بقلم: حسين عبدربه
الحالة التى وصلت إليها البورصة حالياً لا ترضى أحداً، بل تنذر بخطر كبير.. فهذا الهبوط العنيف لمؤشرات السوق لفترة طويلة أمر لا يجب النظر إليه فقط بمعطيات المحللين الفنيين.. بل الأمر أكبر من ذلك فإذا كنا نعتبر البورصة مرآة الاقتصاد، فكيف حال اقتصادنا الآن.. هل تعافى بعدما تناوله من منشطات مؤتمر شرم الشيخ ومساعدات الخليج وصدور تعديلات قانون الاستثمار.
الإجابة واضحة هناك حالة سبات عميق من الحكومة.. وحتى فى حالة هذا السبات العميق يستيقظ الجميع على كابوس لوزير المالية اسمه الضريبة على التوزيعات والأرباح الرأسمالية.. وهذا الكابوس أصاب الجميع بالفزع لأن السوق يسير بمؤشراته كالسلحفاة وأرقام التداول ضعيفة والباقى من المستثمرين بالسوق أعداد محدودة وحتى الشركات المقيدة باتت هى الأخرى تفكر فى شطب اسمها من البورصة، فكيف لهذا السوق أن ينشط ويكون وسيلة للتمويل فى ظل هذه الكوابيس والإحباطات العامة؟
قد يلقى البعض بالمسئولية على رئيس البورصة وقد يكون هذا صحيح، ولكن الأمر أكبر منه فهو ليس مسئولاً عن السياسات الاقتصادية للبلاد وليس عضواً فى الحكومة أو مجموعتها الاقتصادية، ولكنه مسئول وشريك فيما يحدث، لأنه لم يحذر من الحالة التى آل إليها السوق قبل وبعد فرض الضريبة.
كان عليه أن يطلب لقاء رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية ويحذر من هروب المستثمرين من السوق، وأن البورصة ستغلق أبوابها قريباً إذا لم تتدخل الحكومة وتتراجع عن هذه الضريبة التى لن تغنى أو تسمن بالنسبة للاقتصاد فى الوقت الراهن كان عليه أن يطلب من الحكومة محفزات لتنشيط السوق، وأن يبدأ هو بنفسه بتيسير إجراءات القيد وتخفيض الرسوم، وأن يطالب بطرح أوراق جديدة وإجراءات اقتصادية جريئة تحفز على الاستثمار من خلال طرح أراضٍ للمصانع بدلاً من هذا الماراثون فى طرح أراضٍ للاستثمار العقارى.
وأن تعزز الحكومة من شراكات قطاع الأعمال العام مع القطاع الخاص.. أن تتوصل البنوك لحلول عملية لتعثر المصانع.. أن تتخلى البنوك عن سياستها الانكماشية بشأن تقييد الائتمان، وأن تبحث عن أدوات تخدم الاقتصاد لتضح أموالها فيها بدلاً من اللعب على أوراق الدين الحكومية ناهيك عن تراجع معدلات الصادرات المصرية للخارج خلال الربع الأول من العام الجارى بنسبة تتراوح بين 14 و%21.
هذا جزء من كل المشاكل التى تواجه الاقتصاد التى تنعكس على أداء البورصة.
أما أن تدار السياسة الاقتصادية وفقاً لأهواء شخصية مثل أن يفرض وزير ضريبة عنداً فى وزير آخر يتبعه النشاط الذى ستفرض عليه الضريبة، لأنه لا يقبل آراء هذا الوزير ولا أفكاره.. أو أن يتفرغ وزير للطبل والزمر لمشروعاته الوهمية والتى هى أصلاً ليس من اختصاص وزارته.. وكثير من هذه القصص التى تعبر عن سياسات بعض الوزراء الذين لا علاقة لهم بما يحدث فى الشارع وهذه الإحباطات التى تعود بنا للوراء.
ونحن جميعاً لم نعد نحتمل أى إخفاقات جديدة فى هذا التوقيت الصعب وهذه المخاطر التى تحيط بنا من كل جانب.. كل ما نحتاجه حكومة أفعال لا حكومة اجتماعات طويلة ودراسات ثم لا نجد نتيجة لها.








