60 مليون جنيه خسائر «القابضة للسياحة» سنوياً
إشراك القطاع الخاص فى هيكلة شركات القطاع العام لوقف نزيف الخسائر
ضرورة الاستفادة من المؤسسة العسكرية فى البحث العلمى.. وتقليص اقتصادها أمر حتمى
فترة حكم «مبارك» شوهت مفهوم الخصخصة
من حق المواطن معرفة أوجه نفقات صناديق التبرعات وهيكلها الإدارى.. والقائمة السوداء «حماس شباب»
يعكف المركز المصرى للدراسات الاقتصادية على إعداد دراسة لحل الأزمات الاقتصادية التى تواجه البلاد، والتى مقرر الانتهاء منها فى سبتمبر المقبل وعرضها فى مؤتمر موسع على مجلس الوزراء ومجلس الشعب عقب تشكيله.
قال شريف الديواني، المدير التنفيذى للمركز، إن المركز بدأ فى إعداد الدراسة بالتعاون مع مركز أبحاث ألمانى وبتمويل من الحكومة الألمانية.
أوضح فى حواره مع «البورصة»، أن الدراسة تعتمد على مناقشة عدد من المشكلات وتقديم حلول لها مثل الاقتصاد الموازى ونقص الطاقة وآليات إعادة تطوير القطاع العام، بالإضافة إلى المشكلات التى تواجه القطاع الخاص والمنظومة التعليمية.
أشار إلى أن الدراسة تطرقت إلى مشكلة الاقتصاد العشوائى وقدرت حجم أصولها غير المستغلة بنحو 400 مليون دولار.
أوضح الديوانى: على الدولة ألا تنظر للاقتصاد العشوائى على أنه مصدر لزيادة المخصصات الضريبية، بل على العكس يجب أن تدعمه بحوافز لمساعدتهم على الانضمام فى جذب لمنظومة الاقتصاد الرسمى.
وأضاف: إذا نجحت الدولة فى ضم المنظومة غير الرسمية فسوف تحقق معدلات نمو سنوية تزيد على %2 سنوياً، بجانب قدرة أكبر على توفير السيولة اللازمة لتمويل المشاريع ونهضة الاقتصاد، بالإضافة إلى زيادة حجم الصادرات عند تقنين أوضاع تلك الأنشطة وضم منتجاتها للاقتصاد الرسمى، وأوضح أن المركز رصد نحو 2 مليون جنيه لإعداد تلك الدراسة.
وكشف الديوانى أن خطة المركز للعام المقبل 2015 تركز على مناقشة مشكلة الفساد فى جميع المؤسسات، حيث يصطدم كل من يرغب فى الدخول إلى سوق العمل بمنظومة من البيروقراطية الفاسدة التى تمثل العدو الأول للعدالة الاجتماعية.
طالب الديوانى بضرورة القضاء على البيروقراطية بتعديل المنظومة التشريعية الحاكمة للاقتصاد لتسهيل عملية تقنين أوضاع هذه الأنشطة، مشيرا إلى أن إنهاء إجراءات “مخبز” فى إحدى القرى الريفية يتطلب 136 خطوة إجرائية تستغرق 549 يوماً، الأمر الذى يدفع أصحابها للاتجاه إلى الطرق غير الرسمية.
أوضح أن الدراسة تطرقت إلى مشكلة التعليم الأساسى واقتراح السياسات اللازمة لتطويره، لافتا إلى أن القدرة التنافسية فى تراجع بسبب تدهور مراحل التعليم الأساسى وغياب العدالة الاجتماعية.
أضاف أن التغلب على مشاكل التعليم الأساسى يؤثر على المدى البعيد فى تحقيق العدالة الاجتماعية، ومد الطلاب بالاحتياجات الحقيقية التى تؤهلهم للمنافسة فى سوق العمل العالمى وليس المحلى فقط.
واقترح الديوانى ضرورة توفير الدولة الأموال التى تنفق فى التعليم الجامعى والأساسي، وقصر دعم التعليم الجامعى على الفئات الأكثر احتياجاً.
وتطرقت الدراسة إلى مشاكل القطاع الخاص الذى يشكل ما يزيد على %70 من حجم الاقتصاد، الذى يعانى بشكل أساسى انخفاض إنتاجيته، وتعمل الدراسة على حل هذه المشكلة حيث إن زيادة إنتاجية هذا القطاع تساوى معدلات نمو أكبر.
وأشار إلى أن القطاع الخاص يعانى مشكلتين أساسيتين هما غياب المنافسة العادلة بين الشركات، وانتشار الفساد وغياب مبادئ الحوكمة.
وعزا ضعف المنافسة فى السوق المحلى إلى المنافسة غير العادلة مع منتجات السوق الموازى وعدم قدرة جهاز حماية المنافسة للسيطرة على هذا السوق.
أشار إلى أن تراجع إنتاجية القطاع الخاص يكمن فى عدم تطوير نظم الإدارة فى أغلبها والاستعانة بالخبرات اللازمة، حيث لا يتجاوز حجم من استخدمت النظم الحديثة لتطوير العمل %5 من الشركات العاملة فى السوق.
وأيّد الديوانى مشروع تفريعة محور قناة السويس الجديد، الذى أعلن عنه مؤخراً رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى الأسبوع الماضى، لافتاً إلى أن من المهم تنفيذ الوعود بإنهائه خلال عام، حيث إننا فى سباق مع الزمن.
وأوضح الديوانى أن المشروع فى حد ذاته يعد رسالة مهمة للعالم، فحواها أن مصر فى طريقها للنهضة الحقيقية بالبدء فى المشروعات التنموية.
