يعد التعليم حق أساسى لكل فرد ومفتاح المستقبل لأى دولة، والتعليم له ثمن فى كل مكان، ولكن الثمن الأغلى من الاستثمار فى التعليم هو عدم الاستثمار فى التعليم، ويتحمل المجتمع تكلفة عالية لعدم كفاءة وتطور التعليم مثل ازدياد الجريمة وتدهور الصحة والنمو الاقتصادى، ولكن التحديات الرئيسية للتعليم تختلف عبر الدول والقارات، ومازال حق كل طفل فى التعليم والذهاب إلى المدرسة أمر غير مسلم به فى بعض أجزاء العالم، وبالتالى تعانى نسبة كبيرة من السكان من الأمية، ومما لا شك فيه أن الاستثمار فى التعليم بات ضرورة إذ أنه قد يساهم فى مكافحة التطرف والحروب والتخلف والفقر وتراجع التنمية.
الجامعات الخليجية الأكثر تطوراً فى العالم العربى
ضعف الاقتصاد وراء فقدان مصر ريادة التعليم العالى فى المنطقة
البعثات العلمية للشباب خلقت جيلاً كفء بمعايير عالمية للتدريس محلياً
أظهر تصنيف QS للجامعات العالمية، الذى يصدر سنويا عن شركة كواكاريلى سيموندس وهى شركة بريطانية متخصصة فى أبحاث التعليم العالي، بعض نقاط القوة المتنامية- ولاسيما فى دول الخليج الغنية وأفضل الجامعات العربية أداء هى جامعة الملك فهد للبترول والتعدين فى المملكة العربية السعودية، واحتلت المرتبة 225 من أصل 863 جامعة حول العالم، ثم الجامعة الأمريكية فى بيروت فى المرتبة 249.
وثمانى جامعات من أصل عشر جامعات عربية فى دول الخليج، أربع جامعات منها فى السعودية وثلاث فى الإمارات العربية المتحدة وواحدة فى البحرين، وقال سيمونا بيزوزيرو، المتحدث باسم «QS»، من المؤكد أن مستوى التمويل المتاح ساهم فى تعزيز طموحات هذه الجامعات التى تحول نفسها سريعا وتؤسس مساهمات دولية مهمة.
وكانت مصر ولبنان لسنوات عديدة رائدى التعليم العالى فى العالم العربي، ولكن الأداء الاقتصادى الضعيف والزيادة السكانية المتنامية تضافرا معا فى تقويض مركز مصر ولبنان فى مراكز الأكاديمية العربية، واستخدمت دول الخليج العائدات الناجمة من البترول والغاز لتطوير التعليم العالى بها على أمل أن تتمتع يوما ما باقتصادات لا تعتمد على الموارد الطبيعية.
وقال هيلول ناج، أخصائى التعليم العالى المقارن فى «QS»، نشهد تحولاً فى التعليم العالى العربى تجاه اقتصاد المعرفة ولاسيما فى دول الخليج التى على دراية بأن بترولها لن يدوم للأبد.
واستخدمت دول الخليج، وفقا لناج، نهجين مختلفين فى تعزيز التعليم العالي، ويتمثل النهج الأول فى قطر التى دعت عددا من المؤسسات الأمريكية والبريطاينة لتأسيس فروع لها على أراضيها، فى حين اتبعت السعودية نهجا آخر فى تطوير جامعاتها رغم أنها لاتزال تعتمد فى كثير من الأحيان على الأكاديميين والخبراء الأجانب.
وأقامت الدولتان برامج منح دراسية ضخمة وسخية لإرسال شبابهما للخارج والحصول على درجات علمية، وتم تأسيس برنامج منحة الملك عبدالله الدراسية فى عام 2005، ويتحمل البرنامج حاليا تكاليف المعيشة والدراسة كاملة لأكثر من 150 ألف طالب، وغالبيتهم يدرسون فى الولايات المتحدة، وغالبا ما يعودون إلى أوطانهم بعد التخرج والعمل كأعضاء هيئة تدريس مبتدئين فى الجامعات الآخذة فى التوسع سريعا فى البلاد، وبفضل البرنامج، أصبحت السعودية رابع أكبر دولة مرسلة للطلاب الأجانب إلى الولايات المتحدة بعد الصين والهند وكوريا الجنوبية.
