ارتفاع تكاليف الإنتاج وأزمة الدولار و«القيمة المضافة» أبرز التحديات
تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة الـSME”s، عنصر الرهان الرابح فى زيادة الصادرات المصرية، شريطة وضع برنامج قوى خاص بها.
وتؤكد التجارب الدولية قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة، علاج الخلل بين عمليات الادخار والاستثمار نظراً لانخفاض حجم رأس المال اللازم لإقامتها مقارنة بالشركات الكبيرة.
كما تُعالج الخلل فى ميزان المدفوعات بدرجات متفاوتة من خلال تصنيع سلع محلية بدلاً من الاستيراد، وتصدير السلع الصناعية المُنتجة من قِبَلها، مما يرفع إجمالى الناتج القومى.
لكن دور هذه المنشآت فى مصر غير مكتمل بعد، إذ تعانى من ضعف قدرتها على التسويق خارجياً، فى ظل عدم وجود خطط تصديرية متكاملة تقرها الدولة وتفعلها على أرض الواقع.
وتعانى الشركات الصغيرة والمتوسطة فى قطاع الصناعات الغذائية، كمثيلتها فى الصناعات الأخرى داخلياً، من عدة تحديات، على رأسها عدم وجود برنامج قوى لزيادة إنتاجيتها سنوياً، وارتفاع تكلفة الإنتاج لتعدد أزمات الاقتصاد، خصوصاً أزمة العملة الصعبة، مما أفقد بعضها أسواقاً خارجية، وتسبب فى توقف نشاط شركات أخرى.
وتلعب المشروعات الصغيرة دوراً إيجابياً فى خلق فرص عمل جديدة، لتكون فاعلاً فى خفض معدلات البطالة، وتسهم فى تحسين مستوى الدخل لتحد من الفقر، فضلاً عن أنها فرصة للاستثمار الآمن، لكنها رغم ذلك لا تلقى الاهتمام الكامل الذى يؤهلها لسوق العمل داخلياً وخارجياً.
ويرى العاملون فى هذه المنشآت أن أبرز الأزمات التى تواجهها، تتمثل فى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وأزمة الدولار، وأعباء قانون القيمة المضافة، واستغلال مستوردى المواد الخام، وضعف اهتمامات مسئولى مكاتب التمثيل التجارية بالخارج، وتأخر الحصول على منحة «رد الأعباء».
قال محمد لبيب، المدير العام لشركة البدر للاستثمار «فروزينا»، إن ارتفاع تكلفة الإنتاج الفترة الماضية، كان سبباً فى تراجع إنتاجية الشركات، وبالتالى عدم قدرتها على المنافسة فى الأسواق الخارجية، لتتقلص الدول المستقبلة لمنتجاتها إلى دولة واحدة فقط بدلاً من 4 دول قبل عامين.
أوضح لبيب، أن خطة الحكومة لرفع الدعم عن المحروقات تدريجياً، والتى بدأت منذ عامين كانت سبباً فى زيادة تكلفة الإنتاج بنسبة 20%، وبالتالى عدم القدرة على المنافسة خارجياً وزيادة الركود محلياً لينخفض الإنتاج.
أضاف أن ارتفاع أسعار الطاقة باستمرار، كان كفيلاً بوضع الشركات فى مأزق نتيجة ارتفاع تكاليف الكهرباء والمياه بصورة عشوائية، لتصل فاتورة الشركة خلال شهر أغسطس الماضى إلى 500 ألف جنيه، مقابل 170 ألف جنيه قبل عامين.
وقال علاء بدوى، رئيس شركة أوليف مول للصناعات الغذائية، إن الحكومة كان عليها أن توفر حوافز بديلة للصناعات الصغيرة والمتوسطة لزيادة إنتاجيتها، وبالتالى انخفاض التكلفة التى ارتفعت تحت ضغط خفض الدعم على المحروقات.
وأضاف أن الوضع ازداد سوءاً مع تفاقم أزمة الدولار بين السوقين الرسمى والموازى منذ بداية العام الحالى، فى حين أن أغلب المواد الخام اللازمة للصناعات الغذائية مستوردة.
وأوضح أن أغلب الشركات تجلب مستلزمات الإنتاج عن طريق مستوردين محليين، رفعوا أسعار وارداتهم أضعافاً مضاعفة بحجة أزمة الدولار، وبالتالى ينعكس سوء الوضع على عملية الإنتاج.
