«العزبى»: الدواء السلعة الوحيدة المسعرة «جبرياً» ولا تحظى بدعم الدولة
أزمة «النواقص» دخلت «مرحلة الخطر».. و366 مستحضراً اختفت نهائياً من الصيدليات
مشروع «الخامات الدوائية» قيد المناقشات بين المساهمين.. ولم نستقر على الشريك الأجنبى
«رستم»: %35 من الأدوية المتداولة فى الصيدليات تحقق خسائر
السوق جاذب للاستثمار الأجنبى و«طارد» للمحلى.. والزيادة السكانية أبرز عوامل الجذب
%16 نمواً متوقعاً فى مبيعات القطاع.. و%5 فى الوحدات المنتجة حال رفع الأسعار
«أرمانيوس»: السوق المصرى انخفضت جاذبيته للاستثمار لعدم وضوح الرؤية
نظام «البوكسات» رسخ لسياسة الاحتكار وإلغاؤه ضرورى لصالح الصناعة
120 قرشاً متوسط الإنفاق اليومى للمواطن على الدواء
لم تنتظر غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، وقتاً طويلاً بعد قرار البنك المركزى بخفض قيمة الجنيه أمام الدولار، لتقدم استغاثة عاجلة لوزارة الصحة ومجلس الوزراء، لتحريك أسعار الأدوية، التى تزيد تكلفتها على سعر بيعها للجمهور.
وتعد صناعة الأدوية إحدى أكثر الصناعات المتضررة من الزيادة الرسمية لسعر الدولار، خاصة أنها تعتمد على تدبير جميع احتياجاتها الدولارية من السوق الرسمى (البنوك)، كما أنها لا تملك رفع أسعار المستحضرات إلا بموجب قرار وزارى، لتقييدها بتسعيرة جبرية.
وتدرس غرفة الدواء تقديم مقترحات لوزارة الصحة، لحل أزمة التسعير، ومن المرجح أن تقترح الغرفة تقسيم الأدوية إلى شرائح أو فئات سعرية مثل (أقل من 10 جنيهات)، أو (أقل من 50 جنيهاً) حتى 100 جنيه، وتحديد نسبة زيادة لكل فئة، على أن تحصل الفئات الأقل على أعلى نسبة زيادة.
والتقت «البورصة» الدكتور أحمد العزبى، رئيس غرفة صناعة الدواء، والدكتور أسامة رستم، نائب رئيس الغرفة، والدكتور رياض أرمانيوس، عضو مجلس إدارة الغرفة، لمناقشة تأثير أرتفاع الدولار على المصانع الدوائية، ومقترحاتهم لتحريك الأسعار، ورؤيتهم لجاذبية السوق للاستثمار المحلى والأجنبى فى ظل الأزمات المتكررة التى يشهدها القطاع.
وجهت «البورصة» السؤال للدكتور «العزبى» حول تأثير أزمة ارتفاع سعر الدولار على قطاع الأدوية وخطة الغرفة للتعامل مع الازمة، وقال «العزبى»، إن منتجات الدواء هى الوحيدة المسعرة جبرياً، ولا تحظى بدعم من الدولة، أو تدخل منها لتحمل الفرق بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع للجمهور لحماية الشركات من الأثار السلبية لثبات الأسعار.
وأوضح العزبى: «سعر الدواء ثابت، والتكلفة تزيد على الشركات، والربحية تتناقص، وأصناف عديدة تحقق خسائر للشركات بما يفوق مقدرتها على الاستمرار فى إنتاجها مع ثبات السعر، وما نطلبه حالياً إعادة حساب التكلفة مع سعر الجمهور لكل المستحضرات».
وأضاف أن جميع المستحضرات الدوائية تحتاج إلى إعادة نظر فى أسعارها، لكن هناك بعض المستحضرات تستطيع الشركات أن تتحملها، وقال: «للأسف مع الزيادة المستمرة فى أسعار جميع تكاليف الإنتاج أصبحت معظم الأدوية تحقق خسائر تستوجب التحريك».