وحرصت السعودية على مواكبة التطورات الجديدة فى مجال التكنولوجيا التعليمية سعيا لتطوير العملية التعليمية فى البلاد، إذ دعمت المملكة التعليم الالكترونى والتعليم عن بعد فى تطوير التعليم الجامعى وأسست لجاناً مثل لجنة التعليم الالكترونى والتعليم عن بعد فى وزارة التعليم العالى ولجنة المسئولين عن التعليم عن بعد فى الجامعات ومؤسسات التعليم العالى لمجلس التعاون الخليجى العالى لدول الخليج العربية، كما تم عقد العديد من المؤتمرات والندوات، وورش عمل حول التعلم عن بعد.
وعلى الرغم من ذلك مازالت الجامعات الخليجية تعانى النظام التعليمى الممل الذى ابتلى بها نظام التعليم العالى فى العالم العربي، وقال ناج «لايزال التعليم يعتمد على الحفظ عن ظهر قلب حتى أن الدراسات العليا لا تعتمد على البحوث المكتبية وتقتصر فقط على المحاضرات وتحصيل العلم من الكتب الدراسية».
وحققت الجامعات العربية تقدما محدودا فى الانتقال من دور التعليم البحت إلى كونها منتجة للمعرفة، وقال شادى حجازى، مستشار الأعمال والتدريب لدى «QS»، تألقت ثلاث جامعات عربية فقط فى مجال الاقتباسات البحثية فى المجلات الدولية لكل عضو هيئة تدريس، وهى جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والجامعة الأمريكية فى بيروت، وجامعة الإمارات العربية المتحدة، ومع ذلك فإن معدلات فوز المؤسسات العربية فى الاقتباسات البحثية لاتزال منخفضة بالمقارنة مع الجامعات فى الولايات المتحدة، ولكنها قادة فى المنطقة.
ومن حيث الجهود المبذولة لجعل التعليم العالى العربى أكثر ارتباطا بأسواق العمل المحلية، قال ناج إن العديد من الحكومات تتجه نحو التوسع فى التعليم المهني.
ويقارن تصنيف “QS” الأداء فى البحث والتعليم، التوظيف والتدويل، ويعتمد على ستة مؤشرات هي: سمعة الأكاديمية (40%)، وسمعة صاحب العمل (10%)، ونسبة أعضاء هيئة التدريس والطالب (20%)، والاستشهادات البحثية لكل أعضاء هيئة التدريس (20%)، والطلاب الدوليين (5%) وأعضاء هيئة التدريس الدولية (5%).
إفريقيا تتوسع فى استخدام التكنولوجيا لنشر التعليم
مؤسسو «مايكروسوفت» و«فيسبوك» يستثمرون فى التعليم فى إفريقيا
التعليم فرصة لزيادة الأرباح مع فشل الحكومات فى استيعاب تكدس الطلاب
توصل مركز التعليم العالمى التابع لمعهد «بروكينجز» فى دراسة أجراها فى سبتمبر من عام 2012، إلى أن مشكلة التعليم فى إفريقيا لا تكمن فقط فى نقص المدارس وإنما فى المدارس القائمة التى لا يوجد بها تعليم.
وتقول الدراسة إنه من بين 128 مليون طفل فى سن المدرسة فى أفريقيا، 17 مليوناً لن يدخلوا أبدا المدرسة، بل أن 37 مليون طفل آخر سوف يتلقون تعليماً ضعيفاً لدرجة انهم لن يكونوا أفضل حالا بكثير من هؤلاء الذين لم يدخلوا مدارس أبدا.
وتقوم الدراسة أساسا على أبحاث فى 28 دولة فى منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، وأظهرت أن هناك 7 دول فيها 40% أو أكثر من الأطفال لا يتلقون الحد الأدنى من مستوى التعليم المطلوب قبل السنة الرابعة أو الخامسة الابتدائية، وفى دول مثل إثيوبيا ونيجيريا وزامبيا، أكثر من نصف الطلبة فى المدارس لا يتعلمون المهارات الأساسية بنهاية المرحلة الابتدائية.
وتشير الدراسة أيضا إلى عدم مساواة واسعة بين الأغنياء والفقراء، فبالنظر إلى نقص التعليم بشدة فى المنطقة، فإن نسبة البالغين الذين لم يتلقوا تعليماً لمدة عامين، مقابل الذين حصلوا على تعليم كامل، تظهر الصعوبات التى يواجهها الفقراء والقرويين للحصول على تعليم مقارنة بأقرانهم الأغنياء أو الذين يعيشون فى مناطق حضرية.
