هلع وسط المستثمرين من تشكيل حكومة تعجز عن تنفيذ الإصلاحات اللازمة
دخلت تركيا فى فترة من عدم اليقين السياسى، بعد نتائج الانتخابات البرلمانية، بعد فقدان حزب العدالة والتنمية، المنتمى إليه رجب طيب أردوغان، رئيس البلاد، الأغلبية فى البرلمان.
وعلى خلفية السياسة الاستقطابية على نحو متزايد، يبدو أن تشكيل حكومة فى دولة ذات أهمية استراتيجية أصبح أكثر صعوبة من أى وقت مضى فى القرن الحالى.
وذكرت صحيفة الفاينانشيال تايمز، أن المؤشرات الرئيسية على مدى السنوات الـ15 الماضية، تظهر مدى أهمية تركيا داخل الأسواق الناشئة، ولكن لا يزال هناك أيضاً العديد من المخاطر.
ومنذ مطلع عام 2000، شهد الاقتصاد التركى بعض التقلبات بدأت بالنمو الذى استمر سنوات، وشهد بعد التوسع ضعفاً، وفى النهاية ظهرت عليه علامات الانكماش الحاد، حيث تم بناء النموذج الاقتصادى للبلاد إلى حد كبير على الطلب المحلى وقطاع البناء الفعّال الذى تعرّض لضغوط متزايدة.
وأوضحت الصحيفة، أن أداء تركيا كان بمثابة النجم الساطع وسط الأسواق الناشئة، حيث تفوّق الناتج المحلى الإجمالى للفرد على المكسيك أوائل 2011. ويرى البعض، أن البلاد بحاجة إلى تحول أساسى نحو إنتاج السلع ذات القيمة العالية، بالإضافة إلى تكثيف الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية والقانونية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يستمر فيه تراجع الصادرات التركية إلى الاتحاد الأوروبى، بينما تظل البلاد غير قادرة على تعويض النقص فى أماكن أخرى. ويتوقع العديد من الاقتصاديين تباطؤ المستويات المنخفضة بالفعل من النمو، إلى جانب التعرض لصدمات خارجية وداخلية، كما يشكو المستثمرون من الاقتصاد غير المتوازن الذى يعتمد على الطلب المحلي.
وأفاد فيكتور زابو، لدى أبردين، شركة إدارة الأصول، التى تدير 13 مليار دولار فى ديون الأسواق الناشئة، بأن معدّلات النمو مرتفعة، ولكن لديها مشاكل مع الموازين الخارجية فى إشارة إلى اعتماد البلاد على التمويل الأجنبى المتقلب. وأضاف «سوف تشهد تركيا فترة من عدم اليقين، ومن الصعب توقع الآثار الاقتصادية المترتبة على الانتخابات».
وأكدّ المستثمرون فى الخارج، أن على تركيا أن تتعامل حالياً مع إمكانية تشكيل حكومة تفتقر إلى القوة لتنفيذ الإصلاحات من أجل زيادة القدرة التنافسية، ورفع معدل الادخار وزيادة الصادرات.
وتفتخر تركيا بالمالية العامة القوية، ونموها طوال العقد الحالى، وذلك بفضل السياسة النقدية التوسعية فى الولايات المتحدة وغيرها التى مكّنت المستهلكين والشركات فى الأسواق الناشئة من الاقتراض بثمن بخس.
ولكن ما زال لديها نقاط ضعف واضحة، ولا سيما العجز فى الحساب الجارى الذى وصل إلى نسبة 5% من الناتج المحلى الإجمالى، بالإضافة إلى الرفع المتوقع لسعر الفائدة فى الولايات المتحدة العام الجارى، والذى من شأنه أن يزيد من تكلفة تأمين التمويلات الأجنبية.
وقال فرانسيس بالسيلز، لدى بيمكو، واحدة من أكبر شركات إدارة الصناديق فى الأسواق الناشئة، إن القدرة على جذب رؤوس الأموال أمر أساسى للأكراد، وسيكون أكبر تحدٍ فى ظل حالة عدم اليقين السياسى العالى وسط المشاكل الأساسية الكامنة، وسوف تظل البيئة الخارجية صعبةً للغاية بالنسبة لهم، إلى جانب الصادرات التى تعتمد على أوروبا والتمويلات الأمريكية، فالموقف فى تركيا أصبح صعباً للغاية.
ويتوقع الكثيرون أن ترفع تركيا أسعار الفائدة فى الأشهر المقبلة، نظراً لحالة عدم اليقين السياسي، وارتفاع سعر الفائدة المحتمل من الولايات المتحدة، والتضخم الذى وصل إلى نسبة 8%، بالإضافة إلى احتياجات التمويل الخارجي. وبين كل هذه التوقعات القاتمة وضع بعض المحللين ملامح إيجابية بعد الانتخابات، حيث أشار البعض إلى أنه من الممكن كبح محاولات رجب طيب أردوغان، من امتلاك المزيد من الصلاحيات الرئاسية، ووقف الانزلاق نحو الحكم التعسفى الذى كان مصدر توتر للمستثمرين، إضافة إلى تحرير البنك المركزى ورفع القيود عنه.








