«رفعت»: إنشاء قناة تربط البحرين الأحمر والميت صعب هندسياً
متوسط البضاعة المارة بقناة السويس 50 مليون طن شهرياً.. ومنطقة إيلات لا تملك سعات كافية
تزايد الاتجاه العالمى لإنشاء ممرات ملاحية بديلة عن المرور بقناة السويس، فى الوقت الذى تعكف الحكومة المصرية على تنمية محور القناة بجانب المشروعات، التى تنفذها بعد افتتاح القناة الجانبية الجديدة.
وحثت الحكومة الصينية مؤخراً شركات الملاحة على أن تسلك سفنها ممر القطب الشمالى؛ توفيراً للوقت حال مرورها بقناة السويس، مع تزايد نبرات الحديث حول إنشاء ممر ملاحى إسرائيلى للربط بين البحر الأحمر والمتوسط.
من جانبها، رصدت «البورصة» أبرز الممرات الملاحية التى تسعى لمنافسة قناة السويس.
وقال المهندس وائل قدور، عضو مجلس الإدارة بهيئة قناة السويس سابقاً، إن الممر الشمالى الشرقى Northern Sea Route عبر المياة الاقليمية لروسيا، يعد مفتوحا ومتاحا للتجارة وتمر السفن من خلاله.
وأضاف أن الممر الشمالى الشرقى ينقصه الكثير من العوامل ليتمكن من منافسة قناة السويس، منها الامكانيات المالية اللازمة لتأهيله، وبالإضافة إلى التغير المناخي، وعدم توفير البنية الأساسية فى هذه المنطقة، والتوقعات المستقبلية حول ذوبان الجليد، فضلاً عن الحاجة إلى إنشاء عدد من الموانى ومهمات للإنقاذ، ونظم تتبع السفن، وتقادم أسطول كاسحات الجليد الروسى الذى يعمل على تكسير الجليد.
وأشار قدور إلى مرور 71 رحلة تجارية فى الطريق الشمالى عام 2013، وانخفض العدد إلى 18 رحلة خلال العام الماضى ومنها 10 لسفن روسية و4 صينية، و4 من جنسيات مختلفة منها كوريا وبنما.
وأوضح أن أغلب أنواع التجارة التى تمر بمنطقة القطب الشمالى حالياً تتمثل فى البترول ومشتقاته والغاز المسال، ويستخدم هذا الطريق من شهر يوليو وحتى شهر نوفمبر، وباقى العام يُغطى بالجليد، فيما تعمل أجزاء منه طوال العام.
وقال قدور إن حجم التجارة الدولية المنقولة عبر القطب الشمالى بلغ نحو 40 ألف طن، بالإضافة إلى أن روسيا صدرت من خلال القطب الشمالى نحو 5 ملايين طن خامات من بترول وغاز مسال ومكثفات البترول خلال العام الماضى.
وتوقع قدرة ممر القطب الشمالى على منافسة قناة السويس عام 2049؛ نظراً لذوبان جزء كبير من الجليد، وسير السفن فى أعالى البحار بدلاً من المياه الاقليمية الروسية، وفى حالة التغلب على المشكلات التى تتوافر به.
وأوضح أن طريق قناة السويس يتساوى مع القطب الشمالى فى تايلاند، فتُفضل دول شرق تايلاند مثل كوريا، اليابان، الصين، أن تسلك الممر الشمالى، بينما تفضل الدول الغربية ومنها الهند طريق قناة السويس.
وأشار قدور إلى تميز قناة السويس، بأنها ممر ملاحى كامل مع استمرار الملاحة بها طوال العام، فيما تتوقف بالقطب الشمالى على الظروف الطبيعية للجليد، بينما تفرض شركات التأمين فى القطب الشمالى على السفن رسوم تأمين مرتفعة للغاية، بالإضافة إلى فئات كاسحات الجليد التى يتم دفعها نظير تكسير الثلج.
ولفت إلى توفر ربع مخزون البترول والغاز الذى يحتاجه العالم بالقطب الشمالى، متوقعاً أن تشهد الفترة المُقبلة اكتشافات لحقول جديدة فى تلك المنطقة.
وقال قدور، إنه من غير الممكن لإسرائيل أن تنشئ قناة ملاحية من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض، نظراً لأن تضاريس الارتفاعات والانخفاضات فى منطقة الجبال تتجاوز 390 مترا، لافتاً إلى أن فرق الارتفاعات فى قناة بنما يبلغ نحو 26 مترا.
