نأمل استقراراً قصير المدى فى الأسواق عبر ضمادات السيولة
سارع بعض المعلقين، ووصفوا الاضطرابات الأخيرة فى سوق الأسهم، بأنها «تاريخية» و«غير مسبوقة»، رغم أن تطورها كان تقليدياً حتى الآن. وفى مقال له على وكالة أنباء «بلومبرج»، قال الخبير الاقتصادى الدكتور محمد العريان، إن الأمر الذى قد يكون مختلفاً هذه المرة هو: هل يمكن استعادة الاستقرار بالأدوات السياسية المتاحة؟.
وبدأت موجة البيع الحالية نتيجة إعادة تقييم لآفاق النمو العالمى، خصوصاً مع تزايد الدلائل على الضعف فى العالم الناشئ، بحانب استمرار تباطؤ النمو فى أوروبا واليابان، مما جعل من الصعب على الأسواق تجاهل تأثير التباطؤ العالمى على المكاسب والربحية.
وتسارعت موجة البيع بعد ذلك، نتيجة انتشار المخاوف من أن صناع السياسة قد لا يستطيعون الاستجابة بالسرعة الكافية والفعالية المطلوبة، ويرجع جزء من هذه المخاوف إلى مدى استنفاد البنوك المركزية مخازن الذخيرة لديها بعد سنوات من تحمل الجزء الأكبر من عبء السياسة.
وعلاوة على ذلك، جاء القلق الأكبر من الإدراك الصحيح بأن الاستجابة المبدئية يجب أن تأتى من الأسواق الناشئة – التى تعد مصدرا للمخاوف المالية وتلك المتعلقة بالنمو – وليس من «الفيدرالى الأمريكي» أو البنك المركزى الأوروبي.
وكالمعتاد، ازدادت موجة البيع علواً عندما أدرك المتداولون أن صناع السياسة لن يستجيبوا مباشرة، وأصبحت الاضطرابات فوضوية لفترة قصيرة عندما استولت القوى التقنية الكلاسيكية لتقليص الخسائر – بما فى ذلك البيع بشكل عام من قبل المستثمرين الحساسين من التقلبات ومن قبل المحافظ شديدة الاستثمار فى الأسهم – على السوق، وكانت النتيجة خليط تقليدى من انخفاض الأسعار، وانحراف التقييمات، وانتقال العدوى.
ويعد ما سبق، هو المراحل التقليدية لموجة بيع عامة فى السوق، وتنتهى هذه الدورة من تلقاء نفسها بمجرد انخفاض الأسعار بما فيه الكفاية لخلق صفقات مغرية لصناديق الاستثمار التى تراقب ما يحدث فى الكواليس، وهذا الانخفاض الذى يليه طلب يحدث أولا عادة للشركات جيدة الإدارة وصاحبة الميزانيات المرنة، ثم ينتشر الأمر فى السوق ككل. وفى هذا الوقت، تكون هناك نقدية كثيرة بما فى ذلك النقدية فى يد الأسر والشركات التى يمكن استغلالها فى مشتريات الأسهم الاستثمارية أو عمليات إعادة الشراء، بالإضافة إلى تلك الأموال المتراكمة فى السندات التى تتراجع عائداتها، ويبحث أصحابها عن فرص ذات عائدات أعلى.
وقد يأتى استقرار أسعار الأصول على المدى الطويل أيضا من تعزيز الأسس الاقتصادية والسياسية فى السوق، ولكن مع استمرار فشل النمو الاقتصادى فى الانطلاق، وقعت المسئولية فى السنوات الماضية على البنوك المركزية وعلى رأسها «الفيدرالى الأمريكي» و«المركزى الأوروبي»، اللذين يعتبران القلب التقليدى للنظام المالى العالمي، لكن هذه المرة، سيتطلب الاستقرار الأصيل والمستمر أن يأتى جزء كبير من الحل من العالم الناشئ. وبالنظر إلى التحديات الاقتصادية والسياسية فى الكثير من الاقتصادات الناشئة ذات الأهمية النظامية، فسوف تتطلب عودة النمو القوي، وظهور الحلول السياسية الشاملة وقتا.
وهذه الحلول قد تشمل تعميق الاصلاحات الهيكلية، وإعادة التوازن للطلب الكلي، والتخلص من المديونية المفرطة. ونتيجة لذلك، فإن أفضل ما يمكن ان نأمل فيه فى الوقت الحالى هو استقرار قصير المدى فى الأسواق من خلال مجموعة من ضمادات السيولة، وهذا النهج سوف يوفر راحة فورية ستقدرها الأسواق للغاية، ولكنه ليس كافيا لإرساء الاستقرار طويل المدى الذى يبحث عنه النظام المالى العالمي.