شركة «بريدج» جسر الطلاب فى كينيا لتعليم أفضل
ومع ذلك هناك بعض النقاط المضيئة التى ظهرت مؤخراً لتحسين جودة التعليم فى إفريقيا وغيرها من المناطق الفقيرة باستخدام التكنولوجيا، وحاليا يوجد جيش من المعلمين البارعين فى استخدام أجهزة التابلت، والمدعومين من مستثمرين مثل بيل جيتس، ومارك زوكربيرج، فى مهمة لتقديم التعليم الخاص منخفض التكلفة للملايين من أفقر الأطفال فى العالم.
وتأسست شركة «بريدج إنترناشيونال» عام 2009، وتتلقى دعماً من زوكربيرج، مؤسس الفيسبوك، وتقدم هذه الشركة أكثر من 400 أكاديمية مسجل فيها أكثر من 126 ألف طالب، وانتشرت أكاديميات هذه الشركة فى كينيا بشكل خاص.
ويتحدى مؤسسو شركة «بريدج» الافتراض القائم منذ وقت طويل بأن الحكومات وليست الشركات هى من ينبغى أن تقود برامج التعليم، وتهدف الشركة إلى تعليم 10 ملايين طفل، وأن تصنع أرباحا من خلال توسيع نموذجها التعليمى القائم على الانترنت، والمتفق مع المعايير التعليمية فى أفريقيا وآسيا.
ويستخدم المدرسون الانترنت وأجهزة التابلت المعروفة بـ«نوك» للقراءة الإلكترونية والتى تنتجها شركة «بارنز آند نوبل»، لتوزيع الدروس على الطلبة، وجمع نتائج الاختبارات من التلاميذ المنتشرين فى مئات القرى، ومتابعة تقدمهم الدراسي.
ويقول جريج ماورو، شريك فى شركة «ليرن كابيتال» المساهم الأكبر فى «بريدج» بحصة قدرها 15%، إن الامر أشبه بإدارة مقاهى «ستاربكس» التى تعتمد على أنظمة موحدة يمكن تكرارها فى أى موقع.
وأضاف ماورو أنه إذا سارت الأمور وفق خطتهم فقد يطرحون شركة «بريدج» أمريكية الإدارة والواقعة فى نيروبى فى بورصة نيويورك فى 2017.
واستثمر ماورو بجانب مؤسس مايكروسوف، بيل جيتس، ومؤسس موقع إى باى، بيير أوميديار، وغيرهم بأكثر من 100 مليون دولار فى «بريدج».
وضخ زوكربيرج فى الشركة 10 ملايين دولار مؤخرا، ويأتى هذا الاستثمار فى الوقت الذى توسع فيه شركة شبكة التواصل الاجتماعى تواجدها فى الأسواق الناشئة لتصل لمليارات العملاء الجدد.
وقالت شانون ماي، أحد مؤسسى «بريدج»، حسبما ورد فى تقرير لـ«وول ستريت جورنال» إن الشركة أكثر فاعلية من حيث التكلفة مقارنة بالمدارس الحكومية الكينية، وتقدم تعليماً أجود، وطبقا لتقرير البنك الدولى لعام 2013، يقضى المدرس الحكومى الكينى ساعتين و40 دقيقة فى التدريس يوميا، و45% منهم لا يؤدون أعمالهم حيث يغيب 16% عن المدرسة، ويتواجد 27% داخلها ولكن لا يدخلون الفصول، و2% كانوا داخل الفصول ولكن لا يدرسون.
وعلى النقيض يعمل المعلمون فى «بريدج» أكثر من 8 ساعات يوميا، ونسبة الغياب بدون عذر لا تتعدى 1%.
وقالت ماى إن إيرادات شركة بريدج لا تتعدى عشرات الملايين من الدولارات، ولكنها تقدر أن تصل 500 مليون دولار فى 10 سنوات.
وتستند توقعات النمو العالية لتلك الشركة التى لم تدر أرباحا بعد على آمال أمهات مثل جاسيندا ندونج، التى ترسل ابنتها صاحبة السبعة أعوام إلى «بريدج»، وتنفق 6.50 دولار من دخلها الشهرى البالغ 100 دولار من كشك الخضار الخاص بها.
وقالت ندونج إن اكثر ما جذبها فى تعليم «بريدج» هو حضور المعلمين، وانخفاض كثافة الفصول عن المدارس الحكومية، حيث يبلغ متوسط كثافة الفصول فى «بريدج» 30 تلميذاً، أما فى المدارس الحكومية فتصل نسبة الطلاب إلى المعلمين 100 إلى 1.
وفى فبراير من العام الجارى، افتتحت «بريدج» أول سبع مدارس فى أوغندا، وتخطط لافتتاح نحو 65 مدرسة أخرى بنهاية العام، كما تخطط للانتقال إلى نيجيريا بنهاية 2015، وإلى الهند فى منتصف 2016.