وأضاف أن فكرة الاكتتاب الشعبى جيدة لتمويل المشروع، ويجب أن تتم من خلال صندوق تابع لهيئة قناة السويس، مشيراً إلى ضرورة التنسيق بين شركات المقاولات التى يبلغ عددها حوالى 20 للانتهاء من المشروع فى نفس التوقيت المحدد وبنفس الجودة والكفاءة، حيث إن أى تأخير سيؤثر على المشروع بشكل عام.
وعن تواجد المؤسسة العسكرية وغيرها من الجهات الحكومية فى السوق ومساهمتها فى الاقتصاد القومى، قال الديوانى إنه لا يحبذ ذلك، ويجب تغيير هذه المفاهيم بشكل تدريجى وترك مجال الاستثمار للقطاع الخاص، وأن يقتصر دور الحكومة على الرقابة ووضع القواعد التى تحكم السوق وتطبيق القانون.
وأضاف أن دور المؤسسة العسكرية فى الاقتصاد بدأ لتغطية احتياجاته واستمر حتى الآن، لحين تخارجها من الاقتصاد بصورة تدريجية، الا أنه يجب يجب تعظيم الاستفادة من وجودها.
وأوضح أن تعظيم الاستفادة يكمن فى مشاركة الجيش فى بنود أكثر احتياجاً من مشاريع البنية التحتية فقط، مثل البحث العلمى نظرا لضعف مخصصاته فى ميزانية الدولة، مشيرا إلى أن الجيش يمتلك كوادر إدارية مدربة ومنظمة وقادرة على الإنجاز فى خطة زمنية محددة على غير الجهاز الحكومي.
وأشار إلى أن تاريخ الدولة أثبت عدم قدرة المؤسسات الحكومية على الاستثمار فى البحث العلمي، وعلى سبيل المثال المؤسسة العسكرية الأمريكية كانت تشكل المحرك الأساسى للاقتصاد والبحث العلمى والابتكار حتى فترة الثمانينيات.
أوضح أن هذه الثقافة توارثت على مدى السنين الماضية، ويجب أن تعمل الدولة على التخارج من السوق بشكل تدريجي، وترسيخ مفاهيم السوق الحر الحقيقية.
وشدد الديوانى على ضرورة أن نبدأ بالنظر للقطاع العام نظرة جدية، وأن تتم إعادة هيكلة شركات هذا القطاع الذى يعانى نزيف الخسائر المتواصل عن طريق التعاون مع نظيره الخاص.
وأضاف أن فترة حكم مبارك شوهت مفهوم الخصخصة، مشيراً إلى أن فكرة الخصخصة ارتبطت دائماً بتشريد العمالة وإهدار حقوقهم، حيث إن ذلك تم فى ظل حكم ديكتاتورى كان يبحث عن المنفعة فقط، ومن الواجب إعادة تنفيذه لوقف إهدار تلك الملايين والحفاظ على حقوق العمال.
وأوضح أن القطاع العام يمتلك أصولاً ضخمة، متمثلة فى أراض وشركات غير مستغلة فى بلد يسعى لتحقيق معدلات نمو كبيرة فى وقت قياسي، لافتا إلى أن هناك خللاً واضحاً فى إدارة الدولة لتلك الأصول، وعلى سبيل المثال الشركة القابضة للسياحة تكبدت خسائر تقدر بـ 60 مليون جنيه عام 2012-2013، وهو حال أغلب الشركات القابضة، ويجب استغلال هذه الأموال فى بنود أهم مثل التعليم أو الصحة.
وأكد الديوانى أن الإصلاحات الهيكلية لمنظومة الضرائب المتمثلة فى الضرائب المفروضة على ضريبة الدخول المرتفعة والضريبة على الأرباح الرأسمالية فى البورصة وإعادة هيكلة منظومة الدعم.
جاءت متأخرة، وعلى الدولة إنفاقها فى البنود الأكثر احتياجاً بما يعود بالنفع على المواطن.
وأشار إلى أن هذه القرارات تعد رسائل من النظام الحالى للمجتمع وإنذاراً بخطورة الوضع الحالي، حيث يجب أن يتحمل كل فرد مسئولية لحين العبور من هذه الأزمة.
وأكد أن التحدى الذى يواجه الحكومة فى الوقت الحالى بعد إعادة هيكلة النفقات وتعديل المنظومة الضريبية هو كيفية إدارة هذه الأموال للوصول لمعدلات نمو كبيرة، مشدداً على أهمية الدراسات الجادة لتحقيق الاستفادة المثلى منها.
وشدد على ضرورة أن تستغل الدولة المميزات التى يتمتع بها السوق المصرى لتوفير مناخ جاذب للاستثمار، لتعويض ارتفاع تكلفة الطاقة والأراضى والضرائب.
وأوضح أن هذه المميزات تتمثل فى خلق أيد عاملة ذات كفاءة، واستغلال السوق الاستهلاكى الكبير الجاذب للاستثمار وتعديل المنظومة التشريعية بما يحقق ذلك.
وطالب الديوانى بوضوح موقف صناديق التبرعات المتعددة بداية من «30-6» حتى «تحيا مصر» وتحديد أوجه إنفاقها، وإصدار تقارير شهرية لهذه النفقات والإعلان فى أسرع وقت عن هيكلة الإداري.
وشدد على ضرورة اتباع الشفافية فى أوجه نفقات صناديق التبرعات مؤكداً حق المواطن فى معرفة أوجه نفقات صناديق التبرعات.
وأشار إلى أن القائمة السوداء للممتنعين عن المساهمة فى صندوق «تحيا مصر» غير منطقى وخطر على المناخ الاستثمارى فى مصر، وهى فكرة نابعة لمجموعة من الشباب المتحمسين، غير مدركين خطورتها.








