قالت وكالة أنباء «بلومبيرج»، إن الخلاف، المستمر منذ عامين، بين أوكرانيا وروسيا على وشك أن يطرق أبواب محاكم لندن بعدما عجزت الحكومة فى العاصمة الأوكرانية، كييف، عن دفع 3 مليارات دولار فى صورة سندات مستحقة لموسكو.
وتنصل الرئيس الأوكرانى بترو بوروشينكو، بعد شهور من التحذيرات، من سداد الديون المباعة من قبل سلفه فيكتور يانوكوفيتش، قبل شهرين من الإطاحة به، للرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى ديسمبر عام 2013، وتضيف وكالة «بلومبيرج»، أن السندات أصبحت نقطة محورية فى العلاقات المتدهورة بين روسيا وأوكرانيا.
وبعد ضم بوتين لشبه جزيرة القرم، ودعمه للانفصاليين فى أقاصى شرق الأقاليم الأوكرانية، كانت الحكومة فى كييف على حافة الإفلاس قبل حصولها على مساعدات من قبل صندوق النقد الدولى.
ولكى تتمكن من الحصول على حزمة الإنقاذ، تفاوضت على إعادة هيكلة ديون بقيمة 15 مليار دولار مع المستثمرين بما فى ذلك شركة الاستثمار العالمية «فرانكلين تمبلتون»، ولكن روسيا رفضت المشاركة فى إعادة الهيكلة، وفى حين توجد مؤشرات على أن الجانبين يرغبان فى التوصل لتسوية خارج نطاق المحاكم الدولية، تتزايد احتمالية وقوع معركة قضائية فى بريطانيا، إما من خلال نظام المحاكم القضائية أو التحكيم الدولى.
وبعد ساعات من تنصل الحكومة الأوكرانية عن سداد الديون، أكد نائب وزير المالية الروسى، سيرغى ستورشاك، أن موسكو ستقاضى أوكرانيا قائلاً: «أوكرانيا ليس لديها فرصة للفوز فى هذه القضية».
أين وكيف يمكن للإجراءات القانونية أن تمضى قدماً؟
انطلاقاً من كون ديون سندات اليوروبوند مصاغة بموجب القانون الإنجليزى، يجب تقديم أى دعوى بشأنها أمام محكمة فى لندن، كما أن البيان التمهيدى للقانون يسمح للأطراف المتنازعة باللجوء إلى محكمة لندن للتحكيم الدولى، تلك المحكمة التى تفضلها الدول السوفيتية السابقة.
ويقول مايكل وايبل، أستاذ القانون الدولى فى جامعة «كامبريدج»: «لدى موسكو حجة واحدة قوية على الأقل لضمان الحكم لصالحها».
ولكنه أوضح، أن حصول روسيا على ديونها المستحقة سيكون صعباً حتى لو أمر المحكمين أوكرانيا بدفع تعويضات لها، وقد تحاول موسكو مصادرة الأصول الخارجية المملوكة للدولة الأوكرانية من خلال إجراءات قانونية يتم رفعها بالبلدان التى توجد بها تلك الأصول.
هل لايزال من الممكن التوصل إلى قرار خارج نطاق المحاكم الدولية؟
أشارت كل من الحكومتين الروسية والأوكرانية أنهما على استعداد للتوصل لتسوية ما بعيداً عن المعارك القانونية.
وقالت وزيرة المالية الأوكرانية ناتالى غاريسكو، يوم الجمعة الماضية، إنها «متفائلة» حيال إمكانية التوصل إلى اتفاق دون اللجوء إلى معركة قانونية.
وفى يوم 15 ديسمبر الجارى، قالت إن الجانبين فى «اتصالات شبه يومية» من خلال وسطاء من ألمانيا، أحد اللاعبين الرئيسيين فى التوسط لوقف، هش، لإطلاق النار فى أقاصى المناطق الشرقية الأوكرانية منذ سبتمبر الماضى.
وقال نظيرها فى موسكو، وزير المالية الروسى أنطون سيلوانوف، السبت الماضى: «روسيا مستعدة للتعاون، على الرغم من أن فرص التوصل إلى تسوية خارج نطاق المحاكم الدولية قد يكون» من المستحيل «نظراً لضيق الوقت، وموسكو مازالت تتوقع الدفع الكامل وسننتظر حتى العام الجديد لبدء التقاضى».
ماذا يمكن أن تكون ملامح الاتفاق الدبلوماسى المحتمل؟
إن التوصل إلى اتفاق بين الجانبين مرتبط على الأرجح بالتوافق على شروط ما بين إعادة الهيكلة للديون الأوكرانية والعرض الذى قدمه بوتين الشهر الماضى.
وتجدر الإشارة إلى أن عملية إعادة الهيكلة المفروضة على «فرانكلين تمبلتون» وغيرها تنطوى على شطب 20% من الديون الأساسية، وتمديد آجال الاستحقاق لأربعة أعوام على الأقل، وإصدار ضمانات أكثر ارتباطاً بالنمو الاقتصادى، وقد لا تشارك روسيا فى هذه العملية على أساس أن ديونها ينبغى أن تعامل على أنها قرض سيادى، فقد اشترت موسكو السندات الأوكرانية بفائدة 5%، أى أقل من نصف العائد على السندات الأوكرانية فى ذلك الوقت.
واقترح بوتين خلال اجتماع مجموعة الـ20 فى أنقرة خلال نوفمبر الماضى دعوة أوكرانيا لتسوية ديونها عبر سدادها على 3 أقساط من عام 2016 إلى 2018، كل قسط مقداره مليار دولار، طالما ستوفر الحكومات الغربية أو البنوك ضمانات للسداد، ولكن تلاشى هذا الحل بعد رفض الولايات المتحدة تقديم الدعم المالى فى هذا الصدد.
وحتى إذا تم التوصل إلى حل دبلوماسى، يجب على حملة السندات الأخرى، مثل فرانكلين تمبلتون، أكبر مستثمر فى أوكرانيا، الموافقة على الحل.
كما يجب أن يحصل أى اتفاق على موافقة صندوق النقد الدولى، لاسيما وأن حزمة مساعداته تتوقف على توفير أوكرانيا 15.3 مليار دولار ضمن تكاليف خدمة سداد الديون على مدى أربع أعوام.
ماذا يعنى التخلف فى السداد لحاملى السندات الأوكرانية؟
بالنسبة للمستثمرين فى السندات الأوكرانية، لن يكون للامتناع عن سداد الديون لموسكو تأثير فورى قوى، فقبل إعادة الهيكلة، كان عدم سداد السندات الروسية ليتسبب فى تخلف عن سداد سندات أخرى، ولكن الآن، مع استبدال السندات القديمة بسندات جديدة، هذا السيناريو لم يعد وارداً.
هل يوجد أى خطر على تقديم حزمة الإنقاذ المالى من قبل صندوق النقد الدولى لأوكرانيا؟
ربما لن يوقف صندوق النقد منح أوكرانيا 17.5 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة على خلفية هذا الخلاف مع موسكو، كما خفف الصندوق من سياسات الاقتراض هذا الشهر بما يسمح له بالحفاظ على صرف المساعدات للدول التى عليها ديون متأخرة.