بأسلوب بسيط وشيق، استطاع عاطف الشريف، الرئيس السابق للبورصة المصرية، جذب القراء لمطالعة كتاب عن أسواق المال بعنوان « البورصة صراع الثيران والدببة»، والكتاب من عنوانه يجذب غير المختصين بأسواق المال لقراءته، كما يجذب المبتدئين فى هذه المهنة للتعرف على أسرار أخطر وأهم الأسواق، فمن لا يملك معلومات عن تاريخ البورصات يستطيع من خلال هذا الكتاب أن يتعرف على تاريخ إنشاء البورصات، وأول عملية بيع أسهم فى التاريخ المصرى، والتى تمت فى عهد الخديو إسماعيل لبيع أسهم قناة السويس، وكيف تم تداول هذه العملية فى أسواق لندن وباريس، وأصداء هذه العملية التى فتحت الباب أمام الاحتلال الإنجليزى لمصر.
ويتناول الكتاب كثيراً من القصص والأسرار عن الصفقات التى كان لها دوى كبير فى عالم المال والسياسة، ثم يتطرق الكتاب للتعريف ببدايات البورصات فى مصر والعالم، وتناول القوانين المنظمة لأسواق المال، كما يعرض الكتاب الأسباب التى تقف وراء أشهر التسميات والمصطلحات الدارجة فى البورصة المصرية، واستراتيجيات الخسارة التى يمكن بتعلمها إدراك ماهية الربح، وكيف يستطيع المتعامل بالسوق لأول مرة تجنبها.
أشار الكتاب إلى أن السر فى الفوز الكبير فى سوق الأسهم هو «ألا تكون على حق طوال الوقت، ولكن أن تخسر أقل مبلغ عندما تكون على خطأ، وتكون على خطأ عندما ينخفض سعر السهم إلى أقل من السعر الذى دفعته فيه»، حيث يجب أن تبيع الأسهم الأسواء أداءً أولاً، واحتفظ بباقة الزهور خالية من الحشائش.
نقل الشريف قصة رجل عجوز يصنع فخاً للديكة، يتكون من آلة بسيطة عبارة عن صندوق كبير بابه متصل بمفصلة فى ناحية قمته، ويظل هذا الباب مفتوحاً بواسطة قطعة خشبية مربوط بها حبل يصل طوله لعدة أمتار ناحية العجوز.
ويقوم العجوز بنثر القليل من الذرة على طول الطريق لتغرى الديكة بدخول الصندوق، وعندما تدخل الديكة الصندوق تجد كثيراً من الذرة، حينما يتجمع عدد كاف من الديوك داخل الصندوق حسب توقع العجوز أو رغبته، يقوم بجذب القطعة الخشبية بشدة عن طريق الحبل المربوطة به، ويمسك هو بطرفه الآخر ليسقط الباب مغلقاً الصندوق على الديكة.
وفى أحد الأيام، كان لدى العجوز 12 ديكاً فى الصندوق، وعندما قرر العجوز شد الحبل لكى يغلق باب الصندوق خرج أحد الديكة من الصندوق تاركاً 11 ديكاً بداخل الصندوق، فقال العجوز: كنت أتمنى صيد 12 ديكاً سأنتظر دقيقة وربما يعود الطائر ثانيةً، وبينما هو ينتظر إذ خرج اثنان آخران من الصندوق فقال العجوز لنفسه كان يجب أن أكتفى بـ11 ديكاً وبمجرد عودة ديك واحد ليكتملوا 10 سوف أشد الحبل، وبينما هو ينتظر إذ خرجت باقى الديوك بالتتابع وعاد صفر اليدين خاسراً بعضاً من حبات الذرة وانتظار يوم بأكمله.
وتوضح القصة المشاعر التى يتعرض لها المتعاملون بالبورصة طوال مرحلة الاستثمار وأسباب الفشل فى جنى ثمار أرباحهم بسبب عدم الرضا.
وتتناول باقى فصول الكتاب المكون من 5 أبواب تاريخ البورصات حول العالم منذ إنشاء أول سوق للأوراق المالية فى العالم فى بلجيكا عام 1531، وانتشارها بعد ذلك فى باقى دول أوروبا فى هولندا وإنجلترا وفرنسا لتمويل خطط الاستعمار، ومن ثم انتقالها للولايات المتحدة الأمريكية وباقى دول العالم، وإنشاء أول بورصة للأوراق المالية فى مصر عام 1861 فى مقهى وبار «سريقة» فى حى محرم بك بالإسكندرية، وكيف توسعت أعمال البورصات حول العالم، والبورصة المصرية لتصبح خامس أكبر سوق مال فى العالم من خلال إدراج ما يزيد على 930 شركة و110 مكاتب سمسرة، فى أربعينات القرن الماضى، تراجعت أعدادها بسبب السياسات الحكومية والمالية الخاطئة التى أطاحت بأموال صغار المستثمرين، فضلاً عن تحول مصر لدولة اشتراكية، ما دفع رؤوس الأموال للهرب سريعاً بسبب عمليات التأميم.
ويروى الكتاب قصة نجاحات البورصة المصرية فى تمويل المشروعات القومية المصرية التى شاركت فيها كل فئات الشعب المصرى، والتى كان أبرزها إنشاء بنك مصر، فكرة طلعت باشا حرب وما تلاه من مشروعات عامة ساهمت بقوة فى خلق بيئة اقتصادية وطنية قادرة على النهوض بالاقتصاد القومى المصرى.
ويسرد الكتاب الذى يعد أحد أهم كتب التأريخ لحياة البورصة المصرية قصص بيع أسهم شركة «قناة السويس العالمية» للإنجليز، وتدخل عائلة «روتشيلد» اليهودية فى اقتناص الصفقة من بيوت المال الفرنسية التى تنافست عليها فى ذلك الوقت، مع تدبيرهم التمويل اللازم لعملية الشراء والبالغة 100 مليون فرنك فرنسى مقابل حصولهم على %5 على المبلغ و%2 عمولات، والتى احتاجها الخديو إسماعيل لسداد ديون مصر، وما تلاها من أحداث فرض الوصاية الدولية على مصر بسبب الديون والاحتلال الإنجليزى لمصر، وخطوة الرئيس جمال عبدالناصر بتأميم القناة مع التعهد بسداد أموال المساهمين.
وتضمنت الفصول المتبقية أنواع أسواق المال وتقسيماتها، وأحجام البورصات عالمياً وإقليمياً، فضلاً عن التعريف بالتحليل الفنى والمالى وتاريخهما، وميول الأفراد والمؤسسات تجاه أى من الاثنين.
ويختتم الشريف كتابه «البورصة صراع الثيران والدببة» بتعليم المستثمر أبجديات البورصة وكيف تكون بورصجًى ناجحًا وأساسيات الاستثمار بها.








