تضارب الآراء فى شركات السمسرة حول جدواها.. ومخاوف من مخاطرها الشديدة على السوق
مطالب بإضافة منتج جديد للسوق وتحذير من نقص الخبرة به
تسعى البورصة المصرية، من خلال خطتها الاستراتيجية لتطوير السوق، لإضافة أدوات جديدة للعمل على تنشيط أحجام التداولات، وجذب شرائح جديدة من المستثمرين، يأتى على رأسها الـ «Short selling»، باعتبارها إحدى الأدوات المتعارف عليها عالمياً، لذا تم وضعها فى قائمة الخطط المستهدف تنفيذها من قبل البورصة على المدى القصير.
أكد د. محمد عمران، رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية، أنه عقب رفع الإجراءات الاحترازية، وعودة الاستقرار للبورصة، وانتعاش التداولات نسبياً، فإن مجلس الإدارة سيدرس تطبيق آلية البيع على المكشوف والمسماة بـ «Short selling»، فيما كان لدار الافتاء المصرية رأى اخر.
حيث أكد مسئولون بدار الإفتاء المصرية على تحريم التعامل بهذه الآلية، مستندين فى ذلك إلى حديث حكيم بن حزام – رضى الله عنه – قال: قلت يا رسول الله: يأتينى الرجل يسألنى من البيع ما ليس عندي، فأبيعه منه ثم أبتاعه له من السوق؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تبع ما ليس عندك».
قالت «الافتاء» إن الإسلام يشترط ضرورة تملك السلعة التى تقوم ببيعها، مشيرة إلى أن هذه الآلية تشبه تعاملات الفوركس، والتى أصدرت الإفتاء فتوى بتحريمها، حيث تدخل فى نطاق البيوع المحرمة.
وبعيداً عن الجدل الدينى شدد د. طارق عبدالبارى، نائب رئيس شركة مصر للمقاصة والإيداع والحفظ المركزي، على عدم استعداد شركات السمسرة لتطبيق هذه الآلية حالياً، و أنه فى حال رغبة البورصة فى تطبيق آلية البيع على المكشوف، فإن الامر سيتطلب إعادة تدريب جميع شركات السمسرة على التعامل بهذه الآلية، مشدداً على ان التدريبات التى اجتازتها العديد من الشركات سابقاً، لا يمكن الأخذ بها حالياً، نظراً لمرور نحو 4 سنوات عليها وهى فترة طويلة، ما يستلزم إعادة تدريب الشركات مرة اخرى، متوقعا أن تستغرق عملية التدريب نحو 3 أشهر بشقيها العملى والنظرى.
وتباينت آراء شركات الأوراق المالية، حول امكانية تطبيق آلية البيع على المكشوف فى الفترة الحالية من عدمه، حيث رحب حسين الشربينى العضو المنتدب لشركة فاروس لتداول الأوراق المالية بتطبيقها، مشيرا إلى أن السوق يعانى ضعف المنتجات منذ عام 2006، حيث يقتصر على عمليات التداول المعتادة، ما يستدعى ضرورة إضافة منتج جديد، رغم انها تمثل مجازفة، ولكن لابد منها لانعاش السوق، مع وضع ضوابط للحد من المخاطر المرتفعة لها مثل تحديد البيع فى نفس الجلسة.
يوافقه الرأى أيمن صبرى العضو المنتدب لشركة أصول لتداول الأوراق المالية، مطالبا بضرورة إضافة منتج جديد للسوق، مع وضع بعض الضوابط عند تطبيق الـ “شورت سيلينج” كتحديد حجم صغير للمحفظة من الأسهم مثلاً 30 أو 40 ألف سهم، لتقليل حدة الخسائر، مع منع صناديق الاستثمار من التعامل على تلك الالية، لان أحجام تداولاتها مرتفعة نسبيا، وقد يؤدى ارتفاع المخاطر الى حدوث اهتزازات عنيفة فى السوق.