وتساءلت «البورصة» عن مدى قانونية التسعير الجبرى للدواء، وما إن كانت الغرفة ستتجه لمقاضاة الحكومة ممثلة فى وزارة الصحة لعدم التزامها بقانون التسعير الذى يستوجب إعادة النظر فى الأسعار حال زيادة سعر الصرف.
ورد «العزبى»: «نحن كقطاع دواء لا نستطيع مقاضاة الدولة أو لا نحب ذلك، لكن بنحاول من فترة طويلة لرفع الأسعار ومازلنا نحاول وسنظل نحاول، والشركات أصبحت لا يهمها اقتصادياتها بقدر مسألة توفير الدواء للمريض».
وقال إن القوانين المنظمة لتسعير الدواء، تلزم وزارة الصحة، بإعادة النظر فى أسعار المستحضرات الدوائية، حال تغير سعر صرف الدولار %15 فقط مقابل الجنيه، لكن ذلك لم يحدث رغم تغير سعر الصرف بنسبة %62 خلال السنوات الأربعة الماضية، ما أثر على توافر الدواء فى الصيدليات.
وأضاف: «وصلنا لمرحلة فى منتهى الخطورة فى توفير الدواء للمريض، عدد المنتجات غير المتوفرة تفوق طاقة المرضى»، ورصدت غرفة صناعة الدواء، فى حصر لها، اختفاء 1471 مستحضراً دوائياً، بينها 366 لا بدائل لها أو مثائل فى السوق المصرى.
وقال العزبى، إن تلك الأدوية المختفية تعالج جميع الأمراض، وتوقع استمرار نقص الأدوية بأعداد كبيرة كل فترة إن لما تتدخل الحكومة وتعيد النظر فى أسعار الأدوية المختفية بشكل عاجل.
وقاطعته «البورصة» متسائلة عن تفاوت الأرقام التى تعلنها الغرفة ونقابة الصيادلة وإدارة النواقص بوزارة الصحة، حول أعداد نواقص الأدوية، ورد العزبى أن إحصائية الغرفة حول النواقص تم حصرها من السوق (الصيدليات)، وهى الأقرب للواقع.
وتدخل أسامة رستم، نائب رئيس الغرفة فى الحديث، موضحاً أن هناك 14 ألف مستحضر مسجل بإدارة الصيدلة التابعة لوزارة الصحة، لكن المتداول الفعلى فى الصيدليات و«له حركة وقيمة مالية» حوالى 8500 صنف، بينها 4000 ألف صنف فقط تتوافر فى جميع الصيدليات الكبيرة والصغيرة ومتوسطة الحجم، وإن ثلث الأدوية المتداولة فعلياً تحقق خسائر للشركات.
وأضاف رستم، أن لغة الأرقام فى مصر فيها دائماً تضارب، وأن الغرفة اعتمدت فى الحصر على الصيدليات والسلاسل الكبرى، والأدوية غير المتوافرة فيها، موضحاً أن اختفاء الدواء من السلاسل الكبرى يعنى عدم توفره عند المنتج.
قال رياض أرمانيوس، عضو مجلس إدارة الغرفة، «إن التضارب بين أرقام الوزراة والغرفة حول النواقص، ناتج عن أن الوزارة لديها جهة تراقب النواقص، وأن تلك الجهة تعتمد فى حصرها على شكاوى المواطنين، لكن ما حصرته الغرفة دراسة من أرض الواقع».
وطرحت «البورصة» تساؤلات حول رؤية الغرفة لجاذبية السوق المصرى للاستثمار المحلى والأجنبى فى ظل ما تعانيه الصناعة من أزمات.
ورد «رستم»، أن السوق المحلى جاذب للشركات الأجنبية فقط، لأنها تستطيع أن تملى إرادتها على السوق، وتستطيع أن تغير من تركيبته، إضافة إلى قدرة تلك الشركات على الاستفادة من علاقتها الكبيرة بالدول الخارجية، لاستيراد منتجات مبتكرة وتسويقها محلياً، أو بيع المستحضرات المصنعة فى مصر بأسعار مرتفعة فى الأسواق المجاورة.