ويذكر تقرير «وول ستريت جورنال» إن التقدم الذى تحرزه «بريدج» يأتى فى الوقت الذى تلعب فيه الشركات الربحية دوراً أكبر فى تنمية أفريقيا، ساعية إلى جنى الاموال من الاعمال التى تخدم عادة أهداف اجتماعية، وتقول رابطة الاستثمار المباشر فى الأسواق الناشئة ومقرها واشنطن إن الأموال المجمعة للاستثمار المباشر فى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء تضاعف ثلاثة أضعاف ليصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 4 مليارات دولار فى 2014 من العام الذى سبقه.
كما استثمرت شركات الاستثمار المباشر فى قطاع الرعاية الصحية بإفريقيا، وحضانات الأطفال، والجامعات الخاصة.
وتاريخيا، كان توفير التعليم لأشد الناس فقراً فى أفريقيا من اختصاص الحكومات والمؤسسات الخيرية، ولكن ماى ترى أن التعليم وسيلة لإنقاذ الناس من حياة الكفاف فى المجتمعات الريفية.
وفى نفس الوقت رأت ماى والمؤسسون الآخرون لشركة «بريدج»، فرصة تجارية فى الوقت الذى تناضل فيه الحكومة الكينية لتواكب أعداد الطلاب المتزايدة.
ولم يكن نمو «بريدج» السريع بدون عقبات، فقد واجهت تحديات غير متوقعة وكبيرة، فعندما أقدمت على تدريب المدرسين فى أوغندا، واجه طاقم العمل فى الشركة مشكلات مع السلطات الاوغندية التى اتهمتهم بنقل الجهاديين الطامحين إلى معسكرات تدريب، ثم تمت تسوية الأمر بسلام.
تحول فى التعليم الإلكترونى فى جنوب إفريقيا
تحل أجهزة التابلت، والحواسب الآلية، والهواتف، تدريجيا محل الصورة التقليدية للفصول والكتب المغطاة بالأتربة فى مدارس جنوب إفريقيا.
وقال تقرير لـ«بى بى سي» إن تلك التكنولوجيات الرقمية توفر حلولاً ممكنة لتحديات التعليم المزمنة فى القارة السمراء مثل الفصول المتكدسة، ونقص المعلمين.
وتسعى شركات النشر إلى إيجاد طرق للوصول إلى الجمهور الشاب وتنمية عقوله المزدهرة فى الوقت الذى تصبح فيه إفريقيا أكثر اتصالاً بالعالم الخارجى.
وإحدى هذه الشركات هى «فيا أفريكا» للنشر، التى تنشر الكتب المدرسية منذ 65 عاما، وبحثت الشركة إمكانية التحول إلى المحتوى الإلكترونى منذ عدة سنوات، وقال مايكل جودمان، مدير المحتوى فى الشركة، «نحن قررنا منذ ثلاث سنوات، بعدما رأينا ما يحدث فى العالم، أن التعليم الإلكترونى اتجاه مهم ينبغى أن يكون لنا دور فيه».
وأضاف أنهم قرروا تصميم مجموعة من الكتب الإلكترونية بنفس محتوى الكتب المطبوعة التى يقدمونها إلى وزارة التعليم، وأوضح أن الشركة استخدمت سياسة «ابتكر الأمر وسيأتى الطلب عليه لاحقا» لأن الوزارة لم تطلب تقديم كتب إلكترونية.
وقال جودمان إن الشركة بدأت تجنى ثمار الأمر العام الماضي، حيث لم تتجاوز مبيعات الكتاب الإلكترونى 1000 كتاب فى 2013، بينما ارتفعت المبيعات بشدة فى 2014، ووصلت إلى 64 ألف كتاب.
وقال إن حكومة جنوب إفريقيا أنفقت كثيراً على المواد المطبوعة، وسوف يتطلب التحول نحو التعليم الإلكترونى شراكات بين القطاعين الخاص والحكومة.
وأضاف أن الشركات تبحث عن تمويلات، مؤكدا أن لديها مبادراتها الخاصة فى تقديم أجهزة التابلت ثم يأتى بعد ذلك التعاون مع الحكومة لتطبيق ذلك فى المدارس.
وعقدت «فيا أفريكا» شراكة مماثلة مع منظمة غير ربحية، «بريدلاين أفريكا»، لتزويد المجتمعات الريفية بمراكز التعليم الإلكتروني.
