عماد الشلقانى رئيس مكتب «الاستشارات القانونية» لـ «البورصة»:
المحكمون الدوليون المعينون من الحكومة المصرية يميلون للأجانب وسبب خسارة بعض القضايا
الدولة تتحمل تكاليف مضاعفة بالاستعانة بمكاتب عالمية رغم قيام المكاتب المحلية بأعمالها بالوكالة
غياب الاستفسارات فى الأشهر الثلاثة الأخيرة مؤشر خطير على مستقبل الاستثمار الأجنبى المباشر
قانون العمل الحالى يمثل عبئًا على جذب استثمارات أجنبية
يرى مكتب «الشلقانى» للاستشارات القانونية ان الخطط الحكومية لطرح شركات فى البورصة لن يحولها الى تحقيق الارباح بسبب الاوضاع الادارية بالشركة والتى تستلزم تغييراً فى سياسة إدارة الشركات الحكومية بما يجعلها منافسة للشركات الخاصة ومواكبة للتطور فى الصناعة والتجارة على مستوى السوقين المحلى والعالمى.
قال عماد الشلقانى رئيس مكتب «الشلقانى» للاستشارات القانونية، إن مشكلات الدولة باتت أكثر تعقيداً وظهرت فى حالة الهدوء الاستثمارى الكبير خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، خاصةً أن العديد من الاستفسارات للمستثمرين الأجانب انتهت دون التوصل الى نتائج.
ورصد الشلقانى أهم التحديات التى تمثل عبئا على مناخ الاستثمار المحلى ويجب التخلص منها، وهى «قانون العمل» و«سعر الصرف» و«غياب تطبيق قوانين الاحتكار والمنافسة»، وتدخل الدولة فى العملية الإنتاجية بما يمثل عائقاً أمام دخول استثمارات، والذى يمثل عبئا على موازنة الدولة المثقلة برواتب عمال لا يعملون ويحكمهم «عرف الشفعة» أكثر من قانون العمل.
اشار إلى أن هذه الملفات ليست جديدة وانه طال الحديث عنها كثيراً دون أى جدوى لحلها من قبل الحكومة، لذا ستواصل تلك المشاكل الضغط على مناخ الاستثمار فى مصر ومن ثم مخزون النقد الأجنبى والذى يؤثر نقصه سلباً على جميع القطاعات ومن ثم الاداء الاقتصادى للبلاد.
ويرى أن أحد أهم المشكلات التى تواجه المستثمرين والموازنة العامة للدولة نفسها هى إصرار الحكومة على الدخول فى العملية الإنتاجية، عبر إعادة هيكلة الشركات والتى تتكلف الكثير من الأموال على أن تعود الدولة مرة أخرى لإدارة هذه الكيانات الاقتصادية، مشيراً إلى استهداف الحكومة طرح عدد من الشركات بالبورصة لإعادة هيكلتها عبر زيادة رأس المال.
تابع أن المشكلة ليست فى إعادة هيكلة الشركات العامة أكثر منها فى سياسات الإدارة، قائلاً «لا يبكى على المال إلا صاحبه» وستعود قريباً أم بعيداً هذه الشركات للخسارة من جديد ما لم تبع الدولة حصتها فيها والاحتفاظ بجزء لا يزيد على 10 إلى 15% وترك الإدارة للقطاع الخاص بما يحقق نفعاً اقتصادياً، فضلاً عن خلق بيئة عمل تسمح للمستثمرين بالمنافسة الحرة دون وجود كيانات تشوه البيئة الاستثمارية، وهو الأمر الذى سيعود على الموازنة العامة للدولة بالنفع فى النهاية من تخفيض تكلفة الأجور التى تتحمها وتمثل ربع الموازنة.
وأكد أن دور الدولة يجب أن يتوقف على الدور التنظيمى والتنفيذى للقوانين بوضع إطار لقانون العمل لا يتدخل فى علاقة صاحب العمل بالعاملين ولكنه يتوقف عند تحديد حقوق العمال وصاحب العمل وعدد ساعات العمل والامتيازات والبدلات للعمال وكيفية إدارة النزاع بينهما.
أشار إلى أن قانون العمل الحالى يمثل عبئا على جذب استثمارات أجنبية خاصةً فى ظل الحماية الكبيرة للعمال دون وجود آلية عادلة للمحاسبة بين العامل وصاحب العمل، مؤكداً ضرورة أن يكون ما يحمى العامل هو عمله وليس القانون.