وقال رستم، إن الشركات الأجنبية لا تنشئ مصانع جديدة، لكنها تستحوذ على شركات مصرية قررت الخروج من السوق للحصول على مكاسب غير مضمونة مستقبلاً، وهروباً من المشاكل التى تحيط بالسوق.
وأضاف أن القطاع كان جاذب للاستثمار المحلى، وقتما ألغت وزارة الصحة «نظام البوكسات» أى «صندوق المثائل»، الذى يسمح بتسجيل 11 مستحضراً فقط لها نفس المادة الفعالة والأثر العلاجى، موضحاً ان إلغاء النظام دفع 50 شركة محلية لإنشاء مصانع قبل عام 2011، لكنها توقفوا عن استكمال مشروعاتهم بعد عودة «البوكسات».
وتابع: «الـ50 شركة أنشأوا مصانعهم واستوردوا خطوط الإنتاج، لكنهم فوجئوا بقرار وزارة الصحة برفض تسجيل مستحضراتهم فتوقفوا عن الإنتاج».
وتدخل «أرمانيوس» فى الحديث، موضحاً أن نظام «البوكسات يعد نوعاً معيناً من الاحتكار»، وأن صناعة الدواء ازدهرت وقت إلغاءه، متسائلاً: «لمصلحة من عودة نظام البوكسات.. أى احتكار يساهم فى زيادة الربحية ونحن كشركات كبيرة المفروض منعترضتش لكن الصح صح».
واستكمل «رستم»، أن نظام «البوكسات» غير معمول به فى أى دولة فى العالم، وتراجع وزارة الصحة عن قرار إلغاءها «يأتى لمصالح أشخاص»، واتفق مع «أرمانيوس»، قائلاً: «مش من مصلحة أى مصنع جاد أن يكون فيه بوكس.. زيادة التنافسية فى مصلحة الجميع.. لماذا نحد من التنافسية؟».
واختلف «أرمانيوس» مع «رستم» حول جاذبية السوق المصرى للاستثمار المصرى والأجنبى، وقال إن جاذبية السوق انخفضت مقارنة بالسنوات السابقة، وأوضح أن صناعة الدواء تمر بدورة طويلة منذ بدء بناء المصنع والحصول على التراخيص اللازمة وتسجيل المستحضرات وطرحها فى السوق، وأن تلك الدورة تتطلب وضوح الرؤية منذ البداية.
وأضاف «أرمانيوس»: «الرؤية أصبحت محدودة فى الوقت الحالى، ما يصّعب إمكانية إعداد دراسات جدوى للاستثمار الجديد»، مشيراً الى أن السوق يملك عدداً من مقومات النجاح مثل الخبرات المدربة، وتكنولوجيا التصنيع، وزيادة الاستهلاك، وإن تحسن مناخ الاستثمار وتوضيح الرؤية سيساهمان فى عودة جاذبية القطاع.
واتفق مع «رستم»، أن السوق جاذب للمستثمر الأجنبى أكثر من المحلى، الذى يواجه العديد من الصعوبات، وقال إن «المستثمر الأجنبى يستفيد من الضغط الواقع على المستثمر المحلى».
ويضم السوق المصرى 136 مصنعاً دوائياً، و151 مكتباً علمياً، و62 ألف صيدلية، وتبلغ مبيعاته السنوية 31.7 مليار جنيه، فى السوق الخاص، وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة «IMS» العالمية للمعلومات الصيدلانية، وترتفع تلك القيمة الى 40 مليار جنيه حال حساب التوريد للمناقصات.
