مصر فى المرتبة الـ 20 ضمن قائمة أسوأ أسطول بحرى
التشريعات العقيمة وراء تنكيس الأعلام على السفن
كشف محمود حنفى، رئيس مجلس إدارة معهد برمودا للدراسات البحرية، أن قطاع النقل البحرى يعانى من حالة هشاشة، وحمل الدولة وحكوماتها السابقة مسئولية الانهيار، نظراً لأنها لم تبذل أى جهد للعناية به لانقاذه.
ولفت حنفى، فى حوار لـ «لوجيستيك»، إلى أن الدولة لم تسع لتكوين اسطول نقل يليق بها أو تطوير وتحديث موانيها للحصول على نصيب عادل من التجارة العالمية، وتراخت فى إنشاء هيئة متخصصة لرقابة وتصنيف السفن أسوة بباقى دول العالم، أو حتى بنجلاديش وجزرالقمر، بدلاً من احتكار الهيئات الأجنبية.
أكد حنفى، أن قطاع النقل البحرى دخل فى شيخوخة مبكرة، وتم إدراجه فى القائمة السوداء لمنظمة الملاحة البحرية الدولية، بسبب عدم الالتزام بالمعايير الدولية فى التفتيش والشفافية والسلامة البحرية، بالإضافة إلى عدم توافر معاييرالأمان والسلامة البحرية، وتهالك معظم السفن، وعدم قدرة الصالحة منها على تلبية الطلب المتزايد بالسوق.. والمحصلة فى النهاية تراجع الجدوى الاقتصادية للقطاع، وانخفاض نسبة مساهمته فى الاقتصاد القومي، ما جعله يمثل عبئا على ميزانية الدولة.
وأشار إلى أنه طبقا لآخر تصنيف دولي، لا تزال مصر تحتل المرتبة الـ 20 على مستوى أسوأ أسطول بحرى فى القائمة السوداء للمنظمة الدولية (imo) والترتيب رقم 63 على مستوى العالم من بين 82 دولة مشتركة فى التصنيف العالمى، لافتاً إلى أن التقرير ذكر أن مصر لم تدخل بعد فى القائمة الرمادية التى تضم 18 دولة.
وأكد رئيس مجلس الإدارة، أن مصر لا تمتلك أسطولا بحريا بالمعنى الحقيقى، لافتاً إلى ان الفساد الممنهج سبب رئيسى فى ضياع الأسطول البحرى الذى كان يمتلك 76سفينة، ووصل اليوم إلى 8 سفن متهالكة.
وأكد أن القطاع يحتاج إلى إعادة هيكلة كاملة لقياداته، وإسناد مهامه إلى مسئولين على دراية بالقطاع ومشاكله، مطالباً بانشاء وزارة للنقل البحرى يتولى إدارتها قبطان أسوة بوزارة الطيران.
وأضاف أن التشريعات البحرية العقيمة هى السبب الحقيقى وراء تنكيس الأعلام على السفن، مؤكداً أن التشريعات والقوانين البحرية فى مصر معقدة. ودولة مثل بنما لديها تسهيل فى الإجراءات والقوانين، ما يضطرالسفن إلى رفع علم بنما بدلا من العلم المصرى.
أما هيئة السلامة البحرية، فتمنح شهادات دون دراية بحجم الخطورة التى يسببها منح الصلاحية لسفن غير صالحة.. وهو بسبب الفساد الذى مازال حتى الآن يطاردنا منذ كارثة العبارة السلام 98، لافتاً إلى أنه طالب وزير النقل بفتح ملف العبارة “اليوسيفية ” قبل ان تحدث كارثة أخرى أخطر من السلام 98.
وحتى الآن لم تتحرك الحكومة لعلاج هذا القصور، الذى تسبب فى كارثة العبارة السلام، وغيرها من الحوادث.
وأشار إلى أن هيئة السلامة البحرية، أسندت بالمخالفة للقانون والاتفاقيات الدولي، أعمال الصيانة والإشراف والرقابة على معدات السلامة البحرية لشركة خاصة ملك ممدوح اسماعيل صاحب العبارة السلام 98 الهارب حاليا فى لندن. وطبقا لقرار الإسناد، يحق للشركة الخاصة منح شهادات الصلاحية لنفسها، أى لسفنها بالمخالفة لجميع القوانين والقواعد والاتفاقيات المحلية والدولية، ما يعد صورة صارخة من الفساد وتعارض المصالح.
وكان من تداعيات هذا الفساد، تجاهل معدات السلامة على العبارة 98، والالتفاف على بعض الشروط والقواعد. وكان نتيجة ذلك غرق العبارة فى كارثة هى الأسوأ بالقطاع البحرى.
كما أن المسئولين بوزارة النقل والقطاع البحري، مازالوا متأخرين فى الموافقة على إضافة تخصص “تسجيل وتصنيف السفن” إلى منظومة القطاع البحرى، لافتاً إلى أن غياب هذا التخصص يجعل مصر تحت رحمة مافيا هيئات التصنيف الأجنبية التى لا ترحم الشركات المصرية، حيث تستغل فرصة عدم وجود جهة أو هيئة مصرية لمنافستها، فتقوم فى ظل نظام الاحتكار وسيطرتها على هذا المجال، بالمغالاة فى أسعار الرسوم التى تفرضها على ملاك السفن المصرية.
