مليار دولار) في السنة المالية الحالية التي تنتهي في 30 يونيو حزيران.
وقال تاجر إنه قبل انتهاء موسم الحصاد المحلي بدأ تجار في منطقة دلتا النيل سلة الخبز للبلاد التخطيط للحصول على كميات من قمح البحر الأسود الرخيص والذي يبدأ حصاده في الشهر الحالي.
ورغم أن هذا القمح لن يتم شحنه قبل أواخر يوليو تموز فإن التجار يستطيعون إبرام صفقات لتوريد القمح المستورد إلى أماكن تخزين مفتوحة تعرف بالشون حتى بعد انتهاء موسم الشراء الحكومي وذلك نظرا لأن نقل القمح من تلك الشون إلى مطاحن الدقيق يستمر حتى نوفمبر تشرين الثاني.
وقال تاجر آخر من القاهرة إنه يتوقع انخفاض الحوافز أمام المتربحين لبيع القمح الأجنبي للحكومة على أنه قمح محلي هذا العام نظرا لأن الجنيه المصري كان خلال موسم الحصاد الحالي أضعف منه بالمقارنة مع العام السابق.
وأضاف “سيكون هامش الربح أقل” مقدرا أن 300 إلى 400 ألف طن فقط من مشتريات الحكومة كانت قمحا مستوردا.