«فاينانشال تايمز»: أنقرة قادرة على العودة لخريطة الاستثمار العالمى بقوة
أعلنت سوزان سابانجى دينسر، رئيس مجلس إدارة آكبانك، إحدى أكبر المؤسسات فى تركيا، أن أنقرة تستعد لاستقبال استثمارات كبيرة.
وأضافت فى تحقيق قامت به صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، أن الفرصة أتيحت لها لرؤية كيفية عمل الحكومة من خلال تجربتها السابقة فى أنقرة، إذ أعلنت أن المستثمرين يتفهمون القضايا العالمية، ويركزون على التغيرات طويلة الأجل، ويصبرون بإصرار عندما يتعلق الأمر بالإصلاحات.
ولكن عندما هبط نيكوس ستاثوبولوس، الشريك الإدارى فى شركة «بى سى» للاستثمار المباشر فى لندن فى مطار أتاتورك فى اسطنبول، للبحث عن فرص الاستثمار، كانت وجهة نظره مختلفة تماما.
فقد أشار إلى أن قليلا من المنافسين الذين يتسابقون فى الوقت الراهن للوصول إلى تركيا أصبحوا تحت الرهان. إذ يتوقف المستثمرون الآن لتقييم تداعيات الوضع السياسى فى تركيا، والحرب الدائرة فى سوريا، وازدياد حدة التوتر مع روسيا، إضافة إلى وجود مخلفات عامين من الاضطراب السياسى الداخلي.
واوضح أن البيئة الاستثمارية فى تركيا صعبة جدا فى الوقت الراهن، جرّاء الاضطرابات الجيوسياسية والسياسية، التى شهدتها أنقرة، خلال الأشهر القليلة الماضية، والتى أعطت المستثمرين فرصة للتوقف لفترة من الزمن.
وذكرت صحيفة «فينانشال تايمز» أن هذه الآراء المتعارضة توضح المعضلة، التى تواجه المستثمرين المحتملين فى تركيا.
فرغم المؤشرات الاستثمارية، فإن الناتج المحلى الإجمالى ينمو، بجانب نمو للطبقة الوسطى، بالإضافة إلى نبض الحياة الموجود لدى مجتمع ريادة الأعمال.
وسلّطت الصحيفة الضوء على الوضع السيئ للبلاد مع جيرانها، وكان أبرزها نشر الحكومة، قوات فى شمال العراق، ونزاعها مع روسيا، بعد إسقاط تركيا طائرة مقاتلة روسية فى نوفمبر الماضى عقب اختراق مجالها الجوى.
وإلى حد ما، فهذا الانقسام ينطبق دائما على تركيا، فى الوقت الذى يسعى فيه المستثمرون لتحقيق التوازن بين الفرص التجارية الجذابة والمخاطر السياسية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد عامين من تعاقب سريع للانتخابات، أصبحت للبلاد الآن حكومة مستقرة، بقيادة حزب العدالة والتنمية التابع لرجب طيب أردوغان، رئيس الدولة، والذى يمكن أن يستمر فى السلطة حتى عام 2019 على الأقل.
وأوضح مسئولون كبار بينهم محمد سيمسك، نائب رئيس الوزراء، أن الدولة تنوى فى السنوات القليلة المقبلة إقصاء التنافس السياسى، للمضى قدما فى الإصلاحات الصعبة لمساعدة تركيا فى طرد ما يسمى بفخ الدخل المتوسط، فى الوقت الذى تبدأ فيه البلدان الصناعية حديثا بفقدان قدرتها التنافسية مع ارتفاع الأجور.
وأكدت الصحيفة، أن عدم الاستقرار لم يوقف المستثمرين فى الماضى.
واوضح العضو المنتدب فى «براجما» كريم كوتان، وهى شركة الاستشارات لعمليات الاندماج والاستحواذ فى اسطنبول، أنه منذ بداية ذروة احتجاجات اسطنبول، فى 2013 تم انجاز أكثر من 20 صفقة.
وأبرمت «براجما» صفقات أيضا خلال الاحتجاجات الفعلية، فى الفترة ما بين دورتى الانتخابات، عندما بلغت حالة عدم اليقين السياسى ذروتها.
واضاف أن شركات الاستثمار المباشر، والمستثمرين الاستراتيجين على المدى الطويل لا يهتمون كثيرا بما يحدث الآن، إذ يأخذون نظرة طويلة جدا للسوق فى غضون ستة أشهر أو سنة أو سنتين.
وفى محادثات مع مستثمرين محتملين، أوضح كوتان، أنه لم يطرأ أى انخفاض فى الإقبال على الاستثمار فى البلاد.
وأكد أنهم حذرون بشأن التقييمات العالية، وعليهم أيضا أن يزنوا الاستثمارات التركية مقارنة بتلك الموجودة فى بلدان أخرى.
وأكد أن المستثمرين لديهم الخبرة فى التعامل مع التقلبات السياسية الإقليمية، والعالمية.
ورغم كل شىء ستظل السوق التركية مسعى المستثمرين لالتقاط قطعة من الكعكة.
ووفقا لشركة «ديلوجيك» وهى شركة تزويد البيانات، فإن الأرقام تدعم جزئيا هذا الرأي. فمنذ مطلع العام الحالى حتى الوقت الراهن، تم إنفاق نحو 8.6 مليار دولارعلى صفقات من أجل الحصول على كل أو جزء من حصص فى الشركات التركية من قبل المستثمرين من الخارج، مقارنة بإجمالى 5.2 مليار دولار العام الماضى.
وأكدّ ستاثوبولوس، الذى فازت شركته بأكبر استثمارات مباشرة فى تركيا عام 2008 عندما اشترت «ميجرو» أكبر سلسلة سوبر ماركت فى البلاد، أن السوق التركى لا يزال يحمل الكثير من الوعود.
والبعض يمكن أن يتفق مع الرأى القائل بأنه خلال الأوقات المضطربة تحتاج إلى الضغط على الزناد وبدء المخاطرة، ولكن آخرين قد يشعرون بأن مكافأة المخاطر أقل جاذبية.
وأكدّ أنه «رغم الغيوم المنتشرة والواضحة فى أنحاء البلاد، فتركيا سوف تعود على خريطة المستثمرين الدوليين».