سحوبات خليجية من الصناديق السيادية لمواجهة آثار تراجع الأسعار.. ونشاطها بالأسواق الناشئة يضعها تحت المنظار
كان أداء صندوق البترول النرويجى، التى تبلغ أصوله 850 مليار دولار، أداءً رائعاً خلال العقد الماضى، إذ اقتنص %1.3 من القيمة السوقية للأسهم فى العالم و%0.9 من سوق الدخل الثابت، كما قام بالتداول فى قطاع العقارات، إذ ارتفعت أصوله سبعة أضعاف، لذا فإن أى تغيير جوهرى فى الصندوق، أو قطاع صناديق الثروة السيادية الأوسع البالغ أصولها 7.1 تريليون دولار، يكون موضع اهتمام الأسواق.
وأفاد تقرير معهد صندوق الثروة السيادية، بأن 4.3 تريليون دولار من إجمالى أصول صناديق الثروة السيادية تنبع من البترول والغاز، لذا فإن انخفاض أسعار البترول من 115 دولاراً للبرميل فى يونيو 2014 إلى 57 دولاراً الآن يشكل تغييراً جوهرياً.
ومن المرجح أن تنخفض التحويلات إلى صندوق البترول النرويجى من 147 مليار كرون نرويجى، أى ما يعادل 18 مليار دولار، العام الماضى إلى 25 مليار كرون نرويجى فقط العام الجارى، وذلك وفقاً لتوقعات وزارة المالية والبنك المركزى.
ومن الممكن أن تتحول التدفقات إلى سالبة لأول مرة منذ تاريخ تأسيس الصندوق عام 1990، إذ شهدت أسعار البترول مزيداً من التراجع، أو اختارت الحكومة ذلك، وكانت قد سمحت الحكومة باستخدام عائدات البترول التى تساوى %4 من قيمة الصندوق للمساعدة فى تحقيق التوازن فى الموازنة.
وبالنسبة لصناديق الثروة السيادية فى روسيا، صندوق الثروة الوطنية وصندوق الاحتياطى الروسى، فكان أداءهما سيئاً، إذ تراجعت قيمة أصولهما بنحو 25 مليار دولار لتصل إلى 152 مليار دولار منذ شهر سبتمبر الماضى، نظراً لسحب موسكو أموال من هذه الصناديق لدعم اقتصاد البلاد، ويرى العديد أن وضع هذه الصناديق سيزداد سوءاً.
وقال ماسيميليانو كاستيلى، رئيس قسم استراتيجية المؤسسات السيادية لدى بنك «يو بى إس»، نرى أن بعض الدول المصدرة للبترول تقوم بالفعل بسحب جزء من أموالها من صناديق الثروة السيادية، وأضاف كاستيلى، أن بعض دول الخليج ستضطر إلى ضخ الأموال إلى اقتصاداتها لسد الفجوة المالية.
ويتوقع البعض تكرار سيناريو عام 2008-2009، عندما خفضت أسواق البترول المتراجعة القيمة الإجمالية لصناديق الثروة السيادية فى العالم بنحو 150 مليار دولار لتبلغ قيمتها 4 تريليونات دولار، رغم أن التدفقات ظلت إيجابية، وذلك وفقاً لبيانات «دويتشه لإدارة الأصول والثروات الخاصة».
وقال باتريك طومسون، رئيس قسم الثروات السيادية لدى «جى بى مروجان لإدارة الأصول»، إن الصناديق المتخصصة فى دعم الاستقرار المالى، المصممة للتخفيف من الأزمات المالية الحكومية، ستشهد تدفقات مالية خارجة صافية، فى حين ستشهد الصناديق المتداولة فى البترول وتيرة أبطأ لتراكم الأصول.
ولا يتوقع كاستيلى لدى بنك «يو بى إس» أن يكون هناك تأثير كبير على أسعار الأصول، ويقول إن التدفقات الناجمة عن سياسات التيسير الكمى فى الدول المتقدمة تعوض أى تباطؤ فى شراء الأصول من قبل صناديق الثروة السيادية.
ويرى كاستيلى إن الاضطرابات ستؤثر على الأسواق المالية، وربما سيحث عدم اليقين السائد فى الأسواق الصناديق التى تعتمد على التداول فى البترول فى حمل مزيد من الأصول السائلة بدلاً من الاستثمارات المباشرة فى أسواق الأسهم الخاصة التى قد تتضمن حجز الأموال لمدة عشر سنوات.
وقال كاستيلى إن هناك تحركات بالفعل تجاه صناديق أسواق النقد، التى تعد سائلة جداً، وتتجنب أسعار الفائدة السلبية المستحقة على بعض الودائع المصرفية الكبرى.
وأفاد تقرير لصحيفة الفاينانشيال تايمز، أنه إذا بدأت صنايق الثروة السيادية فى خفض أصولها، فالتداعيات ستكون أكبر فى الأسواق الناشئة، وتخصص العديد من الصناديق نسبة تتراوح ما بين 20 و%25 من أصولها لهذه الأسواق، ولاسيما فى دول الشرق الأوسط.
وقال كاستيلس، إن صناديق الثروة السيادية الخليجية نشطة جداً فى دول مثل مصر ولبنان وليبيا، وتأثير خروج بعض المليارات من هذه الأسواق سيكون ملموساً على نحو أكبر.
كتب: نهى مكرم
سارة عجور
دعاء فريد