الشباك الواحد لن ينجح ما دام ممثلو الوزارات ليس لديهم صلاحيات التفاوض واتخاذ القرار
المراكز القانونية التى نشأت فى الماضى يجب أن تحترم ولا يصح مراجعتها مرة أخرى
أسسنا 50 شركة برؤوس أموال خارجية منذ بداية العام والبنية التحتية والعقارات والكهرباء الأكثر جذباً للاستثمارات
انتقد محمد طلعت، الشريك الرئيسى بمكتب «حلمى وحمزة» للاستشارات القانونية السياسات الاقتصادية للحكومة بعد مؤتمر القمة الاقتصادية الذى عقد فى شرم الشيخ قبل شهرين.
وقال «طلعت»، إن التعديل الوحيد الذى قدمته الحكومة منذ الإعداد لمؤتمر القمة الاقتصادى هو صدور قانون الاستثمار الموحد وفكرة الشباك الواحد التى قال، إنها لن تنجح فى صورتها الحالية، بسبب عدم وضوح آليات التنفيذ. وشدد على ضرورة تحديد جهة الاختصاص، إما وزارة الاستثمار أو الهيئة فى التعاقد، وتخصيص الأراضى بعيداً عن الدولاب الحكومى.
كانت الحكومة قد أدخلت تعديلات جذرية على القانون المنظم للاستثمار فى مصر، وشملت التعديلات إنشاء جهة واحدة فى هيئة الاستثمار لمنح جميع التراخيص المطلوبة، لسرعة إنهاء الإجراءات.
وقال طلعت إن الشباك الواحد ظل بعد التعديلات القانونية عبارة عن مكان يتواجد به ممثل لكل وزارة أو هيئة غير قادر على اتخاذ قرار أو التفاوض بشأن الأراضى، كما أن جهات الولاية مازالت متعددة ليس فقط فى الوزارات، بل وفى المحافظات والمحليات والجهات السيادية، مطالباً بتكرار تجربة وزارة الكهرباء فى منح التراخيص للمستثمرين لإنشاء محطات الكهرباء من جهة واحدة فقط.
أضاف أنه برغم كل السلبيات التى لم تدركها الحكومة إلى الآن، إلا أن هناك اهتماماً كبيراً بمصر، والاستثمارات لن تقف، إلا أن حجمها يظل هو المحدد لدرجة نجاح الحكومة فى دفع عجلة النمو ووضع الدولة على قائمة الوجهات الاستثمارية الأكثر جذباً، خاصةً أنها دولة محورية واقتصادها كبير، لكن حجم الاستثمارات عن الأرقام الحالية يعد ضعيفاً جداً.
وكشف الشريك الرئيسى بمكتب حلمى وحمزة عن تقديم شركته استشارات لتأسيس 50 شركة جديدة منذ بداية العام برؤوس أموال عربية وأجنبية، فضلاً عن عمل شركته حالياً على 8 صفقات استحواذات جديدة معظمها فى القطاع الغذائى إضافة إلى شركة فى النقل البحرى وعدد من الصفقات فى القطاع العقارى، كما يجرى حالياً تنفيذ 3 طروحات جديدة منها طرحين فى القطاع الغذائى وطرح شركة عقارية رفض تحديد أحجامها.
وأكد طلعت أن البورصة المصرية تعد من أفضل الجهات الحكومية التى يتم التعامل معها فى مصر مقارنة بباقى الجهات الحكومية، نظراً لوجود هيكل واضح وآلى لتنفيذ الصفقات والطروحات بها برغم تعرضها لبعض المشاكل مؤخراً بعد فرض ضرائب على تعاملاتها، خاصةً ضرائب التوزيعات.
على الجانب الآخر انتقد طلعت عدم وضوح القوانين بالنسبة للاستثمار فى سيناء وهل ستفتح الحكومة الباب للاستثمارات الأجنبية للدخول هناك بعد مشروع محور قناة السويس أم سيظل الباب مغلقاً أمامها، خاصةً وهو السؤال الذى يطرحه المستثمرون.
وانتقد طلعت إعلان وزير المالية على المنصة الرئيسية خلال المؤتمر الاقتصادى توحيد الضرائب عند معدل 22.5% بدلاً من جملة الضرائب الحالية، والتى تصل إلى حدود 40%، ولم يصدر بها قرار رسمى إلى الآن، مما وضع المكاتب الاستشارية التى تتعامل مع مستثمرين أجانب فى حرج مع عملائهم ويضعف مصداقية الحكومة.
وانتقل طلعت إلى مشكلات طرح الأراضى، والتى باتت مشكلة حساسة جداً مع العديد من المستثمرين، مطالباً بتبنى وجهة نظر ثابته إما بالتمليك أو اتباع النموذج البريطانى والإماراتى فى طرح الأراضى بنظام حق الانتفاع. وأشار طلعت إلى أن النزاعات مع المستثمرين يتم حلها من قبل الحكومات العربية وإيجاد تسويات ودية مع مستثمريها، لافتاً إلى أن جميع حالات النزاع مطروحة للتسوية فى الوقت الراهن والحكومة تبذل قصارى جهدها لحل مشاكل المنازعات سواء بشكل مباشر مع المستثمر أو مع الحكومة.