وأضاف أن حجم التجارة بين إسرائيل وجنوب شرق آسيا والصين يبلغ نحو 22%، وميناء ايلات لا يستطيع استيعاب هذه التجارة، متوقعاً أن تزيد التجارة خلال السنوات المقبلة إلى 70%.
وأوضح قدور أن إسرائيل لكى تنقل بضائعها إلى البحر الأبيض أو أى مكان داخل إسرائيل خطط لإنشاء خط سكة حديدية لنقل البضائع والربط بين إيلات وأشدود، وذلك بخلاف مشروع إنشاء خط مياه بين خليج العقبة بالبحر الأحمر إلى البحر الميت بمشاركة الأردن، مشيراً إلى أن فرق الارتفاع فى البحر الميت يبلغ نحو 415 مترا وسيتم الاستفادة منه من خلال توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر.
من جانبه، قال محمد رفعت، رئيس مجلس إدارة مجموعة أسد البحرية، إن قناة السويس تمثل نحو 12% من تجارة العالم، وهناك أربعة مشروعات كبرى يتم انشاؤها خلال العشر سنوات المقبلة وهى خط السكة الحديد البرى الإسرائيلي، وخط شنغهاى- أوروبا ماراً بتركيا، وخط الفاو بالعراق- تركيا- أوروبا بمشاركة إيطالية، بالإضافة إلى توسعة وتعميق قناة بنما لكى تمر منها السفن العملاقة التى كانت تعبر من خلال قناة السويس.
وأوضح أن: «إنشاء قناة ملاحية تربط بين البحرين الميت والأحمر يعد أمرا صعبا هندسياً، بخلاف التأثير البيئى على البحر الميت، وبالتالى فإن فرص إنشاء هذه القناة ضئيلة جداً، ولكنه أمر وارد فى ظل التقدم العلمى، وتكلفة إنشاؤها ستكون مرتفعة».
وأشار إلى أن العائد الاقتصادى من إنشاء خط سكة حديد برى سيكون مرتفعاً، نظراً لأن تكلفة نقل الحاويات تعادل 4 أضعاف تكلفة الحاوية أو الشحنة التى تمر من خلال قناة السويس، متسائلاً: «من يتحمل فارق التكلفة وزيادة الوقت اللازم لإتمام عملية توصيل الشحنات؟».
وأفاد رفعت أن تكلفة نقل الصب السائل والجاف تعد مرتفعة أيضاً، خاصة أن متوسط البضاعة التى تعبر قناة السويس تقدر بنحو 50 مليون طن شهرياً، ومنطقة إيلات لا توجد بها سعات لاستيعاب هذه الكمية أو شحنها.
وأضاف: «السفينة التى تحمل 8 آلاف حاوية تحتاج نحو 150 قطاراً بزمن تقاطر 10 دقائق وبسرعة 60 كيلو متراً لكى تنقل سفينة واحدة متوسطة والعكس، مما يعنى أنه من المستحيل عملياً استخدام الطريق البرى لأغراض تجارية، لكن مثل هذا الطريق البرى يمكن أن يكون له سببان، الأول بالبضائع التى تخدم إسرائيل نفسها، أو لمساندة مواقع العمليات العسكرية، فيمكن أن ينقل أشياء من موقع لآخر عن طريق القطار».
وقال رفعت إن خط السكة الحديد شنغهاى – مدريد يعد خط سكة حديد بريا يستخدم فيه القطار السريع وتشارك فى تنفيذه ألمانيا، على أن يكون خط سيره من شنغهاى فى الصين، كازاخستان، روسيا، تركيا، أوروبا، ومن المنتظر الانتهاء منه خلال الأعوام المقبلة، لافتاً إلى أن الخط من الممكن أن يؤثر على قناة السويس؛ نظراً لأنه سيأخذ جزءا من حصة البضاعة القادمة من جنوب شرق آسيا والتى تعبر قناة السويس إلى جنوب أوروبا وشمال أفريقيا والساحل الشرقى لأمريكا، وانفق عليه ما يقرب من 10 مليارات دولار، وتعد تكلفة النقل به مرتفعة أكثر من قناة السويس.
وأضاف أن الخط سيعمل على اختصار الوقت المستغرق فى الدوران من المحيط الهادى ومنه رأس الرجاء الصالح والبحرالأحمر، حيث تقطع السفينة آلاف الأميال، وباستخدام الخط المذكور ستدخل مباشرة إلى أوروبا.