وتقوم منظمة «بريدلاين أفريكا»، ومقرها كايب تاون، بتحويل حاويات الشحن القديمة لاستخدامات يستفيد منها المجتمع.
وتقام المراكز الرقمية داخل المكتبات القائمة بالفعل، ويتم تزويد كل مركز بـ15 جهاز تابلت يعمل بنظام الأندرويد، ومحمل عليه أحدث البرامج والتطبيقات التعليمية والكتب الإلكترونية لشركة «فيا أفريكا».
وتم تطبيق «فيا أفريكا» كمبادرة للتعليم الإلكترونى فى ثلاث مدارس ابتدائية فى مناطق ريفية، وقال جودمان إنه زار مدرسة فى مقاطعة لومبوبو لرؤية كيف استجاب الأطفال للتكنولوجيا، وكانت النتائج رائعة.
وأوضح جودمان إن أحد التحديات التى تواجه هذه المبادرة هو تدريب المعلمين، ولذلك سوف يتم القيام بزيارات دورية لهذه المراكز بالإضافة إلى تزويدها بأحدث المستجدات لجعل المعلمين على إطلاع بأحدث التطورات.
وهناك شبكة اجتماعية فى جنوب إفريقيا كان لها دور فى تعزيز التعليم الإلكترونى من خلال أدواتها التعليمية، وهذه الشبكة تسمى «أوبامي».
وأسست «باربارا ماليسون» هذه الشبكة الاجتماعية فى 2007، وكانت شبكة اجتماعية عامة، ولكن رأت ماليسون فرصة لتحسين محتوى الشبكة بحيث يكون لها تأثير على قضية ذات أهمية فى جنوب إفريقية وهى التعليم.
وأرادت ماليسون وفريق العمل فى «أوبامي» معرفة كيف يمكن استخدام شبكات التواصل الاجتماعى فى وصل الأساتذة والمعلمين والأباء، ولكن ظل المعلمون مترددين من استخدام شبكات التواصل الاجتماعي.
وقالت ماليسون: «شبكات التواصل الاجتماعى مفيدة فى العديد من القطاعات لكنها يجب أن تخدم غرضا بالأخير، لذا فقد قررنا تغيير بعض الأشياء، وتوصلنا إلى فكرة تطبيق وسائل التواصل الاجتماعى فى نظام إدارى تعليمي».
وأوضحت أن هذا يعنى تحميل المحتوى ومشاركته، وتحديد الواجبات المنزلية وتصحيحها، وقالت إن مشاركة محتوى المنهج على الإنترنت ومراقبة المتعلمين من خلال التقييم هى أساسيات نجاح شبكة «أوبامي».
وخلال السنوات الأخيرة الماضية، واصلت «أوبامي» نموها عبر جنوب أفريقيا والقارة، والآن يستخدم تطبيقها 400 مدرسة ومؤسسة لجعل المعلمين والآباء والتلاميذ على اتصال.
ويعتقد البعض أن الاستخدام المجرد للتكنولوجيا سوف يساعد جنوب إفريقيا وبقية الدول فى القارة على تعليم شبابها بشكل أكثر فاعلية، ولكن تحقيق ذلك يتطلب استخدامها وفقا لاستراتيجية من قبل المعلمين ودور النشر والحكومات معا.
التعليم من أجل تحقيق التنمية المستدامة
البنك الدولى يخصص 5 مليارات دولار لتحسين جودة التعليم العالمى على مدار خمس سنوات
بيرسون للتعليم: ماليزيا وفنلندا وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ واليابان تقدم أفضل مستوى للتعليم العالى فى العالم
يشهد هذا العام نقطة تحول بالنسبة للعالم، مع تبنى المجتمع الدولى استراتيجية التنمية العالمية الجديدة فى سبتمبر المقبل بالإضافة الى السعى لإبرام اتفاق عالمى لمكافحة تغير المناخ فى ديسمبر، ومن أجل النجاح يتعين على صناع القرار الاعتراف بالضرورات العالمية للقضاء على الفقر وتحسين الرفاهية، وأكثر الوسائل فعالية لتحقيق ذلك هو التعليم.
وأكد موقع بروجيكت سنديكيت، على أن النظام التعليمى القوى يوسع دائرة الوصول إلى الفرص، ويحسن الصحة، ويعزز قدرة المجتمعات المحلية، ويوفر التعليم أيضا المهارات التى يحتاجها الناس لتزدهر فى الاقتصاد المستدام الجديد، والعمل فى مجالات مثل الطاقة المتجددة والزراعة الذكية، وإعادة تأهيل الغابات، وتصميم المدن الأكثر كفاءة فى استخدام الموارد.
