استقر الاقتصاد الروسى فى عام 2015 عند منطقة ملتهبة بعد تراجع أسعار البترول من ذروتها فى منتصف عام 2014 أكثر من 100 دولار للبرميل، فى الوقت الذى تعتمد فيه صادرات روسيا والإيرادات الحكومية اعتمادا كبيرا على البترول والغاز الذين تشهد أسعارهما انهيارا فى الوقت الراهن.
وقالت مجلة «الإيكونوميست»: إن الناتج المحلى الإجمالى الروسى انكمش بنحو 4%، وارتفع التضخم بنسبة 13%. بعد أن خسر الروبل، نصف قيمته مقابل الدولار فى النصف الثانى من عام 2014، وشهد مزيدا من الانخفاض فى 2015، حيث تراجع بنسبة 20% مقابل الدولار الامريكى.
وأضافت المجلة: فى الوقت الذى أعلن فيه فلاديمير بوتين، الرئيس الروسى، أن ذروة الأزمة قد انتهت. قضت الاضطرابات الأخيرة فى سوق البترول على أمل الشفاء العاجل.
وتوقع صندوق النقد الدولى أن ينكمش الناتج المحلى الإجمالى مرة أخرى العام الجارى بنسبة 1%. واعترف كبار المسؤولون بالواقع الجديد، المتمثل فى أن نموذج النمو القائم على الطاقة قد استنفد قوته.
وأشارت المجلة إلى أن روسيا، من غير المرجح أن ترى تكرار المشاكل الحادة، التى ألمت بها أواخر عام 2014. نظرا لتمتع الشركات هناك برؤوس أموال قوية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يتطلع فيه القطاع المصرفى للأفضل، بفضل مجموعة من التدابير من البنك المركزى لإعادة الرسملة، والسماح بمزيد من الصبر على الديون.
وتعاملت شركات البترول الكبرى مع ضعف العملة، ويتم تسعير نفقاتها التشغيلية بالروبل، لكن معظم إيراداتها تأتى بالدولار.
ووفقا لموديز، وكالة التصنيف الائتمانى نما إجمالى إنتاج البترول بنسبة 1.4% فى عام 2015 ليصل إلى مستويات قياسية. وارتفعت ربحية الشركات العملاقة مثل «روسنفت» و«لوك أويل» و«باشنيفت» أعلى مما كانت عليه فى عام 2014.
ومع ذلك فالتمويلات الحكومية هشة، حيث تفترض ميزانية 2016 متوسط سعر البترول عند 50 دولار للبرميل، ومن المقرر أن تنتج عجزا قدره 3% من الناتج المحلى الإجمالى.
ومن المتوقع ارتفاع عجز الموازنة بنحو 1% من الناتج المحلى الإجمالى لكل تراجع بقيمة 5 دولار فى سعر برميل البترول. الذى وصل فى الوقت الراهن إلى ما دون 30 دولارا للبرميل، وعلى افتراض عدم حدوث تغيير فى خطط الإنفاق أو سعر الصرف، فإن عجز الموازنة ربما يصل إلى 7% من الناتج المحلى الإجمالى.
وأصدّر بوتين، مرسوما يقضى بأن العجز يجب ألا يتجاوز 3%. وردا على ذلك، طالبت وزارة المالية بخفض 10% من إنفاقات الدفاع والإنفاق الاجتماعى المعفاة إلى حد كبير، وأشار مسؤولون أيضا إلى احتمالية خصخصة أصول الدولة. ورغم كل هذه الإجراءات فمن غير المرجح أن تسفر بما يكفى لسد العجز المتزايد.
وتوقعت المجلة أن يميل بوتين، لتكرار طباعة «الروبل»، ولكن هذا من شأنه أن يعزز التضخم ويسّرع الانخفاض فى قيمة الروبل، الأمر الذى يؤدى إلى ضعف القدرة الشرائية للشركات والأسر الروسية.
ومن ناحية أخرى فإن التخفيضات الكبيرة على الإنفاق الحكومى، ستضيف أيضا متاعب للاقتصاد غير النفطى.
وقال ناتاليا زوبارفيتش، لدى معهد السياسة الاجتماعية، مؤسسة فكرية، إن الروس يواجهون تدهور أساسى فى حياتهم، حيث انخفضت الأجور الحقيقية 9% فى عام 2015 مقارنة بنسبة 4% فى عام 2014.
وانخفض الناتج المحلى الإجمالى للفرد من ذروة ما بعد الاتحاد السوفياتى 15 ألف دولار فى عام 2013 إلى حوالى 8 الاف دولار العام الجارى.
ووصل معدّل البطالة إلى 6%، ووقع أكثر من 2 مليون من الشعب فى براثن الفقر العام الماضى، وارتفعت نسبة الأسر التى تفتقر إلى الأموال من أجل الطعام أو الملابس من 22% إلى 39%.
وانخفض الإنفاق الاستهلاكى، المحرك الرئيسى للاقتصاد الروسى، حيث تراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 13% على أساس سنوى فى نوفمبر الماضى.
وتراجع السفر إلى الخارج خلال موسم العطلات مؤخرا بنسبة 30% مقارنة مع العام الماضى.
وانزلقت تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، من ذروة فصلية بقيمة 40 مليار دولار فى أوائل 2013 حتى 3 مليارات فى الربع الثانى من العام الماضى.
ولا عجب فى تراجع الانتاج الصناعى بنسبة 5% على أساس سنوى فى النصف الأول من عام 2015؛ والإنتاج الزراعى فى حالة راكدة.
وتقول الإيكونوميست: إن المرحلة الأكثر إثارة للأزمات فى روسيا، ربما قد تكون انتهت بالفعل كما ادعى بوتين، ولكن بالنسبة للروس العاديين، فالمرحلة التالية لا تبدو أفضل كثيرا.