وأوضح أن لجوء المستثمرين للتحكيم الدولى لا يتم بشكل مطلق، وانما يكون مرهوناً بأمور بعينها ولابد ان يستطيع المستثمر إثبات أن الدولة تعاملت معه بشكل غير منصف وغير عادل. وأضاف طلعت أن ما صدر من أحكام قضائية بإبطال عدد من العقود للمستثمرين يعد كارثياً مشدداً على ضرورة احترام الدولة للمراكز القانونية التى نشأت واستقرت ولا يصح مراجعتها من جديد.
وتابع طلعت، ان عدم نجاح الحكومة فى قضايا مطروحة ضدها أمام التحكيم الدولى لا يعنى انها فشلت فى اختيار ممثليها لانه فى كثير من الأحيان قامت الدولة باختيار مكاتب قانونية دولية مرموقة، وقد يتعلق الأمر بضعف مستوى القضية «مش كل حاجة تلوم عليها المحامى»، مؤكداً على ضرورة ان تظهر مصر بأنها دولة تحترم تعاقداتها لتشجيع المستثمرين فى عمليات الاستثمار. وعلى جانب الخصخصة،
قال طلعت إن الحكومة قامت بإيقاف برنامج الخصخصة قبل عام 2010، وكان مفيداً للشركات بصفة عامة، ومع ذلك يوجد 10% منها سيئة، وليس من المنطقى ان تقوم الحكومة بالاحتفاظ باستثمارات تنتج أفكاراً قديمة كتصنيع الشيكولاته والحلل وبيع الملابس والمشروبات الغازية، فهذه الوظائف مهمة القطاع الخاص، وعلى الدولة ان تأخذ دورها فى تنفيذ مشروعات عملاقة كالحديد والصلب والموانئ وأمور لوجيستية.
وأشار إلى أن شركات القطاع الخاص عندما تولت عدداً من شركات الخصخصة قامت بتطويرها وإجراء إصلاحات عليها وسداد ضرائب وتأمينات، علاوة على تشغيل عدد كبير من العمالة، وبالتالى لا نستطيع إلقاء اللوم على فكرة الخصخصة وقد يحدث تجاوزات من الشركات، وهو أمر وارد، لكن ينبغى ان تعامل كل شركة على حده دون التعميم وتصوير برنامج الخصخصة، على انه شيطانى، مما جعله يكتسب سمعة سيئة فضلاً عن تصوير الإعلام بأنه إهدار مطلق لموارد الدولة وهذا غير حقيقى.
وأشار طلعت إلى ان الحكومة لديها أزمة فى التعامل مع الأفكار الاستثمارية الحديثة والمعاصرة، وعليها ان تعى أن الفكر الحالى للاستثمار يعتمد على التقاسم فى الربح والمسئولية، وليست شروط تملى على المستثمرين «هو كدة».
وأضاف أن قدراً كبيراً من المشروعات الموقعة فى المؤتمر الاقتصادى تحتاج إلى وقت طويل للتنفيذ والتمويل، وبالتالى يصبح هناك نوعاً من العجلة إذا حكمنا على تلك المشروعات حالياً، وفكرة إقامة المؤتمر الاقتصادى جيدة لعودة مصر إلى خريطة الاستثمار العالمية.
وطالب طلعت الحكومة بضرورة التعامل مع الفكر الاقتصادى بشكل يختلف عن السابق للتأكيد على ان مصر جاذبة للاستثمار، لافتاً إلى انه ليس من المعقول ان نتحدث عن الاستثمارات وتتوارد أنباء عن تعديل قانون العمل ووضع قيود على العمالة والعقود، مشدداً أنه على الدولة ان تحدد رؤيتها الاقتصادية، هل هو «اقتصاد مغلق» أم «اقتصاد حر»، فلا نستطيع ان نقول اننا نتعامل بفكر اقتصاد حر، ومع ذلك نضع تشريعات ضريبية وتشريعات عمالية كانت تطبق منذ عصور قديمة.
وقال إن تضارب التشريعات والإجراءات تخلق صورة غير واضحة الملامح وغير متكاملة الأركان عن البيئة الاستثمارية طوال الوقت وهذ ليس فى صالح الاستثمارات أو الاقتصاد بشكل عام. وأضاف طلعت أن مكتبه يرى من خلال زياراته الخارجية الاهتمام البالغ بمصر من قبل المستثمرين، لكنه يحبطه تعقيدات بيروقراطية وإدارية حالية، وكذلك أيضاً عدم وجود رؤية مستقبلية واضحة.
وقال إن المستثمرين بوجه عام يحتاجون إلى تشريعات ثابتة محددة وواضحة واحترام التعاقدات من قبل المسئولين الحكوميين، لكى تصبح مصر من أكثر دول العالم جذباً للاستثمار.
وقال إن عدم وجود مجلس نيابى فى الوقت الراهن يعد أفضل وقت للحكومة لإصدار تشريعات سريعة لجذب الاستثمارات، نتيجة عدم وجود عوائق أو تعطيلات نيابة، ووجود نوع من المرونة فى الإصدار.