«بنوك الاستثمار»: الآلية تمثل أداة جذب ضرورية للمستثمرين العرب
فى ظل معاناة بعض الشركات من ندرة الموارد التمويلية وانخفاض توليفة الأدوات المالية المتاحة بالسوق المحلى، وإلزامها للشركات بضوابط مادية ثابتة مهما كان مصير المشروع كالسندات، بينما تتسبب الأدوات الأخرى فى إضعاف هيمنة المالكين على مشروعاتهم كالأسهم، جاءت الصكوك لتوازن بين تلك السلبيات وسط توقعات بنشاط غير مسبوق لسوق الصكوك فى مصر فى حالة إقرار ضوابط التعامل عليها.
وقال شريف سامى، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية إنه خلال الأسابيع المقبلة سيتم إصدار اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال التى تتضمن باباً جديداً لصكوك التمويل، حيث قدمت الهيئة مقترحاتها النهائية حول الصكوك لوزارة الاستثمار لاعتمادها، والتى تعكف الوزارة على دراستها فى الوقت الحالى.
وأوضحت بنوك الاستثمار المنوطة بالترويج لمشروعات القمة الاقتصادية أن توفير مزيد من آليات التمويل سوف يتيح الفرصة لجذب الكثير من رؤوس الأموال، ولاسيما الاستثمارات الخليجية التى تفضل التعامل فى الأدوات الإسلامية.
ويرى محمد متولى، نائب الرئيس التنفيذى لشركة اتش سى للأوراق المالية والاستثمار، أنه كان من المفترض أن يتم تفعيل الصكوك منذ وقت بعيد لسد الفجوات التمويلية، خاصة فى ظل تنامى الطلب العالمى على تلك الآلية، والتى سوف تمثل إضافة قوية للاقتصاد المصرى.
أضاف أنها أداة جاذبة للاستثمارات الأجنبية والعربية على حد سواء، فضلاً عن جذب شريحة جديدة من مستثمرى جنوب شرق آسيا وتسهيل الترويج لمشروعات مؤتمر مصر الاقتصادى، مقترحاً إنشاء لجنة تشريعية موحدة تحت إشراف البنك المركزى أسوة بالنظام الماليزى، مع سرعة تفعيلها خاصة أن الاقتصاد المحلى فى حاجة ماسة لمزيد من تدفقات رؤوس الأموال فى ظل ترقب شديد من قبل شريحة كبيرة من المستثمرين بما فيها المستثمر الأجنبى والدول الغربية التى سبقتنا فى استخدام تلك الآلية لتمويل ميزانيتها.
وقالت وزارة الخزانة المالية البريطانية إنها أصبحت أول دولة خارج العالم الإسلامى تصدر صكوكاً سيادية، وقامت ببيع ما قيمته 200 مليون جنيه إسترلينى، بما يعادل 340 مليون دولار، إلى مستثمرين فى المملكة المتحدة وفى المراكز الرئيسة للتمويل الإسلامى فى جميع أنحاء العالم.
وطالب محمود جبريل، العضو المنتدب لشركة «أموال» لإدارة صناديق الاستثمار، بضرورة الانتهاء من اللائحة التنفيذية لصكوك التمويل قبل مؤتمر القمة الاقتصادية لتيسيير عمليات تمويل المشروعات المزمع طرحها، مع ضرورة إتاحة الفرصة للشركات تحت الإنشاء للتمويل عبر الصكوك.
وتسعى دول عربية لإصدار صكوك تمويل لأول مرة، حيث توقع نائب محافظ البنك المركزى الأردنى أن يدير البنك أول إصدار من صكوك التمويل الإسلامية لصالح الحكومة المركزية فى شهر فبراير المقبل بقيمة تتراوح بين 400 و500 مليون دينار، وأعلن وزير الاقتصاد والمالية التونسى حكيم بن حمودة، أن تونس ستصدر خلال الربع الثالث من العام الجارى صكوكاً إسلامية بقيمة 500 مليون دولار.
وتعتزم سلطنة عُمان التوسع فى الصكوك التى أصدرتها لأول مرة منتصف 2013 لصالح أحد الشركات بصيغة الإجارة، ليعلن الرئيس التنفيذى للبنك المركزى العُمانى عن اعتزام الحكومة إصدار صكوك إسلامية، بقيمة 200 مليون ريال عمانى خلال الفترة الراهنة.
وشدد محمد ماهر، نائب رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية، على ضرورة إصدار آلية الصكوك لتيسير عملية الترويج لتمويل المشروعات الحكومية فى ظل توقعات بإقبال الحكومة على استخدام تلك الآلية لتمويل مشروعاتها، نظراً للجاذبية الشديدة التى تتمتع بها تلك الآلية للمستثرين العرب وبعض الفئات من المستثمرين المحليين، كما أن بعض الشركات تبحث عن أدوات تمويلية بعيدة عن السندات فى الوقت الذى ترغب فيه عدم إدخال مساهمين بالشركة ولا يتيح لها ذلك سوى الصكوك.
واشترطت ملامح مشروع الصكوك الجديد والمكون من 20 مادة، ألا يقل رصيد حقوق الملكية بالشركة عن 100 مليون جنيه، وأن تُقدم الشركة قوائم مالية لعام مالى سابق، وأن تلتزم حتى نهاية عمر الصك بجميع الإفصاحات المطلوبة عن الأحداث الجوهرية، بالإضافة إلى استحداث شركة تصكيك الحد الأدنى لرأسمالها 5 ملايين جنيه والغرض الوحيد منها إصدار الصكوك، ويشبه عملها مهمة شركة التوريق.
وقال ماهر إن شركة برايم سوف تتجه للحصول على رخصة تصكيك فى حالة إقرار التعامل بصكوك التمويل وإعلان عملاء الشركة عن رغبتهم فى تمويل شركاتهم ومشروعاتهم عبر الصكوك.
وكشفت الهيئة العامة فى وقت سابق عن احتمالية أن تدرس فى مرحلة لاحقة من اعتماد قانون الصكوك الجديد، السماح بالتعامل على الصكوك فى البورصة من خلال صانع سوق مع السماح لشركات السمسرة بالقيام بهذا الدور، وذلك لتنشيط سوق التداول الثانوى للصكوك وتجنب أزمة جمود التداولات الثانوية مثلما هو الحال فى تداولات السندات حالياً.
وكانت هونج كونج فى مطلع سبتمبر الماضى قد أدرجت أول صكوك إسلامية تصدرها فى تاريخها فى بورصة «ناسداك دبى» وبقيمة مليار دولار، حيث رحبت دبى بالخطوة معتبرة أنها تعزز طموح الإمارة الخليجية بالتحول إلى «عاصمة للاقتصاد الإسلامى» فى العالم.
وقال وائل المحجرى، العضو المنتدب لشركة بلتون المالية القابضة، إنه لا سبيل سوى إقرار الصكوك كأداة مالية أثبتت كفاءتها وجاذبيتها حول العالم، فى حين يتسبب تأجيل تلك الآلية فى إضاعة الكثير من الفرص التمويلية والتنموية على الاقتصاد القومى، ولا سيما فى ظل اتجاه جميع الجهات التمويلية الخارجية نحو تنويع استثماراتها عبر ضخ رؤوس الأموال فى أدوات استثمارية مختلفة. وسجل السوق الرئيسى للصكوك حول العالم إصدارات إجمالية بقيمة 114.7 مليار دولار خلال الأحد عشر شهراً المنتهية فى نوفمبر الماضى، مقابل 105.7 مليار دولار خلال الفترة المقارنة، وفقاً لمؤسسة بيتك الكويتية للأبحاث.