الدول المتقدمة تتنافس للتخلص من عيوب المحطات الضخمة
روسيا تستعد لتشغيل وحدتين لخدمة كاسحات الثلوج
مع تنامى ظاهرة التأخير فى مشاريع الطاقة النووية الجديدة الكبيرة فى جميع أنحاء العالم، هناك مزيد من الاهتمام يتحول إلى البدائل الصغيرة، التى يأمل خبراء الصناعة فى أنها قد تساعد على توفير الجيل القادم من الكهرباء.
فقد ظهر ما يسمى «وحدات المفاعلات الصغيرة»، وهى محطات الطاقة النووية المصغرة بسعة أقل من 300 ميجاوات، يمكن أن توفر بديلاً للمفاعلات الضخمة مثل المفاعلين الهائلين بطاقة 1.6 جيجاوات المخطط لهما فى هينكلى بوينت فى سومرست فى المملكة المتحدة.
ويعد المشروع البريطانى واحداً من المشاريع النووية العملاقة المؤجلة أو المهجورة، وهو ما دفع صناع القرار فى جميع أنحاء العالم للبحث عن خيارات أرخص وأقل مخاطرة لتلبية الطلب على الكهرباء وفق تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية.
تم تصميم الوحدات الصغيرة كنموذج مصغر جداً للمفاعلات الكبرى ويتم تصنيعها فى المصانع، ومن ثم نقلها بواسطة القطارات والشاحنات أو البارجات إلى الموقع الذى يحتاج الى توليد الكهرباء.
ويعتقد المطورون، أنه إذا تم بناء عدد كاف فى المصنع نفسه المخصص لذلك ستكون الجدوى الاقتصادية للمصنع أعلى، ويقدم وحدات بتكلفة أقل مما يجعل تصنيعها أقل تكلفة بكثير مقارنة بالمفاعلات الكبرى.
وتستخدم المفاعلات الصغيرة بالفعل على الغواصات النووية وفى بعض الدول النامية مثل الهند وباكستان.
ولكن فى الآونة الأخيرة فقط بدأ القطاع والسياسيون أيضاً فى أخذ الفكرة على محمل الجد، بحيث تكون منتشرة اقتصادياً على نطاق واسع.
وتقول أنوراج جوبتا، المدير النووى فى كى بى إم جى فى المملكة المتحدة، إن الوحدات النووية الصغرى تمتلك جميع ميزات الطاقة النووية، فهى تولد كهرباء منخفضة التكلفة وطاقة نظيفة، ولكن من دون تكلفة إنشاء ضخمة أو جدول زمنى طويل لإنجاز المنشآت كما يحدث فى المشاريع النووية الكبيرة التقليدية.
ومنذ اختراع الطاقة النووية ينظر عموماً إلى أن الأكبر يكون الأفضل لكن تظهر مشكلات تحيط بالعديد من تلك المحطات مصدرها الأساسى حجمها الضخم، فخطط شركة الطاقة الفرنسية اى دى اف لبناء مفاعلات جديدة فى فرنسا وفنلندا مثلاً تخطت تكلفتها المتوقعة بمليارات اليورو، وهو ما أرجعه الخبراء إلى متطلبات التأمين لمثل هذه الهياكل الكبيرة.
وقال تابانى فيرولاينين، وهو عضو بهيئة الرقابة على المشروعات النووية فى فنلندا، إن الأمر استغرق مزيداً من الوقت لبناء هذه المفاعلات؛ لأنها تحتاج لإنشاء هياكل حماية أكثر ضخامة ضد تحطم الطائرات إذا ارتطمت بها والعديد من أنظمة السلامة الأخري.
وتواجه المشاريع الكبيرة من هذا النوع صعوبة فى الحصول على تمويل أحياناً؛ بسبب التأخير كما حدث مع مفاعل هينكلى بوينت وكذلك لضخامة الميزانية كما حدث مع الشركة الفرنسية التى تحتاج 18 مليار جنيه إسترلينى لتنفيذ المشروع.
فى الوقت الحالى يركز أنصار الصناعة النووية على نطاق صغير على إثبات كفاءة التكنولوجيا الجديدة فى العمل بتكاليف منخفضة بما يكفى لجعلها قادرة على المنافسة.
وتنشط فى هذا الاتجاه البلدان المتقدمة اصلاً والتى لديها مفاعلات ضخمة بالفعل.
وتعمل روسيا حالياً على تصيع مفاعلين صغيرين لتشغيل كاسحات الثلج فى المناطق النائية مثل سيبيريا، وسوف يتم وضعها على مراكب للتنقل إلى المواقع التى تكون هناك حاجة إليها.
وتسعى الولايات المتحدة وبريطانيا على حدٍ سواء الى محاولة اللحاق بها حيث أخذت المملكة المتحدة مؤخراً فكرة من واشنطن بالإعلان عن مسابقة لإيجاد أفضل تصميم للوحدات النووية المصغرة مع عرض بتمويل الأبحاث بنحو 250 مليون جنيه إسترليني.
وظهرت بالفعل تصميمات للمفاعلات الصغيرة يمكن تجنب مخاطر نظيرتها الكبرى لأنها تسهل دفن القطع النووية منتهية الاستخدام تحت الارض وذلك بسهولة شديدة لأن حجمها أقل بكثير، وبالتالى تقليل الحاجة إلى احتياطات دفاعية مكلفة.