قالت وكالة أنباء «بلومبرج»: إن المملكة العربية السعودية يمكنها الشروع فى مرحلة جديدة من جهودها الرامية إلى ردع أسوأ أزمة سيولة بين مصارفها.
ونقلت الوكالة وفقا لأشخاص مطلعين على المسألة، أن البنك المركزى والمعروف باسم «مؤسسة النقد العربى السعودى»، أصدر قروضا ميسرة للبنوك المحلية بنحو 15 مليار ريال (ما يُعادل 4 مليارات دولار) نهاية يونيو الماضى للتخفيف من أزمة السيولة التى زادت حدتها بشكل واضح فى الآونة الأخيرة.
وجاءت هذه الخطوة فى أقل من 6 أشهر، بعد أن أتاحت مؤسسة النقد العربى السعودى للبنوك الإقراض بنسبة أكبر من الودائع.
وتتخذ المملكة العربية السعودية خطوات غير مسبوقة لدعم مواردها المالية بعد انهيار أسعار البترول الخام الذى أعاق البنوك المحلية التى تملك أصولا بقيمة 22،26 تريليون ريال فى هذا البلد الذى يحصل على أكثر من 70% من عائداته من البترول.
وأشارت الوكالة إلى أن مؤسسة النقد العربى السعودى تسعى لتحفيز الاقتراض وتعزيز القطاع المالى.
وزاد الضغط على السيولة منذ أن سحبت الحكومة بعض ودائعها، وباعت الدين بالعملة المحلية للبنوك لتمويل العجز فى الموازنة.
وقال مدير البحوث الاقتصادية لدى مركز الخليج للأبحاث فى الرياض، جون سفاكى ناكياس، للوكالة عبر الهاتف، أن تحركات مؤسسة النقد العربى السعودى إشارة مهمة للغاية فى السوق، الذى يقوم البنك المركزى بإعداده للقيام بكل ما هو ضرورى لتحسين السيولة.
وأضاف أن الأدوات المتاحة على الجانب النقدي، على وشك أن تنتشر.. وبمرور الوقت يمكن أن يكون لها تأثير لدعم النمو فى الاقتصاد الكلى.
وأوضح أن الخطوة من جانب السعودية لم تكن للمرة الأولى، إذ ضخت المملكة الأموال من قبل فى نظامها المصرفى أثناء تراجع أسعار البترول فى التسعينيات.
وقال ثلاثة مصرفيين على اطلاع بالملف، إن معظم البنوك السعودية استفادت من العرض الذى قدمته مؤسسة النقد العربى السعودى.
وقال عبد المحسن الفارس، الرئيس التنفيذى لبنك «الإنماء» لقناة العربية الشهر الماضى: إن البنك تلقى ودائع من مؤسسة النقد العربى السعودى بأكثر من مليار ريال.
وأكد الرئيس التنفيذى لبنك «البلاد» أن المصرف حصل أيضا على الأموال، فى الوقت الذى قال فيه الرئيس التنفيذى للبنك السعودى للاستثمار، إن مصرفه لم يتلقى نقدية فى الربع الثاني.
وكشفت بيانات البنك المركزى ارتفاع إجمالى قروض البنوك السعودية إلى الودائع وهو مقياس رئيسى للسيولة إلى 90.2% فى يونيو، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر عام 2008.
وسمحت مؤسسة النقد العربى السعودي، فى فبراير الماضى للبنوك بإقراض ما يعادل 90% من ودائعها ارتفاعا من 85%.
وزاد سعر الفائدة بين البنوك السعودية لمدة ثلاثة أشهر بأقل من نقطة أساس إلى 2.24%، وهو أعلى مستوى منذ 2009.
وقالت أنيتا ياداف، رئيس قسم أبحاث الدخل الثابت فى بنك الإمارات دبى الوطنى، إن الزيادة فى أسعار الفائدة قد تشل نمو الناتج المحلى الإجمالى، إذ يصبح الاقتراض أكثر صعوبة وكلفة للقطاع الخاص.
وأضافت أن خطوة مؤسسة النقد العربى السعودي، لتخفيف أزمة السيولة فى القطاع المصرفى موضع ترحيب للغاية.
وتوقعت كبيرة الاقتصاديين فى بنك أبوظبى التجارى، مونيكا مالك، أن تتخذ السعودية فى المستقبل القريب تدابير أخرى لتحقيق الاستقرار فى سوق المصارف السعودية، مرجحة أن ترفع السلطات المالية من نسبة سقف القروض والودائع فى البنوك.
وكان صندوق النقد الدولى قد توقع أن يشهد عام 2016 انخفاضا آخر فى صافى الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربى السعودي، ولكنه لفت إلى أن وتيرة الانخفاض ستتباطأ على المدى المتوسط.
ونشأت أزمة السيولة فى النظام المصرفى السعودى جزئيا بسبب الإجراءات، التى اتخذتها السلطات على خلفية انخفاض أسعار البترول بشكل حاد خلال السنوات الأخيرة إضافة إلى تراجع عائدات النقد الأجنبى بشكل كبير وعدم رغبة السعوديين فى فك ارتباط العملة المحلية (الريال) بالدولار الأمريكى.