تهدد إمكانية عدم التوصل لاتفاق بين الحكومة اليونانية، والاتحاد الأوروبي لتمديد برنامج الإنقاذ المالي بنفاد السيولة النقدية لأثينا.
وحاول تقرير نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية الإجابة عن التساؤل بشأن موعد انتهاء السيولة المالية لليونان، في حال عدم توصلها لاتفاق مع شركائها في منطقة اليورو بشأن شروط برنامج الإنقاذ المالي.
وأشار التقرير إلى أن ديون اليونان تبلغ 323 مليار يورو (238 مليار دولار أمريكي)، ما يوازي نحو 175% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويمتلك الاتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي عضوي “الترويكا” التي وفرت حزمة إنقاذ مالي لأثينا في عام 2010 نحو 75% من إجمالي ديون اليونان
وانكمش الاقتصاد اليوناني منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008 بنحو 25%، إلا أنه تمكن مؤخرًا من تسجيل نمو طفيف، في حين بلغ معدل البطالة في البلاد حوالي 28% في ذروة الأزمة الاقتصادية التي شهدتها أثينا، لتصل النسبة إلى 60% بين الشباب، بينما تراجعت مؤخرًا إلى أدنى مستوى 26% من إجمالي القوى العاملة.
وتشهد الفترة الحالية خلافًا بين الحكومة اليونانية اليسارية الجديدة، والاتحاد الأوروبي، بشأن تمديد برنامج الإنقاذ المالي الذي تبلغ قيمته 240 مليار يورو، حيث يذهب معظم تمويل البرنامج لخدمة الديون، وليس لصالح أوجه الإنفاق العامة للبلاد.
ويثير عدم تمديد برنامج الإنقاذ المالي المخاوف بشأن عدم قدرة اليونان على سداد رواتب الموظفين، ما يهدد بخروجها من عضوية منطقة اليورو.
ورصد التقرير في الرسم البياني التالي أوجه إنفاق برنامج الإنقاذ المالي الذي تحصل عليه اليونان منذ عام 2010.
ويكمن الخلاف الأخير بين اليونان والاتحاد الأوروبي في الدفعة الأخيرة من برنامج الإنقاذ، والتي تبلغ قيمتها حوالي 172 مليار يورو، والتي تنتهي في 28 فبراير/شباط الجاري، حيث ترغب الحكومة اليونانية الجديدة برئاسة “أليكسيس تسيبراس” في إعادة التفاوض بشأن شروط الحصول عليها.
وترغب الحكومة اليونانية في إعادة النظر في السياسات التي يتضمنها برنامج الإنقاذ، وعلى رأسها الخصخصة، وحجم القطاع العام، وتحرير سوق العمل، بالإضافة إلى حصولها على المرونة الكافية بشأن إنفاق أموال لزيادة الحد الأدنى للأجور، وخلق فرص عمل جديدة، ودعم النمو.
كما ترغب حكومة “تسيبراس” في ربط تسديد ديون اليونان بالنمو الاقتصادي في المستقبل، وتخفيض الفائض في الموازنة المتفق عليه مسبقًا من 4.5% إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وأشار التقرير إلى أن هذه المطالب تعني أنه مع استبعاد فوائد الديون، فإن إيرادات الضرائب سوف تتجاوز المصروفات الحكومية بحوالي 1.5% من الناتج المحلي للبلاد، ما يمنح الحكومة مزيدا من الأموال للإنفاق العام.
وأوضحت “الجارديان” أن مسألة تخفيض الفائض من الأمور التي يجب أن تكون محل مناقشة بين الجانبين، خاصة أن هذه القاعدة تم تجاوزها مسبقًا من فرنسا، وألمانيا في عام 2013، وبدون أي عقوبات تأديبية على البلدين.
في حين تصر مجموعة اليورو على ضرورة التزام اليونان بمذكرة التفاهم الموقعة مسبقًا بين الجانبين، والتي تتضمن إجراءات تقشفية مثل خفض الإنفاق العام، وتنفيذ برنامج للخصخصة.