وقالت بهية العمروسى، رئيس شركة رويال سويت للصناعات الغذائية، إن إنتاج الشركة تراجع بنسبة تجاوزت 60% خلال العام الحالى ليصل إلى 60 طناً فقط من الشيكولاتة سنوياً مقابل نحو 140 طناً قبل ذلك، فى حين أن أسعار البيع ثابتة، وهو ما أفقدها الأسواق الخارجية.
أوضحت العمروسى أن قانون القيمة المضافة الذى أقرته الحكومة مؤخراً كان عاملاً فى زيادة تكلفة الإنتاج بعد رفع الضرائب من 10% فى قانون ضريبة المبيعات الملغى إلى 13% فى القانون الجديد.
أضافت أن عدم صدور اللائحة التنفيذية للقانون حتى الآن، أضر بالسوق، وتسبب فى زيادة أسعار المواد الخام نتيجة عشوائية التعامل بين المنتجين والمستوردين، وبالتالى زيادة جديدة فى تكلفة الإنتاج.
وقال سيد شعلان، رئيس الشركة الهولندية للتعبئة والتغليف والصناعات الغذائية، إن الشركات الصغيرة المُصدرة تواجه أزمات عدة فى المنافذ الجمركية المصرية، لتواجه عقبة فى استخراج أوراق الإفراج عن الشحنات التصديرية، مما ينتج عنه تأخر وصولها للعملاء.
أوضح شعلان أن تأخر وصول الشحنات يكبد الشركة غرامات مالية وتكاليف إضافية، وفقدان العملاء، وفقدان السوق بالكامل بمرور الوقت.
وأضاف أن المنافذ الجمركية تضع شروطاً فى بعض الأحيان مجحفة، ولا تتوافق مع متطلبات العملاء المتعاقد معها خارجياً، رغم أنها لا تمثل عقبة فى حد ذاتها، مطالباً بالاهتمام بتغيير قوانين الصادرات للحفاظ عليها من التراجع، بعد الوضع المتردى الذى تعانيه حالياً، خصوصا أنها تعد أهم مصادر الدخل بالعملة الأجنبية بعد تردى الأوضاع السياحية منذ نهاية أكتوبر 2015.
ويعد دور مكاتب التمثيل التجارية المصرية فى الخارج، من أهم أدوار تنمية الصادرات، بتواصلها الدائم بين المنتجين المحليين والعملاء فى الخارج، للتعريف بالمنتجات، لكنها تواجه مشكلة فى عدم الاهتمام بها من قبل السفارات المصرية.
أوضح شعلان، أن السفارات لا تحضر العديد من المعارض الدولية، ولا توفر الدراسات اللازمة عن الأسواق الخارجية، وبالتالى تجد الشركات الصغيرة صعوبة فى التواصل مع الأسواق بصورة مباشرة لارتفاع التكاليف.
أضاف أن تواصل المنتجين المحليين مع السفارات المصرية فى الخارج غير مجدٍ، مشيراً إلى أن أغلب الشركات تواجه صعوبة فى ترتيب لقاءات بالمسئولين هناك خلال الفترة الماضية.
وقال: إن الدور المنوط بمكاتب التمثيل فى الخارج هو الترويج للسوق المصرى وأهم منتجاتها، لتوسيع قاعدة الصادرات، لكن الواقع ينفى قيامها بهذا الدور لتكتفى فقط بكونها مجرد «رسميات ومناصب».
أضاف شعلان أن الصناعات الغذائية المصرية جيدة وتحتاج إلى بذل مزيد من الجهود من قبل الحكومة لتوفير مناخ قوى لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية خلال الفترة المقبلة.
وقال حسام الشعراوى، مدير شركة الشعراوى للصناعات الغذائية، إن تأخر تسليم حافز «رد الأعباء التصديرية»، يعد من أهم العقبات التى تواجه الشركات الصغيرة، الفترة الماضية، وبالتالى لا تتوفر لديها سيولة مالية كافية لاتمام دورة الإنتاج التالية.
أضاف أن الشركات تواجه صعوبة فى التمويلات البنكية لصعوبة الحصول على الموافقات الخاصة بذلك، كما أن ارتفاع الفائدة غير مجدٍ اقتصادياً، ويعرضها للخسارة فى أغلب الأحيان.
