الأموال النقدية تقلل من قيمة العملة وتقيّد القدرة التنافسية للصادرات ولا تدفع عجلة النمو
قبل خمسين عاماً أطلق أول مؤتمر للأمم المتحدة نقاشاً عن التجارة والتنمية، وحول كمية المال التى ينبغى أن تعطيها البلدان الغنية للدول الفقيرة للحد من الفقر وتعزيز النمو، واستقرت الأمم المتحدة فى النهاية على نسبة %0.7 من الدخل القومى.
وعلى الرغم من اتفاق عدد قليل من البلدان على هذه النسبة، فإن إنفاق المساعدات بالقيمة الحقيقية زاد بمعدل ثابت منذ ذلك الحين، حيث وصل العام الماضى إلى 134.8 مليار دولار ومازال بعض الاقتصاديين يتناقشون حول مقدار المعونة التى يمكن أن تساعد هذه البلدان.
ذكرت مجلة الإيكونوميست، أن المساعدات تأتى فى أشكال كثيرة، منها المواد الغذائية والخيام التى يتم تسليمها إلى اللاجئين والأموال النقدية التى تسد الثقوب فى ميزانيات الدول الفقيرة. وتميل الجهات المانحة إلى جعل نفسها أكثر سخاءً، ولكن الهدف فى معظم الحالات يكون رفع القدرة الإنتاجية للبلد الفقير من خلال الاستثمار فى أشياء مثل الطرق والمدارس والصحة.
ترى الأمم المتحدة أن المال سلاح قوى ضد الفقر، ويراه البعض الآخر بمثابة السقوط فى حفرة الفئران، حيث يعتقد النقاد أن المساعدات تضر متلقيها من خلال تعزيز الاعتماد عليها، وتدعم الأنظمة القمعية أو غير الكفئة، وتقلل من قيمة عملات الدول الفقيرة، ما يقوّض القدرة التنافسية لصادراتها.
ويضيفون أن المساعدات تدفع أفقر البلدان إلى الحصول على المزيد منها بشكل كبير وعلى مدى عقود ولكن الدول الغنية ببساطة لا تعطى ما يكفى فهو بمثابة إرسال سيارات الإطفاء لمكافحة حرائق الغابات التى لا تعمل إلا إذا قمت بإرسال الكثير منها.
ويعتبر تقييم أثر المعونة على النمو الاقتصادى معقداً، ويرجع ذلك إلى أن الحقيقة دائما ليست واضحة ووجود علاقة إيجابية بين الطرفين يمكن أن يعنى ببساطة أن الدول الغنية تكافئ الدول الفقيرة لتنفيذ السياسات التى من شأنها مساعدة اقتصاداتها وعلى العكس فى حال وجود علاقة سلبية قد يعنى فقط مزيداً من تدفقات المعونة إلى البلدان ذات النمو الأكثر ركوداً والذى لا يساعد على دفع عجلة النمو.
أشارت دراسة مؤخرا أعدها «سيباستيان غاليانى» من جامعة ماريلاند و«استيفن كناك» و«كولين شو» من البنك الدولى إلى أنه بعد هروب البلدان النامية من الفقر المدقع كما حددتها المؤسسة الدولية للتنمية ذراع البنك الدولى تخّفض الجهات المانحة عادة إعاناتها للتركيز على الأماكن الأكثر فقراً.
وحدّدت المؤسسة الدولية للتنمية مستوى متوسط دخل الفرد فى العام الحالى بقيمة 1.205 دولار دون مراعاة أن الدخل آخذ فى الارتفاع بسرعة.
وأشار «أوسبورن جاكسون» من جامعة نورث إيسترن فى ماساشوستس إلى أن المساعدات تزيد استهلاك الأسر، وهو الامر الذى يحفز النمو على المدى القصير، ولكن ليس على المدى الطويل.
ويؤكد دعاة تحرير التجارة وهى الأنظمة الأكثر ليبرالية أن فوائد التدابير الاقتصادية بالنسبة للبلدان الفقيرة تفوق بكثير المساعدات المالية.








