بقلم: إبراهيم كالين
لن تكون الهجمات الجوية وحدها كافية للقضاء على داعش أو ما يشار إليها بالدولة الإسلامية، وهذا هو رأى تركيا منذ بداية الحديث عن التحرك داخل العراق وسوريا، ويشاركها فى ذلك الرأى حاليا المسئولون العسكريون فى الولايات المتحدة وغيرها، ومع تزايد الدلائل على أن الحملة الجوية وحدها غير كافية، يتوجه البعض إلى لوم تركيا على عدم إرسالها قوات أرضية.
وتطالب تركيا باستمرار بأن ترسل قوات أرضية إلى سوريا، وبإرسال أسلحة إلى حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى فى كوباني، وأن تسمح لمقاتلى حزب العمل الكردستانى بالدخول إلى سوريا، ولكن هذه المطالب الثلاثة قائمة على منطق خاطئ وعدم فهم للحقائق على الأرض.
ولم تلتزم أى دولة عضو فى حلف الناتو أو فى التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة بإرسال قوات أرضية إلى سوريا، وبل واستبعد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وحلفاؤه الأوروبيون بما فى ذلك ألمانيا وبريطانيا، هذا الاحتمال بوضوح، لذا من الغريب أن تصبح «القوات الأرضية» التزاماً على تركيا وحدها.
وتؤيد تركيا بالتأكيد القتال ضد داعش والتهديدات الإرهابية الأخرى، وقد أقر البرلمان التركى فى الثانى من اكتوبر الجارى اقتراحا يمنح الحكومة حق استخدام القوة العسكرية والتعاون مع القوات الأجنبية ضد التنظيمات الإرهابية فى سوريا والعراق، لذا فإن انتقاد تركيا لرفضها إرسال قوات أرضية بينما لم تتعاون معها أى دولة أخرى هو أمر ينافى المنطق.
أما الفكرة الثانية المتعلقة بإرسال تركيا أسلحة لحزب الاتحاد الديمقراطى فهى فكرة معيبة، لأن حزب العمل الكردستانى مدرج فى قائمة التنظيمات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والناتو، ومازالت تركيا تواجه خطر الإرهاب من قبله.
ولقى 32 شخصاً حتفهم خلال العشرة أيام الماضية بسبب الاشتباكات التى وقعت فى الشوارع بتحريض من حزب العمل الكردستانى وجناحه السياسي، حزب الشعوب الكردية الديمقراطي، وبالتالى فإن تسليح حزب الاتحاد الديموقراطى الكردى التابع لحزب العمال الكردستانى معادل لإعطاء الأسلحة لحزب العمل الكردستانى نفسه، ومن سيضمن أن هذه الأسلحة المقدمة لحزب الاتحاد الديموقراطى لن تقع فى يد حزب العمال؟
وتعرضت النقطة العسكرية التركية فى داجليكا، القريبة من حدود العراق مع إيران، لإطلاق نار كثيف مؤخرا على يد حزب العمال الكردستانى على مدار ثلاثة أيام، وردت تركيا بهجوم جوى على هذه القوات فى 14 أكتوبر.
وسوف تأخذ الحكومة التركية كل إجراء ممكن لحماية مواطنيها عندما يقع أمنها تحت التهديد، ولن تقوم مطلقا بتسليح التنظيمات الخارجة على القانون والتى تعرض أمنها للخطر، وينبغى أن يسلط هذا الهجوم الضوء على المخاطر الكامنة فى حصول حزب العمل الكردستانى أو أى من تابعيه على المزيد من الأسلحة، ورغم هذه الهجمات، تلتزم تركيا بعملية السلام لحل الأزمة الكردية.
ويتجاهل هؤلاء الذين يقترحون على تركيا السماح لمقاتلى حزب العمل الكردستانى الدخول إلى سوريا للقتال جنبا إلى جنب مع قوات حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى، التحالفات المزدوجة بين الفصائل داخل سوريا، وهذه التحالفات مترسخة للغاية لدرجة أن حزب الاتحاد الديمقراطى نفسه تحالف بشكل كبير مع نظام بشار الأسد، وتحرك نحو السيطرة على المناطق المأهولة بالأكراد، كما لم يشارك هذا الحزب جماعات المعارضة السورية أبداً فى معارضتهم لنظام الأسد.
وقدمت تركيا بالفعل لضحايا قمع الأسد أكثر مما قدمته أى دولة أخرى، فهى تستضيف أكثر 1.6 مليون لاجئ سورى فى منطقتها، وأنفقت اكثر من 4 مليارات دولار للإغاثة الإنسانية دون دعم دولى ملحوظ.
وسوف تعمل تركيا مع الولايات المتحدة والحلفاء الآخرين على تدريب وتسليح جماعات المعارضة الوسطية لمحاربة داعش ونظام الأسد، وينبغى ألا تلهينا أفعال داعش الوحشية والرهيبة من قطع الرؤوس والإعدام بإجراءات موجزة عن جرائم الحرب ضد الإنسانية ارتكبها بشار الأسد.
ولا يمكن تحقيق السلام والأمن والاستقرار فى سوريا مع بقاء نظام الأسد فى السلطة، وعلاوة على ذلك، فإن حرب الأسد هى المسئولة عن الأفعال الوحشية لداعش لأنها مهدت الطريق لظهور هذه الجماعات الإرهابية ونموها، وبالتالي، فإن ضرب داعش وتجاهل الأسد بمثابة استراتيجية قصيرة النظر، وسوف تنتهى بالمزيد من إراقة الدماء فى سوريا والعراق.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: موقع «وول ستريت جورنال»








