14 بئراً جديدة للبترول والغاز فى المملكة رغم الأسعار المنخفضة
قام أكبر اللاعبين فى قطاع الطاقة فى العالم بتقليص الإنفاق، وتخفيض الوظائف، والانسحاب من عدد من مشروعات استخراج البترول والغاز، لمواجهة التراجع فى أسعار البترول.
ورغم اضطرار الشركات إلى التقشف الشديد، وجهت شركة الطاقة السعودية العملاقة أنظارها نحو الطموحات طويلة الأجل، فبعد كل شيء تمتلك الدولة 750 مليار دولار احتياطيات نقدية تسمح لها بالتصرف على هذا النحو.
وقال خالد الفليح، المدير التنفيذى لشركة «أرامكو»، إن الشركة تستغل الهبوط فى الأسعار لـ«زيادة» انضباطها المالي، وتتفاوض على صفقات أفضل مع شركات الخدمات والمقاولين الآخرين لتقليص الإنقاق.
وتراهن العملاقة السعودية على أن إدارة قطاع الطاقة لديها بالحديد والنار، والاستثمار فى البترول والغاز، ومعامل التكرير، والدفع باتجاه مشروعات جديدة فى الأوقات المتعثرة، سوف تمكن أكبر منتج للبترول فى منظمة الأوبك من الحفاظ على هيمنته.
وقال وزير البترول السعودي، على النعيمي، الأسبوع الماضى، إن المملكة كانت تنتج حوالى 10 ملايين برميل يومياً، أى أعلى من متوسط النصف الثانى فى 2014 عند 9.7 مليون برميل يومياً، وفقاً لقاعدة بيانات البترول العالمية «جودي».
وفى الوقت نفسه، ارتفع عدد الآبار التى يتم حفرها لاستخراج البترول والغاز أكثر من 15% منذ يونيو الماضى إلى 120 بئراً، رغم انخفاض أسعار البترول بحوالى 50%، أما فى الولايات المتحدة، فقد انخفض عدد البريمات إلى النصف منذ أكتوبر الماضي، فيما يعد أدنى مستوى فى أربع سنوات.
وفى الوقت نفسه، بدأ الفليح رحلة إلى بكين لإغراء الصينيين لاستيراد المزيد من البترول الخام السعودى ومنتجاته خاصة فى ظل ازدياد المنافسة فى السوق الآسيوي.
وقال فليح الشهر الماضي: «مهما يحدث سوف تظل السعودية أكبر مورد للطاقة وأكثرهم مصداقية على الكوكب».
والهدف طويل الأجل لهذه الاستراتيجية الجديدة واضح، ويقول جارى روس، رئيس مجلس إدارة «بايرا إنيرجى جروب» للاستشارات، إن هذه الاستراتيجية تنجح بالطبع، وفى هذه المرحلة لا عودة للوراء بالنسبة للسعوديين.
وقال خبراء طاقة فى الخليج لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، إن وراء زيادة الإنتاج وعدد آبار الحفر عوامل عديدة، بعضها لاعتبارات قصيرة الأجل، وبعضها الآخر يلعب على أهداف استراتيجية طويلة الأجل.
وازداد الطلب على الخام السعودى مؤخراً من أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، فمعامل التكرير فى أوروبا تقوم بمعالجة المزيد من البترول للاستفادة من هوامش الربح القوية، بينما تجذب الفروق المغرية فى الأسعار المشترين من آسيا والولايات المتحدة.
وعلاوة على ذلك، ترفع السعودية الإنتاج قبيل الصيف نظراً لازدياد الطلب المحلى على الطاقة لتشغيل مكيفات الهواء.
كما ارتفع الطلب المحلى بسبب نمو قدرة التكرير السعودي. وقال إسبن إيرلينجسن، المحلل فى مجموعة البيانات «ريستاد إنيرجي»، إن السعودية حريصة على الحفاظ على قدرتها الفائضة، متوقعاً أن المملكة قد ترفعها.
وقال، إن الحفاظ أو زيادة القدرة الفائضة وإنتاج 10 ملايين براميل يومياً، وفى الوقت نفسه تخفيف آثار انخفاض الأسعار، يتطلبان المزيد من التنقيب.
ورغم أن شركة «أرامكو» قالت العام الماضى، إنها تريد تخفيض التكاليف الرأسمالى بنسبة 20%، فإن مجموعة «ريستاد إنيرجي» تقدر أن استثمارات الشركة السعودية فى البترول والغاز سوف تنمو بنسبة تتراوح بين 5% و10% فى 2015 مقارنة بالعام الماضي.
وعلى النقيض، تتوقع الشركة انخفاض الاستثمارات العالمية بنسبة 20% على مدار نفس الفترة، وتتوقع أن تنخفض الاستثمارات فى دول الخليج بنسبة 5%.
ويضيف «روس»، أن السعوديون يخشون تخفيض بقية العالم للاستثمارات الجديدة بشكل حاد، حتى لا يقل الطلب بشكل مفاجئ خلال العامين المقبلين. وقال «روس»، إنه رغم عدم استعداد المملكة فى الوقت الحالى على الأقل لتخفيض الإنتاج بينما الأسعار منخفضة والإمدادات مرتفعة، فإنها سوف ترغب فى ملء الفجوة عندما يصبح السوق فى أزمة معروض.
ويقول المتشككون، إن ما يقلق السعودية ليس انخفاض الاستثمارات، وإنما عودة الأسعار إلى المستويات المرتفعة التى شجعت الإنتاج من المنافسين مثل الولايات المتحدة، والبرازيل وروسيا. ولكن بقاء الأسعار عند تلك المستويات المنخفضة لوقت طويل سوف يجبر المملكة على زيادة إيراداتها من القطاعات الأخرى.
وهذا أحد الدوافع وراء استثمار المملكة بشدة فى قطاع الغاز الطبيعى حتى تستطيع الحفاظ على صادرات البترول المربحة بدلاً من إحراقه محلياً لتوليد الطاقة.
كما تبنى المملكة مرونة فى قطاع الطاقة الخاص بها من خلال التكرير والبتروكيماويات، لتضمن ألا تعتمد «أرامكو» فقط على البترول.
وتقول وكالة الطاقة الدولية، إن بناء السعودية لمعامل تكرير فى الموطن، وشراءها حصصاً فى المعامل بالخارج مثل كوريا الجنوبية، والصين، والولايات المتحدة، وإنشاءها شركات تداول فى السنوات الأخيرة، تجعلها تتجه للانضمام إلى نادى كبار مصدرى البترول.







