كانت الهند الاقتصاد الكبير الأسرع نمواً فى العالم، والأكثر ديناميكية داخل الأسواق الناشئة الكبرى.
وبينما سيكون من المعقول أن يتوقع المستثمرون، والناخبون الهنود، والسياسيون فى الحكومة، طفرة أخرى على مدار 2016، فإن صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، قالت إنه حتى الوقت الراهن لا يزال المزاج كئيبا فى مومباى ودلهى.
فمعظم المؤشرات الاقتصادية والتجارية تتناقض بشكل حاد، بعد تسجيل نمو الناتج المحلى الإجمالى الرسمى نحو 7.4% فى الربع الأخير من العام الماضى.
وأضافت الصحيفة أن أحجام الشحن عبر السكك الحديدية والبحر، فى الهند، تعانى من ركود، كما أن إنتاج الأسمنت ضعيف، ومشاريع النفقات الرأسمالية الجديدة فى انخفاض، فى الوقت الذى تراجعت فيه ثقة المستهلكين ورجال الأعمال.
ورغم ذلك، توجد دلائل على توفير وظائف جديدة وكبيرة لحوالى مليون هندى سيدخلون سوق العمل.
وقال راجيف مالك، كبير الاقتصاديين فى «سى إل إس إيه»، إنه لم يشاهد أبداً نمو الاقتصاد بمعدل 7 أو 8%، لكن ثمة تحرك نحو تحقيق ذلك.
وأضاف: «توجد حلقة مفقودة بين ما تقوله الأرقام الرسمية للناتج المحلى الإجمالى وما هو واقعى على الأرض».
وأكدت الصحيفة أنه سواء كانت البيانات حقيقية أو تصوراً، فالمشاكل الاقتصادية فى الهند تشّكل تحدياً سياسياً وإدارياً لرئيس الوزراء الهندى زعيم حزب بهاراتيا جاناتا «نارندرا مودي».
فقد وصل «مودى» إلى السلطة منتصف عام 2014، وأطلق سلسلة من برامج رفيعة المستوى لتحديث الهند، بما فى ذلك شعار «صنع فى الهند» من أجل دفع التصنيع، وخدمات التكنولوجيا الرقمية الفائقة، ومشاريع أخرى مثل المدن الذكية والصرف الصحى والاندماج المالى، وستركز الميزانية الشهر المقبل على الزراعة.
ولكن تسببت سيطرة المعارضة على البرلمان، فى منع مرور الإصلاحات الاقتصادية الحاسمة، بما فى ذلك ضريبة السلع والخدمات التى من شأنها تعزيز الناتج المحلى الإجمالى وتحويل الهند إلى سوق موحدة، إضافة إلى كبار رجال الأعمال من القطاع الخاص الذين ينتقدون عدم فعالية العديد من الوزراء فى حكومة «مودى».
وقال أحد المستثمرين الأجانب، الذى رفض نشر هويته، إن «مودى» لم يف بوعوده، مضيفا: «لقد بدأ رئيس الوزراء برنامجاً كبيراً من الجهود للشركات صاحبة العلامات التجارية وحسّن خطابه فى الخارج، لكن عندما يتعلق الأمر بالإصلاح الحقيقى، لم يفعل الكثير».
وسردت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، ما أسمته تفسيرات فنية جيدة لعدم التوافق بين نمو الناتج المحلى الإجمالى الرسمى السريع والتقدم البطىء على الأرض.
وجاء فى أول التفسيرات، أنه من خلال مراجعة مكتب الإحصاء المركزى فى الهند، وهو الوسيلة التى من خلالها تم حساب الناتج المحلى الإجمالى العام الماضى، يعتقد بعض الاقتصاديين أن البيانات الحالية تبالغ النمو الحقيقى بنسبة تتراوح من 1 إلى 2 نقطة مئوية.
وثانى التفسيرات، أن الانكماش المستخدم لحساب أحدث أرقام نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى عزز بشكل مصطنع بيانات النمو المسجلة.
وأشار المستشار الاقتصادى فى الحكومة الهندية السابقة «موهان جروسوامى»، إلى أن نمو الناتج المحلى الإجمالى الأسمى بنسبة 6% غير طبيعى، وهو أقل من النمو الحقيقى، ويمثل نصف الهدف الأسمى الذى حدده وزير المالية «أرون جيتلى».
وأكد أن معدلات الادخار انخفضت، وتم إغلاق العديد من محطات توليد الكهرباء لعدم وجود طلب على المشاريع، ولا تزال البنية التحتية عالقة فى مأزق البيروقراطية.
وأكد أن الحكومة هى التى تقود النفقات الرأسمالية، وقادرة فقط على إغلاق المشروعات.
وتصر حكومة «مودى»، على استثناءات سريعة بمساعدة انخفاض أسعار البترول المستورد الذى تعتمد عليه الهند من أجل تحقيق الاستقرار فى الاقتصاد المتعثر الذى ورثته عام 2014 وخفض العجز فى الميزانية.
وتراجع الاستثمار فى الهند، ويعود ذلك جزئياً إلى وزارة المالية وبنك الاحتياطى الهندى، إذ يجبران البنوك على تنظيف القروض السيئة للشركات الكبيرة.