شدد احمد ابو السعد العضو المنتدب لشركة “دلتا رسملة” لإدارة المحافظ الاستثمارية على اهمية تطبيقها مشيرا إلى أن الـ “شورت سيلينج” أداة متعارف عليها عالميا ولكنه يرى فى الوقت نفسه ضرورة اقتصار اتاحتها على الفئة المؤهلة للتعامل عليها فقط، ووفق عقود محددة.
من جانبه، قال محمود شعبان، العضو المنتدب لشركة جذور لتداول الأوراق المالية، إن مخاطر تلك الالية منخفضة، وأن أغلب الاسواق العالمية والعربية تتيح التعامل بالـ «شورت سيلينج»، مؤكدا أن البورصة بطبيعتها قناة استثمارية عالية المخاطر.
قال محمد ماهر العضو المنتدب لشركة برايم لتداول الأوراق المالية، إن هناك معايير وضوابط متفقا عليها، ولكنها لن تكون مجدية فى ظروف السوق الراهنة، حيث يجب أولا أن يعود السوق لمستوياته فى 2008 و2009، حتى يتمكن من استيعاب مخاطر تلك الالية المعقدة.
وقد انضم د. عصام خليفة العضو المنتدب لشركة «الاهلى» لإدارة صناديق الاستثمار والمحافظ الاستثمارية إلى فريق المعارضين، مؤكداً ان السوق المصرى بدأ يتحسس الاستقرار والتعافى التدريجى فلا داعى الان للاستعجال، واضافة ادوات جديدة عالية المخاطر مثل «البيع على المكشوف».
أوضح هانى محمود العضو المنتدب لشركة «بلوم مصر» لتداول الأوراق المالية، أن السوق يفتقد إلى ثقافة وأسس التعامل مع الـ «شورت سيلينج»، ما قد يؤدى الى حدوث اضطرابات عنيفة، مشددا على ضرورة الانتظار حتى يستوعب المتعاملون إمكانية التعامل مع آليات جديدة.
استبعد خالد أبوهيف، العضو المنتدب لشركة التوفيق لتداول الأوراق المالية جدوى تطبيق تلك الآلية وتناسبها مع السوق المصرى، حيث تسببت من قبل فى انهيار الاقتصاد الامريكى خلال الازمة المالية العالمية فى 2008، كما أن هناك خلافاً حول الفتوى الشرعية لتطبيق «الشورت سيلينج»، ويحتاج تفعيلها إلى موافقة دار الافتاء المصرية.
رفض محمود جبريل العضو المنتدب لشركة أموال لإدارة المحافظ، تطبيق تلك الآلية بسبب ارتفاع مخاطرها كما انه لا يوجد سقف لخسائرها ما يتعارض مع طبيعة المستثمرين الأفراد فى مصر، ما سيمثل ضغطا إضافيا على السوق قد يعرضه لهزات عنيفة.
جدير بالذكر أن «short selling» يعنى قيام الفرد ببيع ورقة مالية قبل أن يتملكها فعليا، بهدف شراء هذه الورقة لاحقا ولكن بقيمة أقل.
يذكر أن نظام «short selling» يتضمن «تسليف الاسهم» الذى يكون من خلال وعاء يحتوى الاسهم الخارجة عن نطاق احتياجات اصحابها، ويكون التعاقد عليها لمدة محددة للاستفادة منها سواء بعوائدها أو بالمضاربة عليها.
كان محمد عبد السلام رئيس شركة «مصر المقاصة» قد اقترح خلال فترة رئاسته للبورصة وجود «وعاء» مُجمع للتسليف، يسمح لمن يريد اقتراض أوراق مالية بالاقتراض من هذا الوعاء مباشرة، وهو ما سيمنح نوعاً من المرونة لهذا الوعاء فى تلبية جميع طلبات العملاء الراغبين فى اقتراض أسهم بغرض المتاجرة فيها، كشف عن أن فكرة «الوعاء المجمع» ستساعد كثيراً فى تقليل المخاطر سواء على المستثمرين أو شركات السمسرة، كما أن الآلية فى حد ذاتها ستسهم فى توفير أداة استثمارية جديدة، تمكن المستثمر من تحقيق عائد إضافى يتمثل فى العائد من استثمار الضمان النقدى فى حال تسليف الأوراق المالية الخاصة بهم.