ومن أجل ذلك خصص البنك الدولى 5 مليارات دولار لتحسين جودة التعليم العالمى على مدار الخمس سنوات المقبلة، وجاء الاعلان قبل يوم من اجتماع زعماء 160 دولة فى كوريا الجنوبية لحضور المنتدى العالمى للتعليم، حيث سيناقشون الأهداف التعليمية ليتم تضمينها فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة بجانب جدول أعمال التنمية العالمية التى تبدأ العام المقبل وتستمر حتى عام 2030.
وفى الوقت الذى أعلن فيه البنك الدولى أن ما يقدر بنحو 250 مليون طفل حول العالم لا يستطيعون القراءة أو الكتابة على الرغم من حضور العديد منهم الى المدرسة لسنوات، وهى مأساة لها عواقبها الوخيمة، نجحت ماليزيا فى أن تكون نموذجاً تحاكى به القارة الاوروبية فى مجال التعليم فى ظل وجود العديد من البلدان فى آسيا وأفريقيا لم تتمكن حتى الوقت الراهن من تطوير المؤسسات التربوية والعلمية والتقنية.
وأوضحت شركة بيرسون، للتعليم أن ماليزيا أثبتت إنجازات كبيرة فى تطوير التعليم العالى وتم تصنيفها فى 2012 بين أكبر 5 دول حول العالم تقدم أفضل تعليم عال بجانب فنلندا وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ واليابان.
وأظهرت ماليزيا وتايلاند وإندونيسيا انجازات كبيرة فى تعزيز تعليمها العالي، وفيما يتعلق بمؤشر نسبة الالتحاق بالمدارس، يوجد ما يقرب من 3 من كل 10 إندونيسيين فى سن الالتحاق بالتعليم العالي، خلف تايلاند وماليزيا.
وأعلن داتوك سيرى نجيب رزاق، رئيس وزراء ماليزيا أن التعليم العالى فى ماليزيا من بين أكثر الأسعار المعقولة فى دول شرق آسيا، لافتا إلى أن الحكومة تتحمل تكاليف أكثر من 90% من المصروفات لمن يواصلون دراساتهم فى الجامعات الحكومية.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه فى اطار خطة مساعدة الفقراء غير القادرين على تحمل أعباء مصاريف التعلم، هناك قروض يقدمها صندوق إقراض طلبة مؤسسات التعليم العالي، لدعم الفقراء.
وأضاف خلال المناقشات التى نظمتها مجموعة من الشباب فى جامعة كيبانغسان ماليزيا «إذا كان هناك من بين هؤلاء الطلاب الذين لا يستطيعون تحمل 10% من اجمالى المصروفات يقوم الصندوق بجانب المنح الدراسية للمساعدة فى الحد من أعبائها».
وذكر موقع ماليزيا اون لاين أن توفير التكاليف، يدفع معظم الطلاب فى ماليزيا لإكمال تعليمهم الجامعي، طالما لديهم دوافع النجاح، دون النظر الى مستوياتهم المادية.
وأشار نجيب، الى أنه فى العديد من البلدان المختلفة نرى العديد من الشباب يعملون نوادل فى المطاعم، وعند سؤالهم عن عدم مواصلة رحلتهم التعليمية يقولون «بسبب عدم القدرة على تحمل تكاليفها» وهذا ما تسعى ماليزيا إلى تجنبه.
وفى ماليزيا يجب أن يمتلك الطلاب الإرادة والرغبة فى مواصلة الدراسة والنجاح دون النظر إلى مسألة القدرة على تحمل التكاليف.
دول البريكس تغير موازين قوى التعليم فى العالم
تغير دول البريكس- البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا- موازين قوى التعليم فى العالم اليوم، ففى أول دراسة مقارنة لاتجاهات وتحديات التعليم فى الدول الخمس، بحث التقرير الذى أصدرته منظمة اليونيسكو بعنوان «التعليم بناء للمستقبل» فى كيفية قيام تلك الاقتصادات الناشئة الرائدة بجعل المزيد من الأطفال والبالغين يحصلون على التعليم، فضلا عن تحسين نوعية التعليم المتاح لديها وتطوير قاعدة المهارات اللازمة للوصول إلى مكانة الدول ذات الدخل المرتفع، وتطور التعليم فى دول البريكس، التى تعد موطنا لأكثر من 40% من الكثافة السكانية فى العالم، لديه تأثير كبير على التوزيع العالمى للموهبة الإنسانية.