أضاف أنه رغم تقدم قوانين العمل فى الدول العربية بصورة كبيرة، إلا أن مشكلات التطبيق دائماً ما تربط العرب بعضهم ببعض، مشيراً إلى أنه محامى 7 من المواطنين المصريين ضد دولة قطر بسبب تسريحهم دون تطبيق القانون، حيث يقر القانون دفع مكافأة ترك خدمة تعادل شهر عن كل سنة خدمة محسوباً على آخر أجر، وهو ما لم يتم العمل به مع عدد كبير من المصريين الذين تم ترحيلهم مؤخراً باحتساب المكافأة على أول أجر تقاضوه.
يذكر أن وزيرة الاستثمار داليا خورشيد تسعى خلال الفترة الأخيرة مع عدد من الجهات والوزارات والهيئات لوضع خطة لتحسين ترتيب مصر فى مؤشر جودة الأعمال Doing Business.
وباعتبار «الشلقانى» عضوا محكما مقبولا فى العديد من مراكز التحكيم الدولية، من بينها «مركز القاهرة الإقليمى» و«غرفة التجارة الدولية بباريس» و«محكمة تحكيم لندن»، انتقد طريقة اختيار الحكومة لمقدمى الخدمات الاستشارية من خارجها، والتى يأتى على رأسها تعيين مكاتب محاماة دولية لاعتبارات التشكك فى قدرات المكاتب المحلية فى القيام بالدور، الأمر الذى يقابله تحملها تكاليف وأعباء مضاعفة، رغم استعانة المكاتب الدولية بنظرائها المحليين للقيام بالعمل المطلوب مقابل أتعاب لا تتعدى النصف.
وأكد الشلقانى أن العديد من المكاتب المصرية لديها خبرات متنوعة فى تقديم خدمات استشارية فى مجالات قانونية تخص الهندسة ومشروعات الطاقة والبترول وغيرها، ولديها أيضاً الفهم الجيد للقوانين المصرية وما يتوافق معها، كما أن خبرة العديد منها فى مجال التحكيم الدولى جيدة للغاية ويمكن للدولة الاستعانة بها، خاصةً أن الدافع الوطنى لهذه المكاتب سيظهر حلولاً وسيطة تدفع بالعلاقات بين مصر والمستثمرين العالميين للخروج win-win situation.
وأوضح الشلقانى أن الانطباع والحكم المسبق على العرب يدفع المحكمين المعينين من الحكومة المصرية لاتخاذ موقف مضاد لها ولصالح المستثمر الأجنبى حتى وإن كان الجانب المصرى هو من يدفع له المقابل.
وأكد أن مثل تلك الحالات كانت موجودة فى العديد من القضايا والتى كان يمكن للجانب المصرى الفوز بها، وهو ما يحمل الموازنة العامة المصرية أعباء تكاليف إضافية وقضايا خاسرة بسبب عدم وجود قناعة المحكم بأحقية الدولة المصرية.
ويرى الشلقانى أن هناك العديد أيضاً من المحكمين العرب والمصريين فى معظم المجالات، إلا أن الاستعانة بهم لم تظهر ولو مرة واحدة فى حين يلجأ بعض المستثمرين الأجانب لمكاتب محاماة مصرية للدفاع عنهم أمام الحكومة المصرية فى مراكز التحكيم الدولية والاقليمية.
وانتقل الشلقانى إلى وجود عدد كبير جداً من الإعلانات الهزلية والتى تصل لمرحلة النصب بإعطاء شهادات أو كارنيهات بمهنة مستشار تحكيم دولى وانتشاراها بصورة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعى فى ظاهرة تدعو للدراسة.
موضحاً أن خطوات الوصول لمحكم دولى مقبول تحتاج وقت طويل تبدأ بدراسة قانونية يتم صقلها بالعمل القانونى لفترة طويلة كمحام فى مراكز التحكيم الإقليمية والدولية لفترة من الزمن ولعدد معين من القضايا، ثم التقدم بطلب لمراكز التحكيم المؤسسى كمحكم مقبول والذى يتم دراسته بناءً على الخبرات والمؤهلات المقدمة، ولا يعنى قبولك أنك معين فى أحد هذه المراكز التحكيمية وتتقاضى أجراً شهرياً ولكن يتم الاستعانة بك كمحكم من جانب أطراف النزاع أو أن يرشحك مركز التحكيم حال عدم قدرة أحد الأطراف التوصل لمحكم من جانبه.