يجب تجنب اتخاذ البرلمان فى مصر كساحة لرجال الأعمال كما حدث فى السابق
يتوجب الإفصاح ونشر العقود المبرمة بين الحكومة والقطاع الخاص للرأى العام والجهات الرقابية
قالت غادة الزغير، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة الشفافية الدولية ، إن المنظمة ترى أن هناك إرادةً سياسيةً نسبيةً لمكافحة الفساد تجلت فى مجموعة من القرارات والتدابير التى تم الإعلان عنها فى العام الماضى، وجار تنفيذها خلال العام الحالى، وذلك مع اقتراب مؤتمر «مصر المستقبل» المزمع عقده منتصف مارس المقبل بمدينة شرم الشيخ.
وأضافت لـ«البورصة»، أن هناك حاجةً إلى تقوية هذه الإرادة من خلال دعم وترسيخ منظومة النزاهة والشفافية والمساءلة فى التعاقدات العامة من خلال السلطة التشريعية المنوط بها إصدار التشريعات الجديدة التى تعالج أوجه القصور والنقص أو تعديل تلك التشريعات القائمة فعلاً؛ لمواجهة الفساد والعمل على حصاره فى أضيق حدوده.
وتعليقاً على اقتراب الانتخابات البرلمانية فى مصر، قالت «الزغير»، يجب ألا يتم اتخاذ البرلمان فى مصر كساحة لرجال الأعمال، حيث إن العلاقة ما بين رجال الأعمال والحكومات المصرية قبل ثورة يناير كانت بمثابة تزاوج بين رأس المال والسلطة، لدرجة أن البرلمان المصرى ضم ما يقرب من 80 من رجال المال والأعمال، مشيرة الى أن ذلك الأمر أثر بشكل قاطع فى التشريعات المالية والاقتصادية، بما يحقق مصالح رجال الأعمال على حساب المواطنين أحياناً، وهذا لا شك قد فتح الباب واسعاً أمام النفوذ السياسى لهذه الفئة وأمام انتشار الفساد.
وأضافت «الزغير»، أنه فى الوقت الحالى يوجد العديد من رجال الأعمال الذين يتقربون إلى السلطة الحاكمة فى مصر؛ للحصول على العديد من الامتيازات، لافتة إلى أن السلطة الحالية تسعى للقضاء على الفساد، ولكنها تواجه تحدياً أمام رجال المال ذوى النفوذ المستمد من السابق، ويسيطرون على قطاع كبير فى اقتصاد الدولة، قائلة: «لا شك أن السلطة الحالية فى حاجة اليهم». وقالت الزغير، إن التزاوج واتساع النفوذ السياسى لرجال المال والأعمال وأصحاب الشركات الكبيرة، يؤدى الى حصول رجال المال على أشكال مختلفة من التسهيلات والمزايا لصالح اتساع أعمالهم وتضخمها وتشعبها دون اتباع المعايير القانونية القومية.
وعلقت «الزغير» على القانون الذى اصدره الرئيس المؤقت عادلى منصور، الخاص بتعديلات قانون المزايدات والمناقصات تحت رقم 89 لسنة 1998 بتاريخ 11 سبتمبر 2011، برفع قيمة التعاقد بالأمر المباشر فى الحالات العاجلة، قائلة هو قانون يدشن للامركزية فى اتخاذ القرار إذا توفرت الشفافية وحرية تداول المعلومات، وأنه يفتح الباب واسعاً لغير ذلك فى حالة اساءة استخدامه بعيداً عن المصلحة العامة والمغالاة فى استخدامه، مضيفاً أن الحكومة بحاجة الى اصدار قوانين مثل حرية تداول المعلومات، قانون حماية الشهود والخبراء والمبلغين عن الفساد. أضافت: على الرغم من إصدار الرئيس المؤقت عدلى منصور قانوناً تحت رقم 106 لسنة 2013 ونشر بالجريدة الرسمية عدد 45 أ بتاريخ 13 نوفمبر 2013، «ضم حالات تضارب المصالح»، وإنشاء لجنة تحت مسمى «لجنة الوقاية من الفساد» يعهد إليها تطبيق أحكام هذا القانون، وذلك بموجب المادة الرابعة من هذا القانون، إلا أن عملية انفاذ القانون وتطبيق أحكامه بكل صرامة لمواجهة مثل هذه الأمور تتطلب وضع ونشر آلية واضحة ومحددة فى عملية الرقابة على تنفيذ الأعمال ووضع ضوابط وضمانات تمنع حدوث تعارض مصالح فى الاتفاقيات المبرمة، وتتم مساءلة ومحاسبة الشركات التى تقوم بتنفيذ الأعمال وغيرها من مسئولى الدولة ذوى العلاقة فى حالة توفر معلومات وأدلة بشبهات فساد.
وطلبت «الزغير» من الحكومة النشر والافصاح عن العقود المبرمة مع القطاع الخاص وحق الحصول على المعلومات الخاصة بها للرأى العام والجهات الرقابية، وتفويض لجنة للرقابة على تنفيذ العقود المبرمة لضمان الجودة العالية والنزاهة من قبل الحكومة والمؤسسات الرقابية، بالإضافة الى رقابة المجتمع المدنى على أعمال وسياسات الحكومة فى هذا المجال؛ لأنه يشكل المدخل الحقيقى والصحيح فى ثبات توفر ارادة سياسية لمكافحة الفساد. يذكر أن مصر تقدمت فى مؤشر مدركات الفساد لعام 2014 لتصل للمركز 94 من 175 دولة.