وأوضح أن توسعات قناة بنما التى بلغت نحو 6.3 مليار دولار، من المتوقع أن تعمل على استقبال القناة لسفن تحمل 10 آلاف حاوية بدلاً من 5 آلاف حاوية.
وأضاف رفعت أن قناة بنما لن تستطيع منافسة قناة السويس، نظراً لأن القناة المصرية يعبر خلالها 17 ألف حاوية بعمق 66 ألف قدم، ولكن خطورة قناة بنما تكمن فى أنها عملت حراكاً فى جميع الموانئ المجاورة لها ونتيجة للتوسعات بها بدأت الموانئ الموجودة بالساحل الشرقى لأمريكا فى عمليات توسعة وتعميق، حتى تسمح لها باستقبال السفن العملاقة القادمة من قناة بنما، لافتاً إلى أن البضاعة التى كانت ستعبر قناة السويس من جنوب شرق آسيا بدأ تنفيذ مخططات لتقليلها لكى تقوم بتغيير رحلتها لتتجه إلى قناة بنما مباشرة ومنها إلى موانئ شرق أمريكا ومنها إلى أوروبا، بعد أن كانت تعبر من قناة السويس إلى البحر المتوسط.
وأوضح أن ميناء الفاو بالعراق والذى تم وضع حجر الأساس له عام 2010 من قبل وزير النقل العراقى ويقع فى منطقة رأس البيشة فى شبه جزيرة الفاو جنوب محافظة البصرة على الخليج العربي، تعد من أكبر الموانئ فى منطقة الخليج ومن أكبر الموانئ العالمية، وسيعمل على تغيير خارطة النقل البحرى العالمية؛ نظراً لنقل البضائع من اليابان والصين وجنوب شرق آسيا إلى أوروبا عبر العراق وتركيا ومنه إلى أوروبا وبالعكس (ترانزيت) بديلاً عن قناة السويس، وتقدر طاقة الميناء الاستيعابية للميناء نحو 99 مليون طن سنوياً.
وقال رفعت إن الممر البحرى الشمالى أو الجسر القطبى Arctic Bridge هو طريق ملاحى صيفى يعمل لمدة 4 شهور فى العام بين المحيط الأطلسى والمحيط الهادي، بحذا الساحل القطبى الروسى من مورمانسك على بحر بارنتس، بمحاذاة سيبريا إلى مضيق برنك والشرق الأقصى، لافتاً إلى أن الممر بأكمله يقع فى المياة القطبية ونتيجة لذوبان الجليد فى المحيط المتجمد الشمالى بسبب الاحتباس الحرارى العالمى بدأ استخدامه كممر ملاحى بين الشرق والغرب والطريق ينافس قناة السويس طيلة أشهر الصيف فقط.
واقترح أن تتجه القيادة السياسية فى مصر إلى إنشاء صناعات بحرية متكاملة والتوسع فيها من خلال إقامة ترسانات عملاقة بما تحتويه هذه الصناعة من الصناعات المغذية والوسيطة، خاصة أن هناك دولا لا يوجد لديها ممرات ملاحية ولكنها تحتل المراكز الأولى عالمياً فى الصناعات البحرية مثل كوريا ورتردام وسنغافوره ودبي.
وقال القبطان نادر مطر، إن: «حديث إسرائيل عن إنشاء قناة ملاحية يعد وسيلة للضغط أكثر منها تحويلها لواقع فعلي؛ فهى تحتاج إلى مليارات الدولارات، بالإضافة إلى أن طبيعة التضاريس فى المنطقة لا تؤهلها لذلك، فضلاً عن أن إنشاء قناة ملاحية لها مواصفات خاصة ومنها وضع أجهزة ومساعدات ملاحية بالإضافة إلى المحطات الأرضية لكى تكون آمنة لمرور السفن، وطالما لديها العزم على إنشائها لماذا لم تنشئها منذ عشرات السنين؟».
ولفت إلى تناسب رسوم عبور السفن بقناة السويس مع الخدمات والمساعدات التى تقدمها الهيئة، كما تعمل قنوات ملاحية على تخفيض أسعار الرسوم فى حالة انخفاض سعر البترول.
وأضاف أن قناة بنما تعد من الممرات الملاحية المنافسة لقناة السويس، وأثرت التوسعات التى تم إجراؤها بها على قناة السويس.