وتساءلت «البورصة» عن رؤية الغرفة لثبات نمو السوق عند %13 سنويًا، وقدرة الشركات على تحقيق 40 مليار جنيه فى ظل الأزمات، ورد «أرمانيوس»، أن مبيعات الدواء غير كبيرة مقارنة بعدد السكان، موضحاً أن حاصل قسمة 40 مليار جنيه على 90 مليون مواطن، يشير الى إنفاق المواطن 120 قرش فقط يومياً على العلاج، وهو أقل معدل فى العالم.
وقال إن انخفاض الإنفاق على الدواء، دليل على أن متوسط الأسعار مناسب، مشيراً الى أن زيادة الإنفاق على الصحة وفقاً للدستور سيسهم فى تقديم خدمة صحية أفضل للمرضى، لكن لن يرفع نسب الإنفاق على الدواء.
وتوقع «أرمانيوس»، أن يسهم نظام التأمين الصحى الشامل حال تطبيقه، فى تقليل سعر الدواء، خاصة أن الشركات توفر الأدوية فى المناقصات بأسعار أقل من الموجهة للسوق الخاص (الصيدليات)، مضيفاً: «التأمين الصحى سيقلل متوسط ثمن الدواء وهيحقق المعادلة الصعبة، توفير الدواء للمريض غير القادر برعاية الدولة».
وتدخل «رستم» قائلاً: إن حجم مبيعات القطاع الدوائى مازال متواضعاً مقارنة بالدول المحيطة بمصر، وأن تطبيق التأمين الصحى الشامل سيسهم فى تخفيض جزء من السعر، لكنه سيساعد على زيادة حجم الاستهلاك بشكل كبير.
وقال إن السوق المصرى ينمو بالقيمة بنسبة تتراوح بين 12 و%13، لكن نموه يتراجع من حيث الوحدات المباعة إلى %3، وتوقع أن يرتفع النمو فى الوحدات إلى %12 بعد تطبيق التأمين الصحى الشامل.
وفسّر «رستم» تراجع نمو الوحدات إلى اختفاء الأدوية الرخيصة، ولجوء المريض الى البدائل مرتفعة الثمن، ما يؤدى الى زيادة القيمة النهائية للمبيعات، رغم انخفاض الكميات، وتوقع استمرار نسب النمو فى قيمة المبيعات وتراجع الوحدات، واختفاء عدد كبير من المستحضرات، حال عدم استجابة الحكومة لرفع الأسعار.
وتوقع رستم ارتفاع نمو السوق من حيث القيمة إلى %16، ونمو الوحدات المباعة الى 5% خلال العام الأول من موافقة الحكومة على رفع الأسعار.
وتساءلت «البورصة» عن اتجاهات غرفة الدواء لتعظيم التصدير للأسواق الخارجية، لتعويض خسائر السوق المحلى، وبادر رستم بالرد قائلاً: إن أغلب الدول الخارجية تطلب التعامل وفقاً لسعر بلد المنشأ، وهو سعر تداول المنتج فى السوق المحلى، والتى تطالب الشركات بتحريكه.
أضاف أن المجلس التصديرى للصناعات الدوائية، سبق له مخاطبة الحكومة لتخصيص ملفين للدواء، أحدهم للسوق المحلى، وآخر للتصدير بسعر مرتفع، موضحاً أن الأمر جيد حال دخول السوق لأول مرة، لكن: «لو ليك وضع فى السوق الخارجى واسم تجارى هيبقى كأنك بتضرب نفسك بالنار لأن الأمر سيتطلب بدء التسويق للمنتج والتعريف به وتسجيله».
وتطرقت «البورصة» للسؤال عن مشروع تصنيع الخامات الدوائية محلياً، التى تعتزم الشركة القابضة للصناعات الدوائية، تنفيذه بالتعاون مع 5 شركات محلية على أرض تابعة لشركة النصر للكيماويات الدوائية، إحدى شركات القابضة للدواء، وقال «العزبى»، إن المشروع قيد النقاش بين وزارة الصحة والشركات والشريك الأجنبى، وأنها لم تستقر على الشركة الأجنبية حتى الآن.







