أظهرت أحدث المؤشرات المشتركة بين معهد «بروكينجرز» وصحيفة «فاينانشيال تايمز» أن الاقتصاد العالمى العالق فى التعافى «المتعثر مرة والمنطلق مرة» يواجه مخاطر التباطؤ مجدداً. ويسلط مؤشر «تايجر»، الذى تم إطلاقه قبيل توقعات صندوق النقد الدولى الأسبوع الجارى، والتى تصدر مرتين سنوياً، الضوء على كيف أن ضعف الأسواق الناشئة أثر سلباً على التحسن المتواضع فى آفاق النمو فى الاقتصادات المتقدمة.
وقال إسورا براساد، اقتصادى وخبير كبير فى «بروكينجز»، إن التحسن المتواضع للنمو فى العالم المتقدم مقابل الضعف فى الأسواق الناشئة يناقض حقيقة أن الفريقين لايزالان يواجهان توقعات نمو متعثر.
وطبقاً لبيانات صندوق النقد الدولى، نمى الاقتصاد العالمى بنسبة 3.4% العام الماضى، أى تقريباً عند متوسط معدل النمو طويل الأجل، مما خيب آمال العديد من المسئولين الذين توقعوا توسعاً أسرع نظراً لأن الناتج المحلى الإجمالى لايزال يتعافى من أثار الأزمة المالية العالمية فى 2008، ولأن الاقتصادات الناشئة الأسرع نمواً أصبحت تشكل أكثر من نصف الاقتصاد العالمى.
ووصفت كريستين لاجارد، رئيس صندوق النقد الدولى، الأسبوع الماضى الأداء الحالى للاقتصاد العالمى، بأنه «ليس جيداً بما فيه الكفاية». وأظهر مؤشر «تايجر»، الذى يتتبع مؤشرات التعافى الاقتصادى العالمى، كيف اختلف أداء مؤشرات النشاط الحقيقى، والأسواق المالية، وثقة المستثمر، مقارنة بمتوسط أداءها التاريخى سواء على مستوى الاقتصاد العالمى، أو داخل كل دولة.
وقال براساد إنه، باستثناء ثلاثة اقتصادات تتمتع بزخم مستدام للنمو، وهى الولايات المتحدة، وبريطانيا، والهند، وهناك بعض الدول الأخرى القليلة، حيث تبدو آفاق النمو قصيرة الأجل مشجعة.
وتحسن أداء مؤشر «تايجر» للنمو فى الدول المتقدمة بشكل متواضع منذ انخفاض أسعار البترول إلى النصف تقريباً فى النصف الثانى من العام الماضى، مما يعكس زيادة الإنفاق الأسرى فى أوروبا واليابان، ومع ذلك لاتزال تحتاج هذه الاقتصادات الضعيفة لبعض الوقت قبل أن تُظهر زخم النمو التى تتمتع به عادة فى فترات الانتعاش الاقتصادى.
وشهدت الولايات المتحدة بعض الضعف فى الربع الأول من العام الجارى، بالإضافة إلى النمو الأبطأ للوظائف، ويرى براساد أن القوة المستمرة للدولار الأمريكى وعبء حمل الاقتصاد العالمى على أكتافها قد يتسببان فى إضعاف الاقتصاد الأمريكى.
وهناك صورتان مختلفتان فى الاقتصادين الناشئين الصين والهند، أكبر وثالث أكبر اقتصادين فى العالم من حيث القوة الشرائية، فالآفاق الاقتصادية فى الصين تتباطأ فى الوقت الذى تحاول فيه الحكومة إعادة تحويل النشاط الاقتصادى من الاستثمار العام إلى زيادة الاستهلاك المحلى.
وعلى النقيض، تتمتع الهند بثمار انخفاض أسعار البترول والطاقة، حيث انخفضت فاتورة الاستيراد، وتقلص العجز التجارى والاقتراض الحكومي، وقال براساد إن الهند تبقى من بين النقاط المضيئة فى الأسواق الناشئة، رغم ان وتيرة الإصلاحات، واستدامة النمو فيها تبقى مصدراً كبيراً للقلق.
أما فى الفئة الأخرى من الأسواق الناشئة، والتى تشمل البرازيل وتركيا وروسيا، فإن توقعات النمو قاتمة بسبب البترول الرخيص وانهيار أسعار السلع، مما كشف عن نقاط الضعف الهيكلية لدى كل دولة منها.
وفى الشهور المقبلة، من المحتمل أن يواجه الاقتصاد العالمى أول رفع لأسعار الفائدة الأمريكية فى 9 سنوات، وهذا من شأنه أن يهدد التعافى الضعيف، ويعرض الدول ذات المشكلات الهيكلية لهروب واسع لرؤوس الأموال.
وهذه الاحتمالية تجعل الإصلاحات ضرورة ملحة لتعزيز مرونة الاقتصاد فى كل دولة، ويقول براساد إن الحماسة تجاه الإصلاحات الهيكلية تبدو وكأنها تبددت نظراً لأن العديد من الاقتصادات تعتمد على السياسة النقدية المخففة، وأسعار الصرف الضعيفة لتعزيز النمو ومواجهة الضغوطات الانكماشية.
وأوضح براساد أنه فى غياب الإنعاش القوى للطلب المحلى المدعوم بمجموعة أكثر توازناً من السياسات، سوف يبقى التعافى الاقتصادى العالمى القوى والمستدام بعيد المنال.








