لأكثر من ثلاثة عقود ومركز كارتر في أتلانتا، بقيادة الرئيس السابق جيمي كارتر ، وضع نفسه مدافعا عن احترام حقوق الإنسان والديمقراطية. وارسل مراقبين الى 97 انتخابا في 38 دولة ، وعمل على إقناع الحكومات على احترام الحريات وحقوق الإنسان، ودعم المواطنين الذين يدافعون عن هذه المبادئ. لكن المركز قرر الانسحاب من مصر.
أعلن المركز في بيان الأسبوع الماضي، أنه أغلق المكتب في القاهرة بعد ثلاث سنوات ولن يرسل خبراء لمراقبة الانتخابات البرلمانية العام الجارى . وقال المركز ” إن البيئة الحالية في مصر ليست مواتية لإجراء انتخابات ديمقراطية حقيقية ومشاركة مدنية ” وفى جزء من البيان حذّر رئيس الولايات المتحدة السابق من حالة الاستقطاب التى تعيشها مصر والتى قد تكون تكون صعبة للغاية ، وربما خطرة ، لمنتقدي النظام الحالى .
وذكرت الصحيفة أن قرار المركز يمّثل نقدا لعبد الفتاح السيسي، الجنرال السابق الذي أطاح بالرئيس الاسلامى محمد مرسي المتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين في 2013. بالاضافة الى أن هذا القرار يرسل رسالتين قويتين لإدارة أوباما.
الرسالة الأولى هى أن محاولة التقليل من السياسات القمعية للسيسي لا بد أن يأتي بنتائج عكسية وتدفع المصريين المتضررين للعنف والتطرف وزعزعة استقرار مصر والمنطقة.
والثانية تتعلق بتغيب التحول الجذري في النهج المصرى لدى الادارة الأمريكية ، ومن هنا لا توجد وسيلة أمام وزير الخارجية جون كيري , إلا أن يشهد بمصداقية أمام الكونجرس قريبا أن مصر على المسار الديمقراطي. فهذه الشهادة شرط الكونجرس لتلقي مصر دبابات امريكية وطائرات مقاتلة قيمتها اكثر من 650 مليون دولار.
واضافت الصحيفة أنه يجب أن يتم الكبت حتى يظهر السيسي أنه جاد حول وجوده فى ” دولة تحترم الحقوق والحريات ” التي وصفها بمكر في خطاب أمام الأمم المتحدة في سبتمبر الماضى.
واشارت الصحيفة الى أنه من الواضح أن واشنطن قلقة بشأن إغضاب حليفا عربيا مهما يحفظ ويرعى معاهدة السلام مع إسرائيل ويقدم لها تصاريح تسهيل المرور عبر قناة السويس الحيوية.
ولكن في مرحلة ما يجب على الولايات المتحدة رسم خط بين مصالحها وحماية حقوق الانسان وسوف يكون من المفيد أيضا إذا قامت إسرائيل، التي تفتخر بديمقراطيتها ولها علاقات مثمرة مع السيسي، بتشجيعه بالتخلي عن المسار السلطوي الذى يتبعه منذ أن أعطى لنفسه لقب الرئيس المنتخب في اقتراع مزور في 2014.
وذكرت الصحيفة أن السيسي شنّ حملة على المنشقين والجماعات والصحفيين المعارضين، بما في ذلك ثلاثة من أكثر المهنيين احتراما يعملون لدى قناة الجزيرة.
أعرب مركز كارتر عن قلقه بشأن الاعتقالات الجماعية لقادة وأنصار جماعة الإخوان المسلمين، الذين وصفتهم مصر ظلما بأنهم إرهابيون. ووضع أكثر من 16 الف شخص في السجن لأسباب سياسية. وقتل أكثر من الف خلال الاحتجاجات.
وأضاف المركز ان قانون التظاهر الذى تم تمريره العام الماضى يحد بشدة حريات التعبير والتجمع.
ويهدف قانون آخر يعود تاريخه إلى نظام حسني مبارك، الذي أطيح به في عام 2011، إلى تنظيم الجماعات المدنية غير الحكومية وكذلك المنظمات الدولية مثل مركز كارتر.
لاحظ المركز ان حكومة السيسي شددت على قوانين الرقابة في حين أن اقتراح قانون جديد من شأنه أن يكون أكثر تقييدا. وقام السيسي أيضا بتعديل قانون العقوبات بحيث يمكن لأي شخص تم اتهامه بتلقي أموال أو أسلحة من دولة أو منظمة أجنبية أن يواجه حكما بالسجن مدى الحياة.
أصدّرت محكمة مصرية العام الماضى احكاما لأكثر من ثلاثين من موظفي المنظمات غير الربحية الأجنبية، بينهم 16 أمريكيين، بتهمة تلقي أموال غير مشروعة من الخارج والعمل لمنظمات غير مرخصة. غادر معظم المتهمين البلاد ولم يدخلوا فى السجن ساعة واحدة ، ولكن التهديد بحدوث مزيد من الاعتقالات فى تزايد .
من الواضح أن جماعات المصالح غير الحكومية من جميع الأنواع، بما في ذلك مركز كارتر، سببا لقلق النظام السلطوى الذى يرأسه السيسى . ولكن لا يمكن لهذا النظام أن يعزز الثقة لدى المستثمرين الأجانب والسياح الذين يمثلون شريان الحياة لإعادة بناء الاقتصاد المصري المضطرب.
ويجب على أمريكا فى هذه الحالة أن تفعل ما في وسعها لإقناع السيسي بالتخلي عن هذا المسار الخطير الذى يسير فيه .






