%3.7 نسبة التخصيب المسموحة و5 آلاف جهاز طرد مركزى بدلاً من 20 ألف
من المتوقع أن يكون للاتفاقية النووية التى أبرمتها القوى العالمية الست وإيران تأثير ساحق بالنسبة لمواطنى الجمهورية الإسلامية، وربما الأحداث الجيوسياسية فى الشرق الأوسط بأكمله، فبعد قرابة عامين، أسفرت المناقشات المكثفة وعالية التقنية عن معاهدة تتكون من 159 صفحة، وتتلخص الاتفاقية فى خمسة أجزاء رئيسية.
أولاً: تخفيف العقوبات:
ترغب طهران فى إلغاء فورى للقيود المالية والاقتصادية التى خنقت اقتصادها، وبمقتضى الاتفاقية، سترفع جميع العقوبات التى فرضتها أمريكا والاتحاد الأوروبى على القطاع المالى والاقتصادى وقطاع الطاقة، فضلاً عن رفع غالبية عقوبات الأمم المتحدة فى «يوم التنفيذ»، اليوم الذى تظهر فيه إيران أنها امتثلت للالتزامات المحددة للحد من أعداد أجهزة الطرد المركزى ومخزونات اليورانيوم ومعالجة القلق بشأن الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامجها النووى.
ومن المتوقع أن يستغرق ذلك ما بين ستة وتسعة أشهر على الأقل، وهو ما يعنى دعماً اقتصادياً ضخماً سيبدأ فى النصف الأول من عام 2016، وذلك من خلال رفع العقوبات، وحينئذٍ سيتم الإفراج عن ما يزيد على 100 مليار دولار من الأصول الإيرانية فى الخارج، وستزداد صادرات البترول فى إيران سريعاً.
وستحافظ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى على القيود المفروضة على تجارة التكنولوجيا المرتبطة بانتشار الأسلحة النووية لمدة ثمانى سنوات أو حتى تخلص الطاقة الدولية للطاقة الذرية إلى أن المادة النووية فى إيران لا تزال تستخدم سلمياً، وبعد عشر سنوات، من المقرر أن تتم إزالة قيود الأمم المتحدة المتبقية على المواد النووية الحساسة كلياً.
ومن أكثر النقاط إثارةً للتوتر فى المحادثات هو طول مدة القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة، وبمقتضى التسوية، ستستمر قيود الأمم المتحدة على الوصول إلى التكنولوجيات الباليستية لمدة ثمانى سنوات على الأكثر، وسيُرفع حظر الأسلحة المفروض على إيران فى غضون خمس سنوات.
ثانياً: تخصيب اليورانيوم:
وكما كان محدداً فى الاتفاقية المبدئية التى أبرمتها إيران مع القوى العالمية الست منذ ثلاثة أشهر، سيُسمح للدولة الإسلامية بتشغيل ما يصل إلى 5.060 جهاز طرد مركزى من الجيل الأول، ما يهيئها لتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 3.67%، وهى نسبة أقل بكثير من تلك اللازمة لصناعة أسلحة نووية.
كما سيكون مسموحاً لإيران بتشغيل ما يصل إلى 1000 جهاز طرد مركزى فى فوردو، منشأتها الجبلية المحصنة، ومع ذلك، لن يسمح لتلك الأجهزة بتخصيب اليورانيوم، وبدلاً من ذلك ستُستخدم فى تنقية الغازات والعناصر المشعة الأخرى، وستستمر القيود المفروضة على أجهزة الطرد المركزى من الجيل الأول لمدة 10 سنوات، وعلى أجهزة فوردو لمدة 15 عاماً.
ولأول مرة منذ ثمانى سنوات ستكون إيران قادرةً على إجراء أعمال بحث وتطوير محدودة خاصة بالتخصيب دون تراكم يورانيوم مخصب، وبعد فترة وجيزة، سيُسمح لها باختبار ما يزيد على 30 جهاز طرد مركزى من نوع «أى آر 6»، وستستطيع إيران تصنيع أجهزة «أى أر 6» و«أى آر 8» فى ناتانز، ولكن ستقتصر الأعداد على 200 جهاز سنوياً، والأجهزة لن يكون بها دوارات، وستعمل تحت المراقبة المستمرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبعد مرور عشر سنوات على الاتفاقية ستكون إيران قادرةً على إنتاج أجهزة طرد مركزى كاملة بالمعدل ذاته.
ثالثاً: إنتاج البلوتينيوم:
وافقت إيران على إعادة ضبط مفاعل المياه الثقيل فى أراك، ففى هيئته الحالية، ينتج مفاعل «أى آر 40» كميات ضخمة من البلوتينيوم كمنتج ثانوى لتوليد الكهرباء، ورغم أن إيران لا تمتلك منشآت تخصيب البلوتينيوم لتحويله إلى قنبلة، كان التعامل مع هذه المسألة من أولويات المفاوضات؛ لأن الكم الهائل من البلوتينيوم فى مفاعل أراك يمكن إنتاجه فى وقت قصير جداً، ووفقاً للاتفاقية سينتج المفاعل بعد إعادة ضبطه كميةً ضئيلةً جداً من البلوتينيوم.
رابعاً: التحقق والتفتيش:
ستخضع سلسلة التوريد الكاملة للمجمع النووى الإيرانى لتفتيش المراقبين الدوليين، وهذا يغطى مجموعة تتراوح من منشآت تخصيب اليورانيوم إلى مناجم اليورانيوم والمصانع التى تنتج أجهزة الطرد المركزى ومنشآت تخزينها، ووافقت إيران على تنفيذ والتصديق على البروتوكول الإضافى للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذى يتضمن وصول المفتشين إلى مواقع معلنة وغير معلنة، وستستمر بعض عناصر التفتيش لمدة ربع قرن.
خامساً: أبعاد عسكرية محتملة:
التزمت إيران بحل القضايا المتعلقة بما يسمى «أبعاد عسكرية محتملة» لبرنامجها مطلع ديسمبر، وطالما كانت مسألة «أبعاد عسكرية محتملة»، إحدى أكثر القضايا حساسيةً بالنسبة لإيران، إذ تتردد الدولة فى السماح بوصول المفتشين إلى المواقع الحساسة، خاصة بعد تاريخ طويل من الاغتيالات والتخريب.
وبموجب الاتفاقية، سيتبع مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية «خارطة طريق» حيال إعداد تقرير كامل وشامل عن «الأبعاد العسكرية المحتملة» بحلول ديسمبر المقبل، وهو ما يتطلب القيام برحلات إلى إيران لمقابلة الخبراء الإيرانيين، بالإضافة إلى الإشراف على المواقع، بما فى ذلك موقع بارشين، أكبر المعسكرات السرية التى يديرها الحرس الثورى.
نهى مكرم