وأضاف أن الموانئ العالمية والأسطول التجارى البحري، يلعبان دوراً رئيسيا فى تسهيل حركة البضائع وتخفيض أسعار النقل، ودفع حركة التطوير الاقتصادى والنظام العالمى اللوجستى حيث إن (85 – %90) من حجم التجارة العالمية يتم نقله بواسطة البحر عن طريق الاسطول التجارى العالمى، بينما تجارة مصر تنقل بسفن أجنبية.
ووصف حنفي، نقل البضائع الوطنية على سفن مؤجرة من الخارج بأنه ” عارعلى مصر” – على حد تعبيره، مؤكداً أن هذا يهدر علينا مليارات الجنيهات.
ولفت إلى انه تلاحظ وجود عجز ضخم فى امكانيات القطاع البحرى، تمثل فى واقعة “العائدون من ليبيا” الذين لم نجد لهم سفناً سوى مركب واحد “عايدة 4 ” لإعادتهم إلى الأراضى المصرية.
فى الوقت الحاضر، يتعرض مجال النقل البحرى لكارثة.. لذلك يجب الاهتمام والتفكير فى أفضل الطرق التى يمكن بها حل هذه المشكلة، مشيراً إلى ضرورة انشاء وزارة خاصة بالنقل البحرى، وزيرها يكون قبطانا بحريا حتى يكون متفهما لمشاكل القطاع.
كما طالب، رئيس الوزراء بالاستجابة لاستقلالية هذا القطاع، وانشاء وزارة له.. وبالتالى سيحقق ما نهدف اليه جميعا بشرط أن يتولى قيادته اصحاب الخبرة والتخصص.
وحول قرار الحكومة، عدم تجديد اتفاقية التبادل التجارى مع تركيا “الرورو”، اكد ان القرار صائباً لاعتبارات امنية واقتصادية وسياسية، لافتاً إلى ان الخسارة الأمنية حال بقاء هذه الاتفاقية ستكون أكبر كثيراً من الخسارة الاقتصادية. والظروف الأمنية الحالية تقتضى ذلك. وقرار التجميد تصاحبه خسارة تركية مضاعفة على الجانب الاقتصادى.
وأضاف أن تركيا لم تلتزم بالاحترام المتبادل بين الدول.. وبالتالى سوف تنقطع كل المصالح المشتركة، وهو ما حدث بالفعل من عدم تجديد اتفاقية التجارة.
والمخاطر الأمنية تمثل %50 من مخاطر أى دولة.. وبقاء الاتفاقية يحمل مخاطر سواء على الشق السياسى أو الأمنى فى مصر.
وأضاف أن الحكومة التركية أعلنت مؤخرا الاستعانة بالمملكة العربية السعودية، بعد إلغاء مصر لاتفاقية “الرورو” بنقل بضائعها مباشرة إلى المملكة بدلاً من العبور عبر الأراضى المصرية.
وهناك شركات خاصة تركية تقوم بتسيير بواخر تجارية لنقل حاويات البضائع من ميناء “اسكندروية” المطل على البحر الابيض المتوسط بشكل مباشر، إلى ميناء الملك عبدالله فى جدة المطلة على البحر الأحمر.
وعن فكرة عمل مخطط ميناء الاسكندرية الكبير باسم الميناء الاكبر، اشار إلى أن المشروع الجديد هو مشروع استراتيجى واكبر من طاقة الميناء، ويحتاج إلى تكاتف كل اجهزة الدولة لتنفيذه، لافتا إلى انه من الضرورى ان يخضع المشروع لدراسات تشارك فيها كل الوزارات.
ويتضمن المخطط ربط ميناءى الإسكندرية والدخيلة، وهويعد مشروعاً ضخما ومحوريا نظراً لأن منطقة الدخيلة حالياً مأهولة بالسكان، فضلاً عن ان ربط الميناءين بطول من 8 إلى 10 كيلو مترات يحتاج إلى اعمال انشائية داخل البحر فى صورة أرصفة بحرية وساحات تخزينية بشكل عمودى على الساحل، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة ودراسات متأنية.
أيضا التصديق على مشروع إنشاء وصلة حرة لربط ميناء الدخيلة بالطريق الساحلى الدولى السريع، ويتضمن المخطط أيضاً طرح مشروع إدارة وتشغيل لخطة متعددة الاغراض بميناء الإسكندرية، وإحياء فكرة مشروع انشاء الميناء الأوسط (ميناء الإسكندرية الكبير).
كما يجب أن يكون لدى وزارة النقل مخطط عام لكل الموانئ المصرية، يقضى بعدم طرح مشروعات بشكل عشوائى ما لم يستلزم وجود تخطيط لطرح الموانئ الجديدة، أو تطوير الموانئ الخالية والتوسع فيها، أو طرح مشروعات جديدة بها وفقاً لاحتياجات الدولة.
وعن الأسباب الحقيقية وراء توقف خط بورتوفيق بعد عودته مرة أخرى بعد غياب 8 سنوات، أوضح أن الشركتين العاملتين على الخط طالبتا وزارة النقل بدعمهما، لأنهما تكبدتا خسارة وصلت إلى 40 ألف دولار فى كل رحلة، مما اضطرهما لوقف الخط تماما.
وهناك مسئولون بوزارة النقل، صرحوا بأن رجوع الخط إلى العمل تم دون دراسة جدوى.
كتب: عماد حمدى