85 مليون جنيه إسترلينى إيرادات إضافية لوزارة العدل
فى محكمة فى منطقة هايبري، شمال لندن، ثبتت تهمة الاعتداء، فى حق رجل متقاعد يبلغ من العمر 59 عاماً. وفرض عليه القاضى غرامة قدرها 65 جنيهاً استرلينياً، أى حوالى 100 دولار، ويبلغ الدخل القابل للتصرف لهذا الرجل 40 جنيهاً استرلينياً أسبوعياً، بعد دفع تكاليف النزل الخاضع للإشراف الذى يقيم فيه.
ولكن القاضى لا يملك حرية تقدير الغرامة بعد «زيادة الغرامات فى المحاكم الجنائية» فى أبريل الماضي. وحال تبرئة شخص ما ثم إدانته فى جريمة أخرى ترتفع الغرامة إلى ما بين 520 و1000 جنيه استرلينى، حسب خطورة الجريمة.
وتتوقع وزارة العدل، أن تحقق الغرامات الجديدة إيرادات تصل إلى 85 مليون جنيه استرلينى سنوياً.
ويقول تقرير لمجلة «إيكونوميست» البريطانية، إن الحاجة إلى الأموال، تدفع إدارات الحكومة المركزية، والمجالس المحلية فى بريطانيا إلى إيجاد طرق جديدة لموازنة دفاترها.
وشهدت الوزارات باستثناء وزارتى الصحة والتعليم، تقليصاً لموازناتها بحوالى الربع فى المتوسط منذ 2010- 2011. كما انكمش التمويل من الحكومة المركزية إلى المجالس المحلية بنسبة 37%. ليس هذا فحسب، بل يفترض على الإدارات أن تجد جوانب إضافية للتوفير لتقليص ميزانياتها بنسبة 40%، كجزء من مراجعة الإنفاق المقررة فى نوفمبر المقبل.
ويكشف التقرير، أن الإدارات تلجأ إلى جيوب عملائها لسد الفجوة التمويلية. وتخطط وزارة الداخلية البريطانية، التى سيخصم مليار جنيه استرلينى من موازنتها العام الحالى مقارنة بالعام الماضى، لجنى الأموال من المهاجرين.
فاستصدار تأشيرة لمرافق من وزارة الداخلية كان يتطلب 600 جنيه استرليني، أما الآن فارتفعت الرسوم إلى 2.141 جنيه استرليني.
ومن المتوقع أن تجنى الوزارة من تلك الارتفاعات الأخيرة للحصول على التأشيرة نحو 90 مليون جنيه استرلينى إضافية سنوياً. وعلاوة على ذلك، أصبح إلزاماً على المهاجرين من خارج أوروبا أن يدفعوا 200 جنيه استرليني، رسوماً لاستخدام الخدمات الصحية الوطنية، سواء انتهى بهم الأمر باستخدامها أم لا.
وتعد وزارة العدل رائدة فى هذا الشأن بشكل خاص. فبخلاف زيادة رسوم المحاكم الجنائية، استحدثت غرامة بقيمة 250 جنيهاً استرلينياً لرفع قضية إلى محكمة العمل، وترتفع التكلفة إلى 950 جنيهاً استرلينياً إذا تطورت الدعوى إلى جلسة استماع.
وفى يوليو الماضي، أعلنت الحكومة، أنها تدرس خططاً لتغطية ما يعادل ربع الرسوم المفروضة على مستخدمى المحكمة. كما أنها رفعت بعض الرسوم مثل رسوم الحصول على الطلاق من 410 جنيهات استرلينية إلى 550 جنيهاً استرلينياً، ورسوم طرد مستأجر من 280 إلى 355 جنيهاً استرلينياً.
ويذكر تقرير المجلة، أن المجالس المحلية كانت مبتكرة، أيضاً، فى رسومها، وأصبح التقدم فى العمر أكثر تكلفة، نظراً لرفع المجالس رسوم استخدام الرعاية الاجتماعية بنسبة 4.4% على مدار الأعوام الأربعة الماضية. وحتى الموت لم يعد رخيصاً إذ ارتفع الدخل من إيجاد مقبرة، وحرق الجثث، والمشرحة بنسبة 11.4% خلال الفترة نفسها، وفقاً لمعهد الدراسات المالية.
ومن المتوقع أن ترفع 8 من أصل 10 هيئات محلية الرسوم أكثر. وتصعد تدريجياً رسوم بعض الخدمات مثل جمع القمامة الصديقة للبيئة، وأصبحت ساعات المواقف المجانية للسيارات أقصر، كما أصبحت مراكز الترفيه أكثر تكلفة.
وقد تكون الرسوم طريقة فعالة لتقنين الخدمات العامة. فعلى سبيل المثال ساعدت رسوم الازدحام فى لندن بقيمة 11.50 جنيه استرلينى والمفروضة على من يدخلون بسياراتهم إلى قلب لندن فى منع الاختناقات المرورية داخل شوارع العاصمة.
كما ساعدت رسوم ركن السيارات فى إخلاء أكثر الأماكن طلباً. ومع ذلك، يبدو بعض مما يطلق عليه رسوم وكأنها ضرائب، إذ يعرف التكنوقراط فى مكتب الإحصاءات الوطنى الرسوم على أنها مدفوعات تتعلق باستخدام خدمة ما وتكلفتها. أما إذا كانت الرسوم أعلى من التكلفة، أو لا تتصل باستخدام الشخص للخدمة، فهى ضريبة، وهذا يجعل رسوم التأشيرات واستخدام الرعاية الصحية الوطنية وكأنها ضرائب.
ويشكل الاختلاف هنا أهمية كبيرة، إذ تتسبب الضرائب فى إثارة غضب الناخبين، ويتم الإعلان عنها عادة فى الموازنة السنوية، بينما تتسلل الرسوم الجديدة عبر الفواتير دون الجلبة المالية المصاحبة للضرائب.
ويُعفى الدبلوماسيون من الضرائب وليس من الرسوم، وهذا ما أدى إلى شجار مسلٍ بشأن رسوم الازدحام. وتقول لندن إن السفارات الأجنبية تدين لها بـ90 مليون جنيه استرلينى فى صورة رسوم وغرامات، فى حين تصر السفارات على أنها ضرائب.
وتثير رسوم وزارة العدل المخاوف بشأن تراجع اللجوء إلى المحاكم. ففى يونيو الماضي، أجرت الحكومة مراجعة للإدانات فى محاكم العمل، وأظهرت الأرقام اللاحقة أن عدد قضايا التمييز على أساس الجنس تراجع بنسبة 83% بعد فرض الرسوم فى 2013.
ومنذ ذلك الحين، لم يكن هناك تحسن كبير فى معدلات نجاح هذه القضايا، ما يشير إلى أن هذه الرسوم تؤثر على الضحايا الحقيقيين وليس فقط مضيعى الوقت.
ويقول المسئولون، إن مثل هذه القضايا تستغرق سنوات حتى تحل.. لذا قد يظهر التحسن فى وقت لاحق.
وأثارت رسوم المحاكم الجنائية غضب المحامين، ويقول روبرت كايم، محامى دفاع: «فى القضايا الجنائية، لا يعد المدعى عليه متطوعاً أبداً، فهو لا يتلقى خدمة، بل ينبغى عليه التواجد فى المحكمة». واستقال أكثر من 30 قاضياً بسبب هذه الرسوم الجديدة.
وقالت نقابة القضاة، إن الكثير من المدعى عليهم يعترفون بالذنب لتجنب الرسوم المرتفعة. وفى محاكمة هايبري، تم أمر المذنب بدفع رسومه من خلال أقساط نصف شهرية بمقدار 10 جنيهات استرلينية، وعدم سدادها يعنى مزيداً من الظهور فى المحكمة، وربما مزيداً من الدخل للحكومة.