وقامت اليونان بطلب تمديد برنامج التمويل الأوروبي لمدة 6 أشهر، مع إعادة التفاوض بشأن الشروط التقشفية لبرنامج الإنقاذ المالي، وهو ما يوفر لأثينا بعض الوقت للتوصل لاتفاق مع دائنيها.
ومن المتوقع أن تنتهي السيولة النقدية لدى اليونان في حال عدم التوصل لاتفاق بشأن حصولها على تمويل من منطقة اليورو، في حين يظل تحديد موعد نفاد السيولة أمرًا معقدًا.
ووفقًا لبيانات طرحها البنك المركزي اليوناني، فإن وزارة المالية تتوقع انتهاء الاحتياطي النقدي للبلاد في 24 فبراير/شباط الجاري، في حين أن استخدام احتياطات الجهات الحكومية لتغطية الاحتياجات على المدى القصير قد يؤجل المشكلة حتى نهاية شهر مارس/آذار المقبل.
وأشار التقرير إلى أن اليونان عليها أن تسدد 2.3 مليار يورو إلى صندوق النقد الدولي بحلول نهاية شهر مارس/آذار المقبل، بالإضافة إلى إعادة إصدار سندات خزانة بقيمة 5.7 مليار يورو لتغطية ديون سابقة، كما تحتاج أثينا إلى تمويل إضافي بقيمة 4.3 مليار يورو.
وحصلت اليونان بالفعل على جولتين من الإغاثة لعبء الديون، حيث تمديد آجل استحقاق الدين إلى متوسط يقدر بنحو 16.5 عامًا، ما يوازي ضعف آجل استحقاق الديون الألمانية، والإيطالية، كما تم خفض معدل الفائدة على الديون الحكومية اليونانية في عام 2014 إلى 2.6%، وتبلغ القيمة المطلوبة لاستحقاق السندات اليونانية خلال العام الجاري نحو 6.7 مليار يورو، وحوالي 9.8 مليار يورو لصالح صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى ضرورة إصدار سندات بقيمة 14.5 مليار دولار لتغطية ديون مصدرة، تمتلك البنوك المحلية الجانب الأكبر منها.
ولن تتمكن اليونان من سداد نحو 7 مليارات يورو لصالح البنك المركزي الأوروبي عن سداد مستحق في شهري يوليو/تموز، وأغسطس/آب المقبلين، في حال عدم حصولها على مساعدات في المستقبل.
وشددت “الجارديان” على أن الأزمة اليونانية لا تتعلق بديون البلاد الخارجية فحسب، ولكنها تشمل أيضًا مخاطر نفاد السيولة المالية لدى البنوك المحلية، والتي لم تتعرض للانهيار خلال الفترة الماضية بسبب الدعم التي تلقته من البنك المركزي الأوروبي عن طريق برنامج المساعدة الطارئة، التي حصلت بموجبه البنوك على سيولة.
وكان البنك المركزي الأوروبي قد وافق مؤخرًا على زيادة برنامج المساعدة الطارئة للبنوك اليونانية بنحو 3.3 مليار يورو، ليصل إجمالي المساعدات التي قدمها للبنوك اليونانية لحوالي 68.3 مليار يورو، ما يعبر عن الأموال المتدفقة خارج البنوك خلال الأسابيع الماضية.
وأوضح تقرير لبنك “جي بي مورجان” أن البنوك اليونانية تفقد ملياري يورو من الودائع أسبوعيا، وهو ما يهدد بنفاد ضمانات المصارف اليونانية للحصول على قروض جديدة خلال 14 أسبوعًا.
وحذر التقرير من أنه في حال رفض البنك المركزي الأوروبي تقديم مزيد من المساعدات الطارئة للبنوك اليونانية، فإن النظام المصرفي لأثينا سوف ينهار تمامًا.
وكالات








