قالت وكالة أنباء بلومبيرج إن المحققين فى تحطم الطائرة الروسية فوق مصر سيمضون وقتا طويلا فى تحليل أصوات الصندوق الأسود التى لم تستمر سوى أجزاء من الثانية.
وسوف يحاولون بقدر ما يستطيعون تمشيط ما جاء فى الصندوقين الأسودين المستردين من طائرة ميتروجيت «إيه 321»، التى انفجرت فوق شبه جزيرة سيناء يوم 31 أكتوبر الماضي، ولكن إذا كانت الحوداث التى أصابت الطائرة فى وقت سابق تتضمن انفجارات، فإن الصوت والبيانات التى سجلتها الصناديق لن تقدم إجابات حاسمة لأكبر تساؤل لدى المحققين: هل كان سبب التحطم قنبلة؟ وقالت وزارة الطيران المدنى المصرية إنها انتشلت الصندوقين الأسودين – اللذان يتم دهانهما باللون البرتقالى الفاتح ليسهل تحديد موقعهما فى تحطم – ويجرى حاليا مراجعتهما.
وقال تقرير للوكالة إن الصناديق السوداء تسجل الأصوات من مقصورة الطيار، وترصد عمل الأنظمة الميكانيكية فى الطائرة، ومصممة بحيث تتحمل تحطم الطائرة، والحرائق الناتجة عن حريق الوقود.
ورغم وسائل الحماية الموفرة لها، لا يعمل الصندوقان دون طاقة كهربائية، ويتعطلان فورا بمجرد حدوث انفجار ما يحد من قيمتها فى تلك الحالات، وفقا لمراجعة تقارير حوادث الطيران.
وسمع المحققون الهولنديون الذين حققوا فى حادث الطائرة الماليزية التى أسقطت فوق أوكرانيا فى 17 يوليو 2014، 20 ميلى ثانية من الصوت بعد الانفجار على مسجل قمرة القيادة على متن طائرة بوينج رقم «777»، وفقا للتقرير النهائى.
وجاء فى التقرير أنه تم سماع ضوضاء متزايدة لمدة 2.1 ميلى ثانية، والتى تم تحليلها كـ«صوت موجة الضغط التى تصاحب الانفجار».
واكتشف المحققون أن نبضات الصوت وصلت إلى ميكروفونات الصوت الأربعة ـ واحدا لكل طيار، وواحدا لتسجيل الضوضاء فى المقصورة ـ فى أوقات مختلفة، وهذا سمح لهم بتحديد أن الانفجار حدث خارج المقصورة فوق وعلى يسار الطائرة، ورغم أن هذا التحليل لم يكن حاسما، فقد اتضح فيما بعد أن شظايا الصاروخ أصابت هذا الجزء من الطائرة.
وأظهر تسجيل المقصورة فى طائرة «ترانس وورلد إيرلاينز 800» ـ والتى سقطت على ساحل نيويورك وكأنها كرة من النيران بعد انفجار خزان الوقود ـ صوتا «مرتفعا للغاية» استمر لمدة 0.117 ميلى ثانية قبل أن ينقطع التيار الكهربائى عن المسجل ويتعطل، وفقا للتقرير النهائى للمجلس الوطنى لسلامة النقل.
وجمع المجلس فى تحقيقاته، التى أجريت وسط تكهنات باحتمال تسبب قنبلة أو صاروخ فى سقوط الطائرة، تسجيلات صوتية من تحطم طائرات أخرى مثل «بان آم فلايت 1.3»، والتى سقت فيها طائرة بوينج 747 بسبب قنبلة فوق سكوتلاند فى 1988.
وسجل المحققون أيضا أصوات أنواع مختلفة من القنابل تشبه الأعطال الفنية والانفجارات الأخرى.
ووجدوا أن الموجات الصوتية التى تخلفها القنابل لها طابع مختلف عن أنواع الأعطال المفاجئة الأخرى، ما ساعدهم على استبعاد سيناريو القنبلة.
وقال برنارد لويب، المدير السابق للمجلس الوطنى لسلامة النقل، والذى اشترك فى تحقيق «تران وورلد إيلانز» وغيره من الحالات التى تسببت فيها الانفجارات بإسقاط طائرات، لوكالة أنباء «بلومبيرج» إن لمسجلات الصوت هدفا آخر، وهو المساعدة فى استبعاد الأسباب المحتملة، ففى حادثة ماليزيا على سبيل المثال، أوضحت التسجيلات أن الطائرة كانت تعمل بشكل طبيعى قبل ضربها بصاروخ.
وقال لويب إن المحققين الذين يمشطون صحراء مصر سيتعين عليهم القيام بنفس المراجعات شديدة الدقة على حطام طائرة متروجيت، مضيفا أنه ينبغى عليهم أن يجدوا دليلا ماديا وإلا لن يُعرف أبدا سبب السقوط.