وتهدف البرازيل- التى يبلغ عدد السكان بها 200 مليون نسمة- إلى زيادة نسبة القيد الإجمالية فى التعليم العالى إلى 50%من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 18-24 عاما وأن تصل نسبة الالتحاق الصافية بالجامعات إلى 30% مطلع عام 2020.
ومن إحدى جهود البرازيل لتحسين نوعية التعليم العالى، تخطط البلاد لمنح 60 ألف درجة ماجستير و25 ألف درجة دكتواره محليا سنويا مطلع عام 2020، ومن خلال مبادرة علوم دون حدود التى أطلقتها الحكومة، يتم تقديم منح دراسية كاملة للدراسة فى الخارج لنحو 100 ألف طالب برازيلى – غالبا فى مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
وقال جورج الميديا جويماريس، رئيس الوكالة الفيدرالية البرازيلية لدعم وتقييم التعليم العالي، إن هذه الخطوة من المتوقع أن تعزز العلوم البرازيلية والتكنولوجيا، جنبا إلى جنب مع إعداد موظفين مؤهلين تأهيلاً عالياً للتدريس فى الجامعات المحلية.
وتعتلى أجزاء من الصين بالفعل تصنيفات دولية فى المستوى الثانوي، وتشير خطة التعليم القومية فى الصين إلى أنه بحلول عام 2020 سيكون لدى البلاد جامعات عالمية المستوى وتصبح قوة لا يستهان بها فى ساحة التعليم العالى العالمي.
وفى إطار جهود الهند لتحسين التعليم العالي، أطلقت البلاد مبادرة مدتها 25 عاما لتحسين الوصول والإنصاف والجودة فى التعليم العالى من خلال إنشاء مؤسسات جديدة وزيادة نسبة الالتحاق بالجامعات، وكذلك رفع مستوى البنية التحتية وإنشاء مجالس حكومية للتعليم العالي، وأفاد تقرير اليونيسكو أن هدف الهند هو التحاق أكثر من 10 ملايين طالب بالجامعات خلال الخمس سنوات المقبلة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن نجاح الهند فى زيادة فرص الحصول على التعليم خلق أكبر نظام لمدارس المرحلة الابتدائية فى العالم وأدى إلى التحاق ما يزيد على 42.7 مليون طالب بالتعليم الثانوى خلال عشر سنوات فقط تقريبا.
وتخشى روسيا من تراجع عدد الطلاب بها، لذلك تركز جهودها على رفع نوعية التعليم فى جامعاتها، وأفاد التقرير أنه ما بين عامى 2006 و2012 تراجع عدد خريجى الجامعات بنسبة 46%، الأمر الذى أدى لعمليات دمج المؤسسات، وتم تأسيس جامعات عامة فيدرالية وجامعات بحث قومية فى روسيا لتحسين الموارد المتاحة على النحو الأمثل فى كل منطقة وتعزيز الروابط بين الجامعات والاقتصاد والمجتمع.
وكثفت دول البريكس عملية نقل الطلاب ليس فقط بين بعضها البعض ولكن أيضا بتوفير الفرص لطلابها للبحث عن جودة التعليم فى قطاع التعليم العالى العالمي، ويبلغ حاليا عدد الطلاب الذين يدرسون فى الخارج من الصين 700 ألف طالب، ومن الهند 211 ألف طالب ومن روسيا 51 ألف طالب ومن البرازيل 31 ألف طالب ومن جنوب أفريقيا 6.400 طالب.
وأفاد تقرير اليونيسكو أن الوجهة الرئيسية للطلاب الأجانب من دول البريكس هى الولايات المتحدة، حيث يدرس بها ما يزيد على 210 آلاف طالب من الصين، ومن الهند 97 ألف طالب و9 آلاف طالب من البرازيل، والوجهات الرئيسية الأخرى لدول البريكس هى بريطانيا واليابان وأستراليا وألمانيا.
ومع ذلك أصبحت دول البريكس خلال العشر سنوات الأخيرة وجهة مهمة لدول البريكس حيث تستضيف روسيا 174 ألف طالب والصين 99 ألف طالب وجنوب افريقيا 70 ألف طالب والهند 31 ألف طالب والبرازيل 14 ألف طالب.
ومن أجل بناء وجود عالمى أقوى فى مجال التعليم عبر الحدود، بدأت دول البريكس فى فتح فروع لجامعاتها فى الخارج، كما تعتزم زيادة مساعداتها الدولية فى التعليم بهدف بناء روابط مع الدول النامية والناشئة الأخرى.
فى التعليم لم يعد هناك كبير.. بريطانيا تدرس التجربة الفيتنامية
8.5 تريليون استرليني عائد رفع مستوى خريجى التعليم ما قبل الجامعى فى 15 عاما
تعد نوعية التعليم داخل البلدان مؤشراً قوياً للثروة، ودليلاً على استمرار إنتاج الدول على المدى الطويل، وعلى العكس من ذلك، ضياع الناتج الاقتصادى يأتى جراء السياسات والممارسات التعليمية الفقيرة ويترك العديد من البلدان فيما يرقى إلى حالة دائمة من الركود الاقتصادى.
وقالت صحيفة التلجراف، إن بريطانيا تسعى لإضافة تريليونات لاقتصادها من خلال دراسة وتطبيق معايير التعليم من بولندا وفيتنام واستونيا.
وأوضح تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، أن اثنين من كل عشرة ممن تتراوح أعمارهم بين 15 عاماً فى المملكة المتحدة يفتقرون إلى المهارات الأساسية من الرياضيات والعلوم ومهارات القراءة بالمقارنة مع واحد من كل 10 فى فيتنام.
وجاءت بريطانيا فى المرتبة 20 بعد بولندا واستونيا من اجمالى 76 دولة خضعت لاختبارات تظهر متوسط تحصيل الطلاب للمهارات الأساسية.
وأظهر التقرير أن المملكة المتحدة يمكنها إضافة 3.1% للناتج المحلى الإجمالى 2030 إذا أصبح الشباب قادرين على تطوير المهارات التعليمية الأساسية فى العلوم والرياضيات والقراءة.
وذكرت التلجراف أن جميع الشباب سوف يصلون الى مستوى تحصيل المهارات الأساسية بحلول عام 2030، وهذا يمكن أن يضيف 3.65 تريليون لاقتصاد البلاد بحلول عام 2095 بنسبة 143% من الناتج المحلى الإجمالى الحالى.
وأضاف التقرير أن زيادة متوسط تحصيل الطلبة الحاليين بمقدار 25 نقطة على مدار 15 سنة مقبلة من شأنه أن يعزز اقتصاد المملكة المتحدة بنحو 8.653 تريليون دولار بنسبة 340% للناتج المحلى الإجمالى.
وأفاد أندرياس شلايشر، المستشار الخاص لسياسة التعليم فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية إن المملكة المتحدة فى حاجة لتحسين التعليم «بسرعة» وتغيير سياسات المدارس لمساعدة الفقراء والأطفال الأذكياء، إذا أرادت اللحاق بركب البلدان الأوروبية والآسيوية الأخرى التى تضم سلوفينيا والنمسا وكوريا.
وأضاف شلايشر، لصحيفة التلجراف «يجب على بريطانيا تحسين التعليم وأن تكون قادرة على رفع المستويات بالإضافة إلى دفع التماسك فى نظام التعليم، ومعالجة المدارس ذات الأداء الضعيف ووضع الكثير من الاستثمارات فى مهنة التدريس».
وأكد شلايشر، على أن تطوير التعليم يعد بديلاً قوياً لطباعة النقود لدفع الدول المتقدمة مثل المملكة المتحدة، إلى النمو الاقتصادى، وهذا يعتمد أكثر من أى شىء على تجهيز عدد أكبر من الناس بمهارات أفضل للتعاون، والتنافس والتواصل بطرق تدفع مجتمعاتنا إلى الأمام وعلى استخدام هذه المهارات بشكل مثمر.
وتحصل الجامعات حاليا على حوالى 1/8 من دخلها من الرسوم الدراسية للطلاب الدوليين، وفقا لجامعات المملكة المتحدة، وهؤلاء الطلاب يساهمون بقيمة تقدر بحوالى 7 مليارات جنيه استرلينى سنويا للاقتصاد.
وناشدت الأكاديميات الرائدة فى بريطانيا الحكومة استبعاد الطلاب الأجانب الذين يدرسون فى المملكة المتحدة من أهداف الهجرة الصافية لأنهم مساهمون فى التمويل الرئيسى للبحث العلمى ودعم الاقتصاد المحلى.
وقال البروفيسور كولين بيلى، نائب مستشار جامعة مانشستر، إن وفود الطلاب من الخارج مفتاح النجاح الاقتصادي.
وأضاف أن الجامعات الدولية بوابات لباقى العالم، وأن الطلاب الأجانب الذين يدرسون فى جامعاتنا يمولون قواعد البحث والعلم، بالإضافة إلى تمويلاتهم فى المجتمع المحلي، فهى علاقة تجارية طويلة الأجل والطلاب مفتاحها الحقيقى.