إعادة النظر فى السياسات الضريبية ضرورى لجذب استثمارات خارجية
خوسيه ماريا: العربية تعتمد على الفحم فى توليد %70 من الطاقة وتستورد 300 ألف طن سنوياً
لم نستغل أزمة الطاقة لرفع الأسعار والتجار يشعلونها لتعظيم ربحيتهم
الشركة تحصل على %12 فقط من احتياجاتها من الغاز المتعاقد عليه وتسعى لحل قضية التحكيم ودياً
قال خوسيه ماريا ماجريتا، العضو المنتدب لشركة العربية للأسمنت، إن الاقتصاد المصرى بدأ يتعافى، وأن الحكومة الحالية تتخذ عدداً من الخطوات السليمة فى اتجاه الاصلاح الاقتصادى الحقيقي.
أضاف ماريا فى حوار لـ«البورصة»: على الرغم من أن الأمور تسير ببطئ إلى حد ما لكن المؤشرات الاقتصادية تؤكد أننا نذهب نحو تنمية وإصلاح حقيقى «هذه الرؤية ناتجة من معايشتى للبيئة المصرية ومعرفتى بالاقتصاد بشكل مباشر».
لكنه استدرك قائلاً «المستثمر الأجنبى الذى ينوى ضخ أمواله فى مصر بحاجة للتأكد من أن أمواله التى يستثمرها فى أمان وأن حالة الاستقرار الاقتصادى التى شهدتها مصر الفترة الماضية ستستمر ولن تتعرقل مع الوقت».
وأردف العضو المنتدب لـ«العربية للأسمنت»: إن الحكومة المصرية بدأت فى اتخاذ عدد من الإجراءات التى تسير فى اتجاه الإصلاح الاقتصادى من حيث توفير انتشار أمنى كبير بشكل مطمئن وخلق قدر من التوازن فى ميزان المدفوعات الحكومية ما يشجع على جذب رؤوس الأموال من عواصم المال فى لندن وواشنطن ونيويورك.
فى الوقت نفسه، قال ماريا إن الإصلاحات التى تتخذها الحكومة لا تظهر للمستثمر الأجنبى خارج مصر وعليها تنظيم حملة علاقات عامة عالمية لاظهار حقيقة الاوضاع الاقتصادية فى مصر بشكل مباشر، مؤكداً أن الحملة ستحدث صدى واسعاً وتساعد على جذب استثمارات كبرى.
أكد أن مصر لابد أن تكفل حرية تدفق رؤوس الأموال الأجنبية خاصة وأن أى مستثمر يضخ استثمارات جديدة يسعى إلى تحقيق عوائد وأرباح.
أضاف: جذب رؤوس الأموال العالمية لمصر مرهون بخلق نوع من التوازن فى الحسابات الحكومية ومن ضمنها ميزان المدفوعات الذى يطمئن المستثمرين على المدى البعيد.
يذكر أن ميزان المدفوعات حقق فائضاً بقيمة 2 مليار دولار بسبب المساعدات الخليجية التى تلقتها مصر العام الماضى فيما تراجعت إيرادات مصر من أنشطة السياحة والتصدير والخدمات.
وقام البنك المركزى فى يناير 2013 بتأسيس صندوق للمستثمرين الأجانب لتلبية احتياجاتهم فى حال أرادوا التخارج من السوق بدون التعرض لمشاكل نقص العملة الأجنبية وسوق الصرف.
فى سياق متصل، قال ماريا إن الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مصر غير كافية وعلى الحكومة تقديم حزمة من الحوافز المشجعة للاستثمار كمنح اعفاءات ضريبية لمدة تتراوح بين 5 و10 سنوات وإعفاءات جمركية على الآلات والمعدات المستوردة وكذلك تقديم تسهيلات لضمان استقرار واستمرار المستثمرين فى السوق المصرى.
وطالب بضرورة تعديل النظام الضريبى بشكل يساعد على استمرار المستثمرين فى السوق المصرى والاقتداء بالتجربة الايرلندية التى كانت تسمى منذ عشر سنوات بجوهرة أوروبا لأنها تميزت بتكاليف منخفضة فى الإنتاج وعمالة مدربة وإعفاءات ضريبية مميزة.
أشار إلى أن العربية للأسمنت من الشركات كثيفة رأس المال التى تملك استثمارات كبيرة فى السوق المصرى، مؤكداً أن الشركة تركز دائماً على الاستمرار فى السوق المصرية وتحقيق أرباح مناسبة ولن يتم ذلك إلا من خلال التسهيلات التى تمنحها الحكومة وعلى رأسها الضرائب.
وتابع « الضرائب فى مصر مرتفعة جداً مقارنة بعدد من الدول الأوروبية والشركات تتكبّد %40 من أرباحها لمصلحة الضرائب فى حين لا تتجاوز الضرائب فى إسبانيا – موطنه – %25، مضيفاً أن الحكومة مطالبة بإعادة النظر فى السياسات الضريبية خاصة الجزء المتعلق بالمستثمرين الأجانب إذا أرادت جذب مزيد من الاستثمارات.
وعن استعداد شركات الأسمنت للمشاركة فى مشروع تنمية محور قناة السويس قال ماريا إن الحكومة المصرية لم تقدم حتى الآن رؤية متكاملة عن المشروع أو متطلبات الإنشاء فيه وبالتالى فشركات الأسمنت لن تستطيع تقدير حجم الطلب على مواد البناء حال بدء الأعمال المدنية للمشروع.
فى سياق متصل، نفى ماريا ما يشاع حول استغلال شركات الأسمنت لأزمة الطاقة الحالية لرفع أسعار المنتجات قائلاً «يتم تحديد الأسعار طبقاً لآليات العرض والطلب وكلما قل المعروض ارتفع السعر»، مضيفاً أن كثيراً من التجار يحاولون استغلال الأزمة الحالية للضغط على شركات الأسمنت لرفع هوامش أرباحهم.
وشهدت الإثنى عشرة شهراً الماضية ارتفاع أسعار الأسمنت من 540 جنيه للطن إلى 700 جنيه حالياً سعر تسليم المصنع بارتفاع %29.6 بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وتراجع الكميات الموردة للشركات.
وأضاف ماريا أن هامش ربح الشركة يمثل %9 فقط طبقاً لآخر قوائم مالية للشركة وهو يمثل أقل من أسعار الفائدة لو تم وضع الأموال فى أحد البنوك لاستثمارها.
وعلى الجانب الآخر، أكد أن جميع الشركات المصرية المنتجة للأسمنت لا تعمل بالطاقة الإنتاجية الكاملة لها ما عدا مصنعين فقط للقوات المسلحة ويعملان بالقرب من مستويات التشغيل الكامل.
وأشار إلى أن شركته تحصل على %12 فقط من احتياجاتها من الغاز المتعاقد عليه مع الحكومة وهو ما دفع الشريك الأجنبى إلى رفع دعوى تحكيم دولى للحصول على 140 مليون دولار تمثل المبلغ الذى تم دفعه مقابل الحصول على احتياجاتها من الغاز طبقاً للرخص التى كانت مطروحة وقتها.
وأضاف ان الشركة ترغب ان تحل الحكومة الأزمة بشكل ودى حتى تتنازل عن قضية التحكيم الدولى.
وقال إن الشركة تقوم باستيراد %50 من احتياجاتها من الكلينكر والتى تعتبر المادة الوسيطة لإنتاج الأسمنت الرمادى، فيما تقوم بإنتاج النصف الآخر عبر خليط الطاقة المستخدم أخيراً بعد موافقة وزارة البيئة للشركة على استخدام الفحم، موضحاً ان الشركة تعتمد على الفحم بنسبة %70 والغاز بنسبة %20 لم توفر الحكومة منها سوى %12 فقط وتدبر %10 من المخلفات الصلبة.
وأوضح أن شركته تعمل بطاقة إنتاجية تبلغ %61 طبقاً لنتائج أعمال النصف الأول التى تحسنت كثيراً مع بدء استخدام الفحم فى شهر مايو الماضى.
وقامت الشركة بالاستعداد لاستخدام الفحم منذ أكثر من عام عبر تجهيز مستودعات للتخزين وتحويل خطوط الإنتاج للعمل بالفحم.
أكد أن نقص الغاز أدى إلى فقدان مصر العديد من فرص التوظيف كانت ستخلقها الشركة فى حال توفيره بالإضافة إلى استفادة دول أخرى من تصدير الكلينكر للشركات المصرية.
كما أنه ألغى بعض الخطط التوسعية للشركة بافتتاح خطين جديدين داخل مصانع الشركة الحالية والتى كانت معتمدة على طرح الحكومة لرخص جديدة شاملة الطاقة.
وأشار إلى أن الشركة تعانى مشكلة حقيقية فى الوقت الحالى بسبب نقص الغاز، حيث يحتاج كل خط إلى %25 على الأقل من الكمية المتعاقد عليها مع الحكومة بحد أدنى %50 للخطين، لكن أزمة الغاز التى تعرضت لها مصر خلال العام الحالى أدت إلى تشغيل خط واحد بمزيج الطاقة طوال الصيف، فيما تعتمد على استخدام الفحم بشكل كامل بالنسبة للخط الثانى وهو ما أدى إلى تراجع الطاقة التشغيلية للشركة إلى %61 فقط.
وأكد ماريا أن خطط الشركة التوسعية والخاصة بشركة الأندلس التابعة لها التى تعمل فى مجال الخرسانة الجاهزة مازالت مستمرة من خلال افتتاح فروع جديدة لها فى القاهرة.
فيما أوضح أنه بالنسبة لشركة وصال للنقل فإن الشركة لم تدرس أى توسعات لها على المدى المنظور.
وقال ماريا إن استخدام الفحم فى صناعة الأسمنت سيؤثر على الأسعار وسيدفعها للهبوط مجدداً، حيث تنتج مصر فى الوقت الحالى %50 فقط من الطاقات المتاحة لمصانع الأسمنت والبالغة 55 مليون طن سنوياً.
لكنه أكد أن تراجع الأسعار سيأخذ فترة بين 2 و3 أعوام من الآن لحين انتهاء كل الشركات من تحويل مصانعها للعمل بالفحم بديلاً عن الغاز مما سيرفع من حجم الأسمنت المعروض ويدفع الأسعار للتراجع مرة أخرى.
وتستورد الشركة حالياً 300 ألف طن سنوياً من الفحم لتلبية %70 من احتياجاتها من الطاقة وتغطية العجز من خليط بين الغاز والمخلفات الصلبة.
وأشاد ماريا بقرار الحكومة بعدم إصدار رخص جديدة للأسمنت، موضحاً أن إصدار رخص جديدة ليس له معنى فى ظل نقص الطاقة، وأشار إلى ان «العربية» دفعت للحكومة 560 مليون جنيه ولم تحصل على غاز.
وأضاف أن شركته استثمرت 250 مليون جنيه لبناء وحدة إنتاج طاقة كهربية خاصة بها لتلاشى مشكلة انقطاع الكهرباء.
وأشار إلى أن الأزمة الحالية التى تتعرض لها مصر ليس فقط فى الغاز وإنما فى الكهرباء أيضاً وهو ما يمثل مشكلة كبيرة للمصانع فى الصعيد وشمال الدلتا.
واستبعد ماريا أن تنافس الشركات السعودية بمنتجاتها داخل مصر بسبب هوامش الربح المرتفعة داخل السوق السعودى والتى تصل إلى %60 بسبب حصولهما على الغاز بسعر 1 دولار للمليون وحدة حرارية مقابل 7 دولارات للمليون وحدة حرارية فى